وماذا بعد يا بغداد ؟!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

(1)

وماذا بَعدُ يا بَغدادُ يا بَغدادُ! ماذا بَعد؟ !

مَتى تُروى على الدٌّنيا.. حَكايا الفَجرِ مَسحوقاً..

مَتى تُروى حَكايا الوَرد؟

بَكى تَاريخُنا المشهودُ يا بَغدادُ في نَيسَان

تَعودُ جُيوشُ (هولاكو)بِحقدٍ, فَاتكٍ, أَسوَد

تُحيلُ الزَّهرَ و الأنداءَ و الأَلوان

إلى مَوتٍ, عَلى طُغيانِهم يَشهَد

لأَنَّا فِكرُنا حُرُّ يُضيءُ مَشارفَ الأَكوان

فَقَد جَاؤُوا بألوانٍ, مِنَ الإرهابِ و الصٌّلبان

ويَكسُوها لَبُوسُ الزٌّورِ و البُهتَان

لِطَمسِ السِّلمِ.. طَمسِ الحُبِّ في الإنجيلِ و القُرآن

لًقد جَاؤوا بِحقدٍ, مالَهُ حَدٌّ..

لِصَلبِ الفِكرِ و التَّاريخِ و الإنسَان

وَ لكِن فكرُنا المَحميٌّ بالتَّاريخِ و الإنسَانِ و الإيمان..

بالإنجيلِ و القُرآن

يَظَلٌّ إِباؤهُ المَشبُوبُ يَستَعصي على العُدوان

 

(2)

قَرأنا سِرَّكِ الوَضَّاءَ يا بَغدادُ بَينَ الدَّمعِ و الأَحزَان

عَدوٌّ الشَّمسِ يَأبى أَن تكوني سَاحَةَ الفُرسَان

و أنتِ السَّيفُ يا بَغدادُ.. مثلُ دِمشقَ.. سَيفُ القُدسِ.. سيفُ العُربِ لا يَنبُو..

بكُلِّ إبائِهِ جُرِّد....

بِوجهِ القَهرِ و الطٌّغيانِ و الشَّيطان

وَ حَيفا الغِمدُ.. كانَ الوَعدُ.. حَيفَا الغِمدُ... لكن

مِثلَ لَمحِ البَرقِ قَبلَ أَوانهِ يُغمَد..

فأَينَ الوَعدُ يا بَغدادُ؟ أينَ الوَعد؟ !

و كَيفَ؟! وَ كَيفَ؟!... لا جَدوى، فَبابُ جَوابِها مُوصَد

 

(3)

وإن رجحَت لِبَغيٍ, كَفَّةُ الميزان

سَتَنهَضُ مِن رُكَامِ القَهرِ عَاصِمةُ الرَّشيدِ

وكالطٌّوفانِ

كالزِّلزالِ.. بالعَزمِ العَنيدِ..

لِتَقصِمَ كُلَّ شيطانٍ, مَريدِ..

وتَاجُ النَّصرِ فَوقَ جَبينِها يُعقَد

فَسَيفُ الثَّأرِ في يَدِهَا رَهِيفاً

مِن صَدَى التَّاريخِ و الإرثِ المَجيدِ

 

(4)

دَمَ الشٌّهداءِ! يا وَرداَ نَما زَهواً بملء مَساحةِ الوُجدان..

تَظلٌّ القُدسُ جُرحاً في هَوى بَغدادَ.. لا يُنسى على الأزمان...

و جُرحُكَ يا هَوى بَغدادَ نوَّرَ في جَوانحها، و كحَّل عُمقُهُ الأَجفَان

فَنَحنُ و أنتِ يا بَغدادُ بَينَ جراحِنا عَهدُ

و لن يُمحى بِفَتكِ الظٌّلمِ و الطٌّغيان....

 

(5)

عَدوٌّ الفَجرِ في حَيفا، وعِلجُ الرٌّومِ في بَغدادَ يَحتَشِدان...

بِلُؤمِهما و مكرِهما لقَهرِ دِمشقَ يَحتشِدان...

لقَتلِ الوَردِ و التَّاريخِ يَحتَشِدان

لِوأدِ الخَيرِ و العِرفان...

أمَا قَرأا مِنَ التَّاريخِ أَسفاراً: بأنَّ الحَقَّ لا يَفنى...

فكَم أُسِرَت شُعُوبٌ في مواطِنها فلم تَركع..

وضَجَّت مِن تَمرٌّدِها قُيودُ السِّجنِ و السَّجَّان...

وزالَ الظٌّلمُ... و الجَلاّدُ يَطويهِ صَدَى النِّسيَان

وأنَّ دِمَشقَ عِزَّ الشَّرقِ لم يُصدَع لَها بُنيَان

فكَم نكصَت خُيولٌ عَن مَلاعِبها..

وظَلَّ الكِبرُ تَاجَ الشَّامِ وَضَّاءً، و ظَلَّ السَّيفُ مَرفُوعاً..

ليَحمي الوَردَ رَمزَ الشَّامِ.. رَمزَ العُرفِ و الإحسَان..

يَحمي الزَّهوَ في الأغصَان..

 

(6)

عُلوجُ الرٌّومِ في بَغدادَ و الأقصى كأَسلافٍ, هُمُ خَبَرٌ لـ (كَانَ)

وَقَد تَنـزَّى الأُسدُ في القُضبَان.

هُمُ خَبَرٌ إذا اتَّقَدَت جِبالُ الأَرضِ بالبُركَان..

سَيَلفِظُهُم تُرابُ الأرضِ... تَلفِظُهم سُهوبُ الأَرضِ و الوُديان..

سَتَلفظهُم رِمالُ الشَّطِّ و الخِلجَان...

وكَم لَفظَت أَغاني المَوجِ و الشٌّطآنِ.. مِن قُرصَان!...

 

(7)

وماذا بَعدُ يا بَغدادُ... مَاذا بَعد؟!

صَهيلُ خُيولِكِ العَرباءِ لم يَكتمهُ ذُو بَطشٍ, و ذُو سُلطَان..

يَهُزٌّ مَسَامعَ الدٌّنيا بِنُبلِ الرَّفضِ و العِصيَان...

 

(8)

وَماذا بَعدُ يا بَغدادُ. ؟.. مَاذا بَعد؟

وأَيٌّ قَصيدةٍ, تَسمُو إلى مَعنىً سَبقتِ بهِ مَعاني الشِّعرِ و الشٌّعراءِ؟

أمامَ شُموخِكِ الوَضَّاءِ..

يَذوي الحَرفُ.. يَبقى الشِّعرُ تَقطيعاً، صَدى أَوزان..

فأَنتِ الشِّعرُ.. أَنتِ الشِّعرُ و العُنوان..

لِكُلِّ قَصيدةٍ, صِيغَت لمَجدِ الأَرضِ و الإنسَان

 

(9)

عَلى آفَاقِ أَسلافٍ, لنا ظَهَرُوا عَلى الدٌّنيا عَروسُ المجدِ و التَّاريخِ يَعتنقَان

مَتى و لَقد تَداعى عَلى تَغَاضِينا و ذُلِّ سُكُوتِنا أُمَمٌ؟

مَتى في عَصرِنا المَحفُوفِ بالنَّكسَاتِ و الآلامِ يَلتَقِيان؟

غُثَاءَ السَّيلِ أَمسَينا، مَتى يَلقى نِداءُ الزَّهرِ و الزَّيتون..

مَتى يَلقى لَهُ آذان... ؟

 

(10)

دِيارُ السِّلمِ في أَكنافِ أَقصَانا

يَجُوسُ خِلالَها حَقّاً رجالٌ لا تَهزٌّهُمُ الجبالُ...

أُولو بَأسٍ, شَديدٍ, في ثَباتِهمُ بِوَجهِ مُغولِ هذا العَصرِ و الغِيلان...

و لَن تَسمُو لمَوطِئِ نَعلِ أَدنَاهُم.. رُؤُوسٌ فَوقَها تِيجَان..

أَلا خَسِئَت بأَشباهِ الرِّجالِ مَذَلَّةٌ

غَلَّت نُفُوسَهُمُ فما فَعلُوا، و ما قَالُوا..

لقَد خَانُوا عُهودَ أُخُوَّةٍ,.. خَانُوا عُروبتَهم..

سَتَخلَعُهُم عُروبتُهم، و تَمقُتُهم عَلى التَّاريخِ أَجيَالُ..

وَ مِن كَلمٍ, كَريحِ المِسكِ يُكلَمُ في سَبيلِ اللهِ تَطلعُ وَردةٌ حَمراء

تُصهَرُ في تَوهٌّجِها السَّلاسِل

وتَزهُو في تَألٌّقِها السَّنابِل

ولن يَقوى على كَتمِ الأَريجِ الحُرِّ سَجَّانٌ ولا قَاتِل

 

********

يُرَفرفُ طَائرُ البُشرى.. يُرَفرِفُ أَخضَرَاً أَخضَر

لخَيرِ النَّاسِ أُمّتُنَا سّتُخرَجُ تَارةً أخرَى

وإِن نَعَقَت وَراءَ الفَجرِ آلافٌ مِنَ الغِربَان

فَنَحنُ الأَصلُ.. لا(بُوشٌ) على كُرسيِّه يَبقى

و لا جلاّدُهُ (شارون)...وإنَّ الفَجرَ قَد عُقِدَت لَهُ الأَيمان

وكَلمُ القُدسِ نِبراسٌ يُعِيدُ المَجدَ والتَّاريخَ.. في الآفاقِ يأتَلِقان

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply