سوسو وأخلاق شيخ السلطان


 

بسم الله الرحمن الرحيم

رغم أن السلطان يعيش في قصر مهيب، وعيش رغيب، وخير قريب، وشعب أديب، يشعر بالملل، فحوله الهمل لا يرون العمل، إلا بكثرة الزلل. مما تسبب ذلك بأن تنكّست أحلامه، وهدّمت آماله، وتكدرت أحواله، وما عاد يسعده رجاله ولا أمواله. وجلس طريح الفراش، لا يبالي بمن مات من شعبه أو عاش. فجاءه كل حبيب، وأستدعي له الطبيب، وعلم بأمره الغريب والقريب.

وصعب أمره على شيخه الأمين، فجاءه يسعى بقلب حزين، يشاوره في أمره الأصحاب، ويطرق للحل كل باب. فدخل على السلطان، برأس منحني، وأعضاؤه من الهيبة لا تنثني، يسأله عن أحواله، وكيفة تعكر باله.

 

شيخ السلطان: مولاي السلطان: لمَ هذه الأحزان؟

 

السلطان بحزن وكآبة: فارقني السرور، وأرهقني الغرور، ومللت الحضور من كثرة الأمور، وسئمت القصور، ويكأنها القبور.

 

شيخ السلطان: أكل هذا كان، وأنت مليك الزمان، ما أردت كان، وما كرهت فانٍِِ,؟

 

شيخ السلطان يخرج من عند السلطان حزيناً مهموماً، يفكر كيف يرجع للسلطان أفراحه، ويخرج عنه همومه وأطراحه؟

 

وفجأة وصل للحل، أجل وصل للحل، ! إنه سوسو المهبول، فقوله مقبول، وفعله معسول.

 

شيخ السلطان يتحدث مع سوسو الفنان: سوسو الفنان، اذهب إلى السلطان، وأعد له الأمان

 

فانظم المعاني، بأجمل الأغاني، وابلغ المعالي بالنكت الحسان،

 

لترقص الطيور، وتزهر الزهور، وتشدو البحور، بالعزف والألحان،

 

وحقق الأماني، وردد المغاني، لتهل التهاني، وتذهب الأحزان،

 

وجمّل الأمور، وأدخل السرور، لتعيد القصور إلى ما كان،

 

وعندها يا سوس، تكثر الفلوس، فتطيب النفوس، ويحبك السلطان.

 

سوسو: حسناً إني أوثق العهود، وبأن أبذل الجهود، وأطلق القيود، وأحقق الوعود، ليرجع الأمر إلى ما كان.

 

وبعد أن انتهى الحوار بين شيخ السلطان، وبين سوسو المطرب، ذهب سوسو المطرب لقصر السلطان، بهمة وجد وألحان!!!

 

فأخذ يعزف للسلطان أعذب الألحان حتى: غنت الأطيار، ورقصت الأشجار، وفتحت الأزهار، ورددت الألحان، وخضرت السهول، وأثمرت الحقول، فأتت بالحلول، ورجع السلطان إلى ما قد كان.

 

فعاد سوسو المطرب فرحاً مسروراً إلى شيخ السلطان ليخبره بالأمر.

 

سوسو يقول للشيخ: السلطان عاد إلى ما كان، وامتلأ القصر فرحاُ وأمان، وزالت عنه الهموم والأحزان.

 

شيخ السلطان بفرح وسرور: أحسنت يا سوسو، ولكن هل منحك السلطان العطايا؟

 

سوسو: بالتأكيد يا سيدي الشيخ.

 

الشيخ: فأين نصيبي منها يا سوسو؟

 

سوسو: تعلم يا سيدي الشيخ: أن ديوني كثيرة فقد أنفقت كل العطايا، ولم يبق منها بقايا.

 

شيخ السلطان بغضب: سوسو لا تمازح، فالصبر مني نازح، وفكري في العطايا سارح.

 

سوسو: إني لا أمازح، ولا أقول يا سيدي إلا الحق.

 

شيخ السلطان بصوت عال: أيها الجهول: تدبر ما تقول، وهات المعقول، وعنه لا تميل، فافهم ما أقول، افهم ما أقول.

 

وإلا لا أبالي، بضربك وأغالي، ورب الجلال، بسيفي المسلول.

 

سوسو الدخيل: شيخي الجليل، الكذب مستحيل، وإليه لا أميل، وربي الجليل،

 

إني صدوق، وقولي موثوق، وقولك مخروق، فلست بالجهول.

 

شيخ السلطان بغضب شديد ينظر عن يمنيه، وعن يساره، يأخذ عصا غليظة وينهال على رأس سوسو ضرباً وهو يقول اتفو عليك يا سوسو، يلعن...يا سوسو، يا ابن... يا سوسو.

 

سوسو من العذاب، يركض نحو الباب، وخلفه الشيخ المرتاب، عد أيها الكذاب، عد أيها الكذاب.

 

 سوسو بصوت عليل، فالدم من رأسه يسيل، شيخنا الجليل: ارحم من في الأرض، يرحمك من في السماء، يرحمك من في السماء.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply