لولا اشتمال الأضلع على القلوب لَطارت شوقاً إلى مولاها، ولَهَفَت لَهفَة إلى محبوبها.
ولولا اشتمال الأضلع على القلوب لطارت فَرَحاً إذا رأت ما يسرّها، أو عَلَمَت بما يُهنِّـئها
ووالله إن الصدور لتنشرح حينما ترى أسراب العائدين إلى الله..
وإن الـنَّفس لتبتهج حينما تَرى الحق يَعلو رغم المكر الكُـبّار!
وإن القلب لَيَخفِق حين تسمع عن فتاة تأبّت على مظاهر العُري وتَعالت على عالم الموضة، وتَخلّت عن عالم الماديات.
وإن النفوس لتفرَح في قراءة هِمة امرأة سَمَت إلى العلياء، فتاقت نفسها إلى الجهاد في سبيل الله.. فأقول عندها: إن الأمة لا تزال بِخير.. وإن من سوء حظّ أعداء هذه الأمة أن حاربوا أمة هذا تفكير بعض نسائها..
وتُسر النفوس حينما ترى فتاة في طريق الدعوة همّها العِلم، وهِمّتها عند الثريا..
حينها تهتف الدنيا مُردِّدة:
يا أمّـة الإسلام لَستِ عقيمة *** ما زلتِ قادرة على الإنجابِ
نعم.. لقد أنجبت أمتي فتاة واعية.. همّها عند الثريا وإن وطِئت الثرى.
همّها في عِلم ودعوة على بصيرة..
تخطّت الذٌّرى.. فَهِمّتها تُناطِح السّحاب
تَعالَت على خسيس شهواتها، وهَجَرت لَذّاتها
ونادَت بأعلى صوتها:
يا ساكنة القاع، إن القمم لا تُوصَل إلا بِهِمَم!
سَاكنة القمّـة حَدَاها الحادِي:
وتخطّى الذٌّرى ونادَى رويداً *** أقبِلي يا صِعاب أو لا تكوني
لا تُعيقها الصِّعَاب، ولا تحجزها العقبات..
هَمّها في عِلم وتعلّم وتعليم
وهمّ غيرها في زيّ ولباس!
همّها عند الـنَّـجـمِ
وهَـمّ غيرها عند القَدَمِ
فأنى يُقاس هَـمّ بـ هَـمّ؟!
أُكـبِـرُ فيها أنها تَبِيتُ في سهر على تنقيح العلوم
وأُجِـلٌّ حرصها على العِلم رغم عدم توفّر وسائله لها
لعلها لا تجِد أخـاً يُلائمها، أو ألفَت أبَـاً مشغولاً
أو قُوبِلت باستهزاء وسُخرية مما تَعمَل!
أو هاجمها سَيل الباطِل، وكَثرَةُ المشتغلات بالأزياء!
فما عاقها ذلك عن التطلّع إلى القِمم
وما صَدّها ذلك عن غاية تَسمُو إليها
إننا نضعف.. وربما تقهقرنا.. أو مَللنا.. ونحن الرِّجال الأشداء
لكنهن ما ضعفن.. وما مَللنَ.. رغم ضعفهنّ
إن العِلم بوجود أمثال هذه الهمم التي تسمو إلى القمم لَـيُريح النفس، ويُشعرها أن الأمة لا تزال بخير.
وأن أمة تُنجب أمثال أولئك أمة لن تموت.
وأمة تنهض نساؤها حريّ أن لا تسقط.
والله إن القلب ليكاد يطير من بين الأضلع حينما أقرأ سؤالاً لِفتاة لم تبلغ العشرين تسأل عن قِتال الأعداء! وعن المشاركة في الجهاد بالنفس والنفيس!
لله أبوها! ما أعلى هّمتها، وما أعظم همّها
استيقظَت همّتها، وأفاق همّها، فناطَحتِ السَّحاب، وعانَقتِ الثريّـا
في حين أن فِـئاماً يُنسَبُون إلى الرّجولة.. لا زالوا عبيداً لشهواتهم، وأسرى لملذّاتهم..
فالأسير أسـير هواه..
وتـبّـاً لكل عبدِ دينارٍ, ودرهم
حنانيك أُخيّـه.. لقد أزريتِ بنا في سؤالك..
وأشعلتِ الأمل بِقَدر الألم
وأوعَزتِ لنا أن أمتي لا زالت بخير
وأن أمتي أمـة وَلُـود
وأن أمتي أمـة مِعطاء
وأن في الأمة نساء كنساء الرعيل الأول
فاشهد يا تاريخ
وسطّر بمدادٍ, من عِـزّ وفَخَار
واطبع قُبلَة على رأس كل ذات همّـة عالية
وذات هـمّ وهِـمّـة
وكل سليلة مَـجـد
ورَبيبَـة كرامـة
وكل فتاة أبيّــة
وكل صارخة في وجه الشرّ والفسَاد
وكل من أمسَت يَبِيتُ هَـمّ الدعوة حيث بَاتَت!
ثم اشهد يا تاريخ
أن الخنساء وسُميّة وأسماء وأمهات المؤمنين ونساء مؤمنات – أورَثنَ مَجداً وعِـزّاً
وأن لكلٍّ, وارِث
وسَطِّر يا تاريخ أسماء نساء دَخَلنَ التاريخ بعفافهن.. وسِرنَ إلى العلياء بجلابيبهنّ..
وأن الحياء لم يَمنع من ارتياد القمم
ولا من تسلّق الصِّعاب
ولا من تَخطِّي الـذٌّرى
وأنه لا تَعارض بين الحياء والعفاف وبين علوّ الهمّـة وارتياد القمّـة.
فموسى عليه الصلاة والسلام الذي وُصِف بأنه القويّ الأمين.. وُصِف بكثرة الحياء!
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعاً: \" إن موسى كان رجلا حَيِيّاً سِتِّيراً، لا يُرى من جلده شيء، استحياء منه \".
فلله درّ نسوة عَلَت هِمَمهن حتى أخذن بأطراف المجد، وبِأركَان الشَّرف.
وأمتي اليوم تحتاج إلى نساء يَحمِلنَ الهمّ.. لا أن يَكنّ هُنّ هـمّ الدعوة والدٌّعاة!
فكوني – رعاك الله – حاملة همّ الدعوة، وراية النصر، ولواء العِـزّة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد