سمعتُ ذاتَ عصرِ أخرِ عدٍ, من شعبان صخباً وضجيجاً
أرَّق حالي..وأشغل بالي..فرحت أستطلع الخبر.. وأتبيَّن مصد ره..
واستكشف سرَّه ومخبره.. فتبدَّى لي الأمر عجباً
جحظت عيناي من هوله.. وأصابني روعةٌ وجزعٌ منه
إذ باثني عشر فارساً على صهوته وجواده..
كلٌ ملك ناصية البيان.. وبدا كأنه ملك الزمان برهطه وعد ده، وجنده ومد ده
ليتبدى الأمر كأنه مناظرةٌ عظيمة بين هؤلاء الفرسان
كلٌ فيها يُقدم د ليله، ويُبدي حجته، ويُظهر مزاياه، ويتفاخر بها على أقرانه
فتسللت بينهم خفية.. وجلست أرقب المناظرة العجيبة
التي ألقت الرَّهبةَ في نفسي.. والهيبةَ في حسي..
خشية أن يقع بينهم ما يقع وينالني منهم ما ينال من يد خل في مالا د خل له فيه
فصمتُ وحبستُ أنفاسي.. وأقمت بمكاني بينهم د ون حراك.. ود ون أن أنبس ببنت شفة
وفي نظري دهشة.. وفي قلبي روعة..
وا ستمرت المناظرة كلٌ بزهوه وألقه... ونجومه ورتبه...
ليتبدَّى الواحد منهم بعد أن أبدى حجَّته كأنه فارسُ الرِّهان، بما حجَّ به الأقران
والجمع بعدها يُحيِّيه.. ويُكبرُ قد ره..
وتوالى الفرسان على المكان وكلهم ذ ربُ اللسان.. فصيح البيان
حتى استنفذ أحد عشر فارساً منهم حجَّته ولم يتبق إلا واحداً ظلَّ صامتاً
ممتطياً صهوة جواده، يتأمل حال القوم مصغياً لهم بحلم وأناة
متألقاً بمحياه، وعلى جبينه الوضاء بعض قطراتٍ, تبدت كالدٌّرِّ من العرق
بعد أن طال زمن المناظرة.. وامتد أمد الجدال.. وغربت شمس هذا اليوم
ودخلت ليلةٌ جديدة في عدِّ الزمان.
وهنا تساء لت في نفسي لم هذه المناظرة؟
ولماذا كل هذا الجدال؟
ولم التفاضل وكلهم في العدِّ سواء؟!
وكلهم بزمنه سواء؟! وكلٌّهم في ساحة الأيام سواء؟.
وإذ بالغمام ينشق ليفترَّ عن هلالٍ, كأنَّه الدٌّرٌّ المتلألئُ فرحةً يتبدى في كبد السماء
بأروع حلة في تلك الليلة الليلاء بدا كأنه سرج للفارس الذي ظل صامتاً
ليفاجئ الجمع ويلقي بتحيته عليهم.. وينادي فارسه..
هلمَّ إلي.. ليركب على متنه.. ويمتطي صهوته
وكأنه قد عاد ت إليه روحُه.. ورُدَّ إليه قلبُه.. وعاد إليه نبضُه في الزمان
وإذ بالجميع يتهلَّل وجهه.. وتنفرج أساريره.. ويتألَّق محياه..
ليشخصوا بأبصارهم نحوه مهلِّلين مباركين قائلين بصوتٍ, واحد:
هو ذاك.. هو ذاك ومن كمثله بين الشهور؟
ففرحت وابتهجت، وأنست وانتفضت كي أخرج من بينهم بهد وء دون أن أُ شعر أحداً منهم
لأستعدَّ لهذا الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك وكل عامٍ, وأنتم بخير.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد