ارحمونا من عذاب الرجولة العربية !


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحصار الداخلي والخارجي يخنق مستقبل الرجل العربي

 كونك رجلا عربيا في عمر الشباب بعام 2005 يعني عذابات لن تنتهي، فسوف تكون ملاحقا من كل أجهزة المخابرات بالعالم، والكل يريدك لهدف وتهمة واحدة على الأقل: الأمريكي يراك مسلما إرهابيا، الإسرائيلي يراك عربيا تستحق \"التجزير\"، الفرنسي يعتقد أنك تهدد دولته وعلمانيته بإسلامك، وكل مخابراتنا العربية تراك عنصرا يهدد طبقة الأوزون وكمية الأوكسجين بالعالم وعليهم أن يوازونا - معشر الرجال- بيئيا...وهلم جرا.

أن تكون شابا يعني أنك ستمارس عادتك السرية لنصف عمرك وأنت ملقى بطابور الانتظار للزواج، أن تكون شابا يعني أن تقضي 3 سنوات من عمرك بالجيش، تحت صرخات \"استعد\" و\"استرح\" والركض تحت الشمس والعرق وأوامر بعض البذيئين عليك.

الراتب التافه لا يكفيك طعاما من مطعم الفلافل، ولكم تبدو بريئا وأنت بملابس الجيش، تقف ملتهما سندويش فلافل سيئة، تأكلها بنهم بعيونك الملائكية الطيبة وأنت تحلم بالغد... وقد يأتي الغد.

 

آليات تنطح آليات

الزواج يحتاج مالا والمال يحتاج وظيفة، الوظيفة صعبة، وما أكثر الأعذار: تدهور اقتصادي، حروب، عمالة أجنبية، منازعة نسائية بالعمل، آليات التمييز الإيجابي للنساء بالعمل، آليات منع التمييز ضد المرأة.... إلخ. آليات تنطح آليات.

كل شيء يقف بوجهك، كل شيء يريد منك أن تكون \"راجل\" وتأكل صفعتك -أو نصيبك- وتذهب للصفعة التالية، وهكذا يمر العمر بملاحقة الوظيفة، أو تأمل جمال البنات السافرات من خلف بقالة أبو تحسين أو أبو مروان أو أبو درويش، وهؤلاء بدورهم يتأملونك كشيطان رجيم، يمر العمر لتضحك من فكرة الزواج - وهل ستنجب طفلك الأول بعقدك الرابع؟ - ولتتحول ثوراتك الجنسية لنفثات متباعدة بالنارجيلة ودمدمات أم كلثوم وهي تنشد بعاطفة تشك أنها كاذبة: \"رجعوني عينيك لأيامي اللي راحوا... علموني أندم على الماضي وجراحو\".

أن تكون شابا يعني أن أباك سيعاركك فور عدم عملك، ويسمعك النشيد المعتاد عن طولك الفارع (وكأنه ذنبك) وقلة عملك وسخرية أبي فلان منك، مصحوبة بحاجة المنزل للمال، وتخرج فعلا تبحث عن عمل، أي عمل يخلصك من ذلتك ومأساتك... لا عمل.

 

بين فكي الأسد

فجأة يقرر العم سام أو زعيمك المغوار أن يقاتل، وهكذا عليك أن تعود للجيش ولأوامر أصحاب الشوارب الكثة والزئير غير المنقطع، قد تخرج من الحرب أو لا تخرج، قد تخرج كاملا أو ناقصا بجسمك وروحك وعقلك.

الجيش انتهى، وعدت تريد أن تعمل وربما ستتزوج من فتاة لا ترغب، لكن تهمس لنفسك بسخرية \"عصفورة باليد خير من 100000 بالشوارع\"، وهكذا تتزوج بحفلة تعيسة تثير غثيانك، المنزل هو غرفة بمنزل الوالد، والعمل أيا كانº يوما بقال، جزار، خباز، نجار، سمكري وربما ماسح أحذية.

وهل الشغل عيب؟ هل سيموت ابنك الجميل جوعا؟ وزوجتك.. هل ستخرج للعمل وقد تزوجتك أصلا لأنها لم توفق بالزواج من صاحب شهادة على عكسها؟ أو أنها لا تعمل وعندها- بحال عملها- لن تتنازل بتأمل وجهك المهموم.

حسنا.. ستعمل زوجتك، والطفل سيكون عند جدته، تعمل أينما كانت، لكن رجاء لا تندهش: الكل يتحرش بها، الكل يلاحقها، وكل برامج إعلامنا تؤلبها ضدك، أعتقد أنك تفكر بالانتحار الآن، وتعد الحجة لكي يعفو الله عنك. لكنك تقف وتحسب ثمن القبر واللحد وربما قليلا من السيارات لحمل المعزين... آه حسنا، لا فائض ماليا حاليا وستؤجل قرار الانتحار.

 

حكاية بلا نهاية

عمرك يتقدم.. الديسك بظهرك يؤلمك وأمراض أخرى تظهر. \"ياه يابو فهد\".. تهمس لنفسك أنك ما زلت شابا وتغلب عشرة من فتيان اليوم.. حقا؟.. نعم أنت كذلك، لكنك متعب منذ عقد ليس إلا، وتستمر حياتك، والزوجة تبرد جنسيا أو تتبارد لكي ينتهي هذا الجانب من حياتك، ولتبدو رجلا به بدايات الشيب، تمر بالشارع وأمامك أولئك الشبان الصغار اللطفاء بملابس الجيش وسندوتش الفلافل وضحكاتهم البريئة، وعيونهم الساخنة على بنت مستهترة تتفنن بتعذيب المجتمع بجمالها. آه واحذروا، من يهمس لها بكلمة فقد يسجن... انظروا وكلوا الفلافل فقط.

تكبر يابو فهد، والقبر غالي السعر. ياه، من أين ستأتي بمال القبر يابو فهد؟ تفكر هكذا لتجد نفسك خارج الجسد.. ماذا جرى؟ آه إنك ميت، لا تصدق طبعا أبو فهد.. تعرف أن الموت هو حالة انتقال فقط، ليس نهاية إطلاقا. يرى جسمه ممددا على الفراش القديم، يظن الناس أنك ارتحت يابو فهد، لكنك تتأمل جثتك كي تدفن، الابن -العسكري المنتوف- يستدين المال ليدفن الوالد، ربما سترتاح يابو فهد، لكن فهد الغالي يبحث عن وظيفة، مع أن هناك حرب قادمة وإسرائيل تهدد.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply