حافية القدمين


 

بسم الله الرحمن الرحيم

في أحد الزقاق المؤدية للشارع الرئيسي في مدينة ما كانت فاطمة تقف على أطراف قدميها تحاول انتزاع أحد الإعلاناتº ولأنها قصيرة القامة استعانت بأحد المارة لينتزع لها ذلك الإعلان الجذاب في تصميمه وألوانه وحين وقع في يدها قرأت معلومات الحفل المزمع إقامته في إحدى القاعات الفندقية، وسارت بقدميها الحافيتين إلى هناك ظناُ منها أنها ستجد من يعصر قلبه من أجلها، ومن أجل عنوان الحفلة الذي يحمل اسم(حافية القدمين) ظنته يحوي فقرة مسابقات لمن هي حافية القدمين وحتماً ستكون هي حاملة اللقب!! وحين وصلت عند باب القاعة هالها ما رأته من الغادين والرائحين ومن الطوابير المصطفة، والتي بدت في أجمل حلة، أما الثراء والرفاهية فكانا سيدي الموقف، من كان هناك أيضاً استنكر وجود فتاة كهذه بملابس مبتذلة وكأنها من المشردين الشحادين، حدثت بعض المشادة في الكلام بينها وبين من يقف على البابº لكنها في النهاية استطاعت الدخول والجلوس على كرسي في المؤخرة، بدأ الحفل بالتصفيق والصراخ وحين بدأت الأغنية كانت تحاول رفع قامتها علها تشاهد من يصفقون له امرأة كانت أو رجلاً يرقص، وإذ بها تجد تشابهاً بينها وبين الراقصة المدعوة بحافية القدمين!! غير أن قدمي الراقصة كانت أشهى لعيون الرجال، وأحلى وأنضر من خديها الأسودين الفارغين من اللحم وبهجة الطفولة، لقد طال نظرها في خلاخيل من ذهب تقدر بآلاف الدنانير فضلاًُ عما كسا بعض جسد الفاتنة من ملابس باهظة الثمن، لم تشأ إكمال السهرة لأن موعد إيابها لبيت عمتها قد حان وستنالها بعض الصفعات من زوج عمتهاº لأن مبلغاً من المال لم توفه بعدº فقد أضاعت نصف وقتها لنكتة تدعى بـِ (حافية القدمين )!!

ما استطاعت أن تقوله وهي تتنفس الصعداء خارج القاعة الملتهبة بدخان السجائر، ما استطاعت أن تهذي وتسلّي به نفسها هو:

أقسم يا هذا أني بعت حذائي الشهر الماضي

في سوق يُدعى سوقَ الفقراء

الكائن خلف فندقكم ببضعة كيلو مترات..

لم يكن هو آخر ما بعته

فقد ابتاعوا مني حتى نظرات العيون ونوم الجفون

فما عرفت معنًى للطفولة حينها ولا للحب طعماً

باستطاعتك أن تُقيِّم الموقف بذاتك

فلا جيوبك ابتغيها

ولا السعي خلف ضجيج توافهك

ولا بيت الشعر أرتجي أن يسطر فيَّ

حافية القدمين أنا؟!

أجب أيها الحفل الكريم

أم أنك ستتخلى عن حذائك أيضاً

في زمن يشبه بانتكاسة العقول

من الممكن أن تكون فيه

نجماً شهيراً

يُباع حذاؤه في مزادات العالمين!!

الفتاة

الفتاة

أين الفتاة..

تصل إلى بيت عمتها

وهي واقفة على قدميها بكل صمود

لتواصل الحياة

ترد على عمتها المسكينة :

ها أنذا يا عمتي

تنهّدت بفرحة منقطعة:

عادت حافية القدمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply