ما جاء في الدعاء في لغة التنزيل

3.5k
3 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

قال - تعالى -: (ألا بُعداً لِعَاد قَوم هُود) (هود: 60).

(أَلا بُعداً لِثَمُود) (هود: 68).

(أَلا بُعداً لمدينَ كَما بعدت ثَمود) (هود: 95).

والبعد هنا الهلاك، وقوله: بعدت ثمود أي هلكت، قال مالك ابن الريب:

يقولون: لا تبعد، وهم يدفنونني وأين مكان البعد إلا مكانيا

وقد فرق في الفعل بين البعد بمعنى الابتعاد، فقيل في الأولى(بعد) مثل(فرح) وفي الثانية: (بعد) مثل (كرم) وهذا شيء من لطائف هذه اللغة الكريمة. وقال المتنبي:

أبعد بعدت بياضاً لا بياض له لأنت أسود في عيني من الظلم

ومن الدعاء قوله - تعالى -: (تبت يدا أبي لهب) (المسد: 1) أي ضلتا وخسرتا، وقال اخسر بها من صفقة لم تستقل تبت يدا صافقها ماذا فعل

ومن الدعاء أيضاً، قوله - تعالى -: (فَتعسا لَهُم وأَضَلَّ أّعمَالَهم) (محمد: 8). أي هلاكاً لهم.

ومن الدعاء أيضاً قوله - تعالى -: (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) (يونس: 10).

ولا تعدم الآية الأولى من(الفاتحة) أن تكون مفيدة للدعاء لدى من يتلوها: (الحمد لله رب العالمين).

ومثل هذا، دعاء الصلاة: (لك الحمد ملء السموات والأرض).

ومن الدعاء أيضاً قوله - تعالى -: (دَعواَهم فيها سُبحانَك الَّلهم وتَحيتُم فيها سَلام) (يونس: 10).

وقد يتوصل إلى الدعاء بالمصدر(حمداً) فيقال: حمداً لك اللهم.

ومن الدعاء في لغة التنزيل العزيز: (فسحقاً لأصحاب السعير) (الملك: 11).

والسحق: البعد، فكأن المعنى: فبعداً لأصحاب السعير.

ومكان سحيق أي بعيد.

وفي التنزيل: (أو تَهوي به الرَّيح في مَكَانٍ, سَحِيق) (الحج: 31).

وحديث(السلام) مستفيض في لغة التنزيل، وهو في آي كثير يراد به، الدعاء ومنه: (وإذَا جَاءك الَّذِينَ يؤمنون بآياتنا فَقُل سَلامٌ عَلَيكُم)(الأنعام: 54).

(ونَادوا أصحاب الجنَّة أن سَلام عَليكم) (الأعراف: 46).

(وتحيتهم فيها سَلام) (يونس: 10).

(ولَقَد جَاءت رسلنا ابراهيم بالبشرى قَالوا سلاماً قَال سلام)(هود: 69).

(سَلام عَليكم بما صبرتم فنعم عُقبى الدار) (الرعد: 24).

(وَسَلام عليه يوم ولد...) (مريم: 15).

(والَسَّلام على يوم وُلدت...) (مريم: 23).

(وَسَلام على المرسلين. والحمد للهِ رب العالمين)(الصافات: 181).

ومن الدعاء قوله - تعالى -: (ربنا اطمس على أموالهم) (يونس: 88).

أي غيرها. وقد ورد(الطمس) في لغة التنزيل ومنه قوله: (ولو نشاء لطمسنا على أعينهم) (يس: 66).

وقال - تعالى -: (الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب) (الرعد: 29).

ذهب سيبويه بالآية مذهب الدعاء.

ويحسن بنا أن نقف طويلاً على كلمة(طوبى) التي أفادت الدعاء، لنقول فيها شيئاً وذلك لخصوصيتها واختلاف الأقوال فيها.

طوبى: فعلي من الطيب، وكأن الأصل(طيبى) فصير إلى الواو لمكان الضمة فيها.

ويقال: طوبى لك وطوباك.

قال يعقوب: و تقل: طوبيك.

وجاء في(التهذيب): إن العرب تقول طوبى لك، ولا تقول طوباك.

وهذا قول أكثر النحويين، إلا الأخفش، فإنه قال: من العرب من يضيفها فيقول: طوباك.

وقال أبو بكر: طوباك إن فعلت كذا، قال: هذا مما يلحن فيه العوام، والصواب: طوبى لك إن فعلت كذا وكذا.

وقالوا: طوبى: شجرة في الجنة.

وقرأ ثعلبة: (طوبى لهم وحسن مآب) فجعل(طوبى) مصدراً كقولك:

سقيا له. ونظيره من المصدر الرجعي، واستدل على أن موضعه نصب بقوله: (وحسن مآب).

وهو خلاف ما ذهب سيبويه، إلى أن موضع(طوبى) الرفع عطف عليه بقوله

(وحسن مآب) مرفوعاً.

قال ابن جني: وحكى أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني في كتابه الكبير في القراءات، قال: قرأ عليّ Q أعرابي بالحرم: (طيبى لهم) فأعدت فقلت: (طوبى)، فقال: (طيبى)، فأعدت فقلت: (طوبى)، فقال: (طيبى)، فلما طال علي قلت: طو طو، فقال طي طي.

قال الزجاج: جاء في تفسير عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن(طوبى) شجرة في الجنة. وقيل: طوبى لهم، حسنى لهم، وقيل: خير لهم، وقيل: خيرة لهم.

وقيل: طوبى اسم الجنة بالهندية، وقيل بالحبشية(1).

وقال قتادة: طوبى كلمة عربية، تقول العرب: طوبى لك إن فعلت كذا وكذا، وأنشد:

طوبى لمن يستبدل الطود بالقرى ورسلا بيقطين العراق وفومها.

أقول: ومن قال: طوبى عربية فقد أدرك الصواب، وذلك لأن أصل(ط و ب، ط ي ب) من الأصول العربية القديمة في العربية وسائر أخواتها من اللغات السامية.

ومن الدعاء قوله - عز وجل -: قال: (أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) (البقرة: 67).

قالت: (إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ً) (مريم: 18).

قال: (معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي) (يوسف: 23).

ومن الدعاء أيضاً قوله - تعالى -: (هب لنا من لدنك رحمة) (آل عمران: 8).

(والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين) (الفرقان: 74).

وقوله - تعالى -: (قاتلهم الله أنى يؤفكون) (المنافقون: 4).

ونجتزي بهذا القدر مما ورد من الدعاء في لغة التنزيل العزيز.


أضف تعليق