(ن) الصغيرة


  

بسم الله الرحمن الرحيم

-كم صار عمرك الآن يا نـ.. ؟؟

-ست سنين يا خالي... !!

يالله!.. ست سنوات مضت.. مذ رأيت هذا الوجه للمرة الأولى..

كان يومها رخواّ.. أحمراّ كالكرز.. وعيونه المزرورة تغيب تحت هذا الجبين الواسع.. (جبين بابا).. كما تقول الصغيرة.. ففي معتقدها أن جبينها موروث أبيها.. ووجهها لأمها!!..

 

بدت لي كدمية.. وشعرها الكستناوي الجعد الغزير لاح كخيوط محيكة في هذا الرأس الدميوي.. أمسكت إبهامي بكفها وأصابعها الناتئة الصغيرة كبراعم.. وزمت عيونها أكثر وأكثر.. وكأنما تشبثت بالخيط تنسج منه حلماً غضاً كإهابها..

 

\"أهكذا كنا يا رب؟! \"

سألت نفسي.. وضحكت في كمي.. فأنّى لتلك اليد الضامرة أن تبطش يوماً.. تحيك ثوباً.. أو تطهو طعاماً؟!.. أو تمسك يوماً بقلم.. فترسم ها هنا.. وتكتب ها هناك؟!

 

كان الغطاء يخفيها بين شدقيه والفراش..

أتكون هذه أما؟!.. أوينطق لسانها المنطفئ في فمها الخاوي من سن واحدة؟!..

 

وتكبر (ن)..وتصبح أقدامها مطيتها..لم يعد حملا.. ولا زحفا.. تتفرّس وجهها في المرآة.. وتنضد شعرها.. وتضبط حلياته.. تطلي فمها الفستقي بزبد الكاكاو.. ثم تضحك لهذا الجمال الوليد.. وتنطلق مع رياح الصباح.. مع الطيور.. وعلى ظهرها حقيبة بألوان زهر الربيع..

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply