الشكل والمضمون..دائماً هما الأساس الأهم لأي قصيدة، فاختلال أحدهما قد يؤدي إلى قصور القصيدة شعرياً، والحفاظ عليهما ومراعاتهما يكفل إخراج القصيدة على صورة مقبولة شعرياً، ثم تأتي الموهبة والبراعة لكي تدخلها في جو الإبداع.
أكثر من يدرك صعوبة هذه المعادلة هم الشعراء أنفسهم خصوصاً أوقات العاطفة القوية، فمهما كانت قوة الاندفاع الوجداني، وجموح الرغبة في توصيل فكرة بأي شكل، لا بد للشاعر أن يتوقف ويتريّث، لتقرير الصورة التي ستكون عليها القصيدة أولاً، ثم تحديد الموضوع الذي سيتحدث عنه، وهذان الأمران هما الأرضية التي يبني عليها الشاعر قبل أن يترك العنان لعاطفته.
أما شكل القصيدة فقد تكون نثرية أو عمودية أو غيرها من الأشكال، التي يحدّدها الشاعر حسب ما يرى من قدرة الشكل على توصيل المعنى، من دون أن يفرض على نفسه وتيرة معينة قد تؤدي إلى خروجه عن جو القصيدة والاهتمام بالشكل العام.
بعض القصائد قد تأتي على مخيلة الشاعر بصورة محدّدة، فأحياناً تكون بدايتها على شكل أبيات، مما يجعل الشاعر يواصل على نفس المنوال أو العكس بالنسبة للنثر.
ثم تأتي صياغة الفكرة، وهي الأهم لأنها الدافع الوجداني الأول، ودائماً تتجلى براعة الشاعر عندما يوظف الفكرة التوظيف الأمثل المنطقي، فالفكرة عندما تُدفع للكتابة تكون نزعة اندفاعية غير محدّدة من خلال عدة خواطر وأحاسيس تصب جميعها في مجرى واحد، وهنا يأتي دور الشاعر كي ينظم هذه الخواطر، ويدخلها في إطار واقعي موضوعي يسهل استيعابه وفهمه، والشاعر الجيد هو الذي يقدم الفكرة الواضحة للمتلقي، مع بقاء صدق العاطفة.. والتي - وإن تشابهت بين شاعر وآخر- إلا أنه لا يعني بالضرورة، أن تتشابه صور التعبير عنها، فكل شاعر يعبّر عن عواطفه حسب رؤيته وشاعريته.
لكن يبقى الأهم أن ينجح الشاعر في صياغة فكرته وموضوعه الصياغة الجيدة المناسبة، ومن ثم يأتي دور العملية الإبداعية المتوقفة على هذين العاملين إلى جانب براعة الشاعر وموهبته، مما يضمن كتابة النص الإبداعي بحيث تصل الفكرة إلى ذهن المتلقي بجميع جوانبها، وبشكل عفويّ وبسيط إلى جانب التركيب اللفظي للقصيدة وزناً وموسيقا- وغيرها من الضروريات التي تحفظ للنصّ كونه نصاً شعرياً.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد