بسم الله الرحمن الرحيم
تتعالى كل يوم الأصوات المتخصصة في علوم الطب والهندسة الوراثية التي تطالب بالفحص الطبي للمقبلين على الزواج لتجنب إصابة الأبناء بأمراض وراثية أو أمراض التخلف العقلي والتشوه الخلقي وغيرها من الأمراض الأخرى التي يمكن تجنبها أو الوقاية منها متى تم اكتشاف إمكانية حدوثها قبل أن تحدث الإصابة بها.
يقول د.محمد موافي استشاري الميكروبيولوجي والمناعة والفيروسات ومدير المختبرات بمستشفى الحمادي بالرياض: لمعرفة أهمية الفحص الطبي للراغبين في الزواج يجب أن نعرف نبذة عن الأمراض الوراثية. وهي مجموعة من الأمراض ذات الأعراض المزمنة التي يتم توريثها من الوالدين إلى الأبناء والبنات عن طريق المادة الوراثية لديهم وهي الجينات. ومن أكثر الأمراض الوراثية انتشاراً أمراض الدم الوراثية \"مثل خلايا الدم المنجلية التلاسيميا الهيموفليا وهي أمراض يتم توارثها بصفة تسلسلية منتظمة من الوالدين حاملي الصفات الوراثية المتنحية \"غير الظاهرة ولا يوجد لها أعراض واضحة لدى الأب أو الأم\" إلى الأبناء والبنات.
طريقة التوارث:
وعند توارث أبوين حاملين للجين الوراثي للمرض لابد أن يصاب أحد الأبناء إصابة ظاهرة.
الأبوان حاملان للجين الوراثي للمرض:
وعن الأمراض الوراثية في الدم والتي يمكن الكشف عنها من خلال الفحص قبل الزواج، والتأثير المرضي لهذه الأمراض. يقول د. موافي: من هذه الأمراض صبغة الدم المنجلية والتي يتراوح تأثيرها ما بين أنيميا مزمنة ونوبات ألم حادة وتشوهات في الهيكل العظمي للابن المولود، ويتم تشخيصها عن طريق اختبار تشنجي بالتحليل الكهربي للصبغة في هيموجلوبين الدم، كذلك مرض \"تلاسيميا\" وتأثيرها المرضي هو أنيميا مزمنة وزيادة نسبة الحديد في الجسم، ويتم تشخيصها باختبار لتوازن سلاسل الهيموجلوبين، وغيرها من الأمراض.
وفيما يتعلق بالتوابع الصحية والاجتماعية والنفسية لأمراض الوراثة يقول د. موافي:
أخطر ما في هذه الأمراض انتشارها بنسبة عالية، كما أنها مستعصية بالعلاج مما يسبب إهداراً للوقت والمال والجهد، هذا بالإضافة إلى انعكاساتها السلبية على الفرد والأسرة والمجتمع ككل.
وكما نعلم أن هذه الأمراض الوراثية تنتج عن التآلف من زواج حاملي الاعتلالات المتنحية، ومن هنا تتضح أهمية اتخاذ إجراءات وقائية للحد من هذه الأمراض ومكافحتها ووضع برنامج عمل للحد من آثارها السلبية.
ومن هذه الإجراءات عمل \"فحص قبل الزواج\" ويعد وسيلة ناجحة للحد من ولادة أبناء مصابين أو حاملين لهذه الأمراض الوراثية، ويعتبر هذا الفحص أكثر الطرق الوقائية قبولاً لأنه لا يتعارض مع الأخلاقيات أو الضوابط الشرعية ويتماشى مع المتطلبات الصحية والاقتصادية للمجتمع ويتناغم مع العادات والتقاليد والأخلاقيات الإنسانية، مع الأخذ في الاعتبار أن يكون الفحص قبل الزواج وسيلة للوقاية من الأمراض الوراثية ومشروعاً للتنوير وليس للمنع.
فالكشف عن النمط الوراثي في حالة الحاملين لجينات المرض لا يترتب عليه منع الزواج ولكن يتبعه إرشاد وراثي وقائي من قبل مختص يوضح للشخص المعنى في سرية تامة الجوانب الوراثية والاحتمالات الممكنة في ضوء نتائج الفعل الطبي المخبري، ويترك للأشخاص المعنيين اتخاذ قرار إتمام الزواج من عدمه في ضوء المعلومات الوراثية المتوافرة التي يبسطها المختصون للمقبلين على الزواج.
دوافع الفحص قبل الزواج:
ويضيف د. موافي: ولكون الزواج ميثاقاً شرعياً وركيزة اجتماعية والتزاماً أسرياً له حقوق وعليه واجبات، فإنه يجب الفحص قبل الزواج، تمشياً مع السنة النبوية عن رسول الله ، حيث قال للصحابي الذي أقدم على خطبة فتاة من الأنصار: \"انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيء\"، أو كما قال، مما يدل على أهمية معرفة العيوب الشخصية والوقوف عليها قبل الزواج. ونظراً للتقدم العلمي والطبي وإمكانية إظهار العوامل المقبلة غير الظاهرة للعيان، فإن الفحص قبل الزواج يصبح من دواعي الوفاء بلوازم الزواج ومقتضياته الصحية، عملاً بقول رسول الله: \"لا يورد ممرض على مصح\"، كما أنه من الأهمية إجراء هذا الفحص قبل الزواج للأخذ بالأسباب للحد من ولادة أطفال مصابين بأمراض وراثية.
الكشف عن الأمراض المعدية:
ويشمل برنامج الفحص أيضاً الكشف عن بعض الأمراض المعدية الخطيرة التي قد تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي إلى الأم ومن ثم إلى الجنين، ويأتي في مقدمة هذه الأمراض فيروس نقص المناعة AIDs الذي يدمر الجهاز المناعي للجسم وقد يسبب الوفاة كذلك فيروس الكبد BS واللذين تشكل الإصابة بهما مشكلة صحية كبرى، خاصة أن العلاج الطبي لهما مكلف اقتصادياً.. ونتائجه في الغالب ليست على المستوى المطلوب.
ويلخص د. موافي الأهداف الرئيسة الموجودة من الفحص الطبي المخبري قبل الزواج في:
إيضاح طرق التوارث للعناصر، الوراثية المتنقلة والوسيلة المناسبة للزواج في حالات حمل الجينات المقتلة، حيث يمكن للمصاب بأحد الأمراض الوراثية أن يتزوج وينجب أطفالاً أصحاء من خلال الاقتران بالزوج السليم الذي لا يحمل الأمراض الوراثية.
الحد من انتشار الأمراض المعدية والأمراض الوراثية بإذن الله.
الحد من نمو أطفال جدد يعانون من الأمراض الوراثية أو الأمراض المعدية صعبة العلاج.
تجنب الأسر للمشكلات الاجتماعية والنفسية التي قد تعاني منها نتيجة إصابة أطفالهم بأمراض وراثية مزمنة وقد تكون معقدة.
التقليل من الأعباء المالية على الأسرة والدولة الناتجة عن الإصابة بهذه الأمراض وتأثيراتها السلبية على الأسرة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد