لغة البيان في كل زمان
لماذا لا نعود إليها ؟
لغة هجرها قومها !
اللغة الأم
الحمد لله العزيز الحكيم القائل في قرآنه الكريم (وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ(192) نَزَلَ بِهِ الرٌّوحُ الأَمِينُ (193)عَلَى قَلبِكَ لِتَكُونَ مِن المُنذِرِينَ(194) بِلِسَانٍ, عَرَبِيٍّ, مُبِينٍ,(195)(الشعراء)
والصلاة والسلام على خير خلق الله النبي الأمي العربي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى أله وصحبه أجمعين.
فإن الله عز وجل قد أرسل نبيه من العرب وأنزل كتابه المهيمن على جميع الكتب باللغة العربية الفصحى ( وَأَنزَلنَا إِلَيكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَينَ يَدَيهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيمِناً عَلَيهِ .... الآية )(المائدة: من الآية48) وقد قال الله تعالى (وَمَا أَرسَلنَاكَ إِلَّا رَحمَةً لِلعَالَمِينَ) (الانبياء:107) فديننا وقرآننا للعالم جميعاً ، ويجب أن نبلغه للبشرية جمعاء
وقال تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسلَامُ ) وقال سبحانه ( وَمَن يَبتَغِ غَيرَ الإسلامِ دِيناً فَلَن يُقبَلَ مِنهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ) (آل عمران:85) فقد ختمت به الديانات ونسخت به الشرائع والكتب السابقة بما فيها إلا ما وافق شرعنا المطهر
والله عز وجل عَلِيمٌ حَكِيمٌ سبحانه وتعالى يعلم ما يصلح للناس ومن مقتضى الحكمة أن يكون كتاب الدين الرسمي في الأرض إلى أن يرثها الله ومن عليها بأفضل لغة وأحسنها
قال تعالى : (قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيرَ ذِي عِوَجٍ, لَعَلَّهُم يَتَّقُونَ ) قال ابن كثير : أي هو قرآن بلسان عربي مبين لا اعوجاج فيه ولا انحراف ولا لبس بل هو بيان ووضوح وبرهان وإنما جعله الله تعالى كذلك وأنزله بذلك ( لعلهم يتقون ) ا هـ فهذا القرآن لا لبس فيه ولا ريبة فضلاً عن الشك بلغة بيّنة محكمة وقال عز وجل : (إِنَّا أَنزَلنَاهُ قُرآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُم تَعقِلُون ) وقال جل جلاله : (وَكَذَلِكَ أَنزَلنَاهُ حُكمًا عَرَبِيًّا ) وقال سبحانه : (وَكَذَلِكَ أَوحَينَا إِلَيكَ قُرآنًا عَرَبِيًّا لِتُنذِرَ أُمَّ القُرَى وَمَن حَولَهَا وَتُنذِرَ يَومَ الجَمعِ لَا رَيبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) فأقام تعالى حجته بأن كتابه عربي ثم أكد ذلك بأن نفى عنه كل لسان غير لسان العرب في آيتين من كتابه فقال تبارك وتعالى : (وَلَقَد نَعلَمُ أَنَّهُم يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلحِدُونَ إِلَيهِ أَعجَمِيُّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيُّ مُبِينٌ) وقال تعالى : (وَلَو جَعَلنَاهُ قُرآنًا أَعجَمِيًّا لَقَالُوا لَولَا فُصِّلَت آيَاتُهُ أَأَعجَمِيُّ وَعَرَبِيُّ ) فما سبق من القرآن يدل على أن ليس في كتاب الله شيء إلا بلسان العرب
ولذلك كان تعلمها فرض على كل مسلم ومسلمة حتى يتمكن المرء من عبادة الله فكيف سيقرأ الفاتحة التي لا صلاة لمن لم يقرأ بها دون تعلم العربية .
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى : فإن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب فإن فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، ثم منها ما هو واجب على الأعيان ومنها ما هو واجب على الكفاية وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن عمر بن يزيد قال كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أما بعد فتفقهوا في السنة وتفقهوا في العربية وأعربوا القرآن فإنه عربي
وفي حديث آخر عن عمر رضي الله عنه أنه قال تعلموا العربية فإنها من دينكم وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم
وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه من فقه العربية وفقه الشريعة يجمع ما يحتاج إليه لأن الدين فيه فقه أقوال وأعمال ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله وفقه السنة هو الطريق إلى فقه أعماله .. \" اقتضاء الصراط المستقيم 2/207
وقد سئل الشيخ عبد الله الجبرين حفظه الله هل يجب على الأعجمي تعلم العربية ؟
فأجاب حفظه الله بقوله : يجب عليه تعلم ما يلزمه في الإسلام لفظا ومعنى كالتكبير والفاتحة والتسبيحات .. الواجبة في الصلاة وغيرها . والله أعلم .
وإن عدم انتشارها في زمننا وعجز الكثيرين عن إدراك جمالها وحسن بلاغتها وتذوق نكهتها ، ليس بسبب ضعفها وقلة فضلها وتخلفها عن سائر اللغات بل بسبب رغبة أهلها عنها وتنكرهم لها لأنهم لا يجيدونها - إلا من رحم الله - وأصبحت اللغات الأخرى محببة إليهم أكثر وأصبحنا نرى في أسواق المسلمين الأسماء الغربية والأعجمية على واجهات المحلات وأبواب الشركات التي فقدت هويتها الإسلامية ولم تحسن اختيار اسم يناسبها من هذه اللغة البحر الغنية بالأسماء والمعاني ذات الدلالات الجميلة والمفيدة والرائعة ولسان حال لغتنا الحبيبة كما قال حافظ ابراهيم :
وسـعت كتاب الله لفظـاً وغاية******** وما ضقت عن آي به وعظـات
فكيف أعجز عـن وصف آلـةٍ, ******** وتنسيـق أسـماء لمختـرعات
أنـا البحر في أحشائه الدر كامن******** فهل سألوا الغواص عن صدفاتي؟
فليست اللغة العربية عيب في ذاتها ، بل العيب في أهلها الذين لا يعرفون التكلم بها أصلاً حتى إن بعض معلمي اللغة العربية الذين يدرسون النحو لأولاد المسلمين يخطئون وللأسف في لفظ وإعراب بعض الكلمات .
فكيف بالطلاب ، وكيف بالمبرمجين الذين يجب عليهم أن يخترعوا برامج ولغات برمجة باللغة العربية التي كانت في أيام عز الإسلام لغة الحضارة وكانت مكتبات المسلمين تزخر وتفيض بالمجلدات والكتب في شتى العلوم في حين أوروبا لا تعرف إلا كتاب واحد لأحد العلماء المسلمين
وتغير الزمان وانقلبت الآية
أرى لرجـال الغـرب عزاً ومنعـة********وكم عـز أقوام بعز لغـات
أتـوا أهـلهـم بالمعجـزات تفننـاً********فيـا ليتـكم تأتون بالكلمات
أيطـربكم من جانب الغرب ناعـب********ينادي بوأدي في ربيع حياتي؟
ولـو تزجرون الطير يومـاً علمتـم********بما تحته من عثرة وشتات
سـقى الله في بطن الجزيرة أعظمـاً********يعـز عليها أن تلين قناتـي
حفـظن ودادي في البـلى وحفظتـه********لهن بقلب دائم الحسـرات
وفاخرت أهل الغرب والشراق مطرق********حياء بتلك الأعظم النخرات
أرى كـل يـوم بالجـرائـد مزلقـاً********من القبر يدنيني بغير أنـاة
وصدق حافظ ابراهيم في كلماته ولو أنها نطقت لتكلمت بأعجب من ذلك
\" ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية وارض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية عودوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم وهكذا كانت خراسان قديما ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت عليهم وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ولا ريب أن هذا مكروه \" ا هـ من كلام شيخ الإسلام رحمه الله
والواقع أن الناس استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير - نعوذ بالله من الحور بعد الكور - وأصبحنا نلفظ بعض الكلمات الأعجمية التي هي في الأًصل عربية وتركنا الأصل وذهبنا إلى الفرع المشوه فآثرنا الجداول الضحلة على النبع الصافي الزلال
وسمعت من الدكتور عبد الله الدنان المهتم بتعليم اللغة العربية للناشئة منذ الصغر أشياء عجيبة عن لغتنا الحبيبة ويذكر أن كثير من الكلمات الإنجليزية مأخوذة من اللغة العربية .
ومن ذلك الباكلوريوس أو كما يقال باكلوريا في بلاد الشام لشهادة الثانوية .
بأن أصلها جاء من العربية حيث أن العلماء من المحدثين ومقرئي القرآن كانوا إذا أجازوا الطالب كتبوا له في الإجازة ( أجزناك بحق الرواية ) .
فأخذوها منا ثم حرفت ( بحق الرواية ، بهك الرواية ، بك رواية ، باكلوريا ) وقد ذكر أمثلة عديدة وأعجبتني هذه لطرافتها
وقام مؤلف كتاب \" اللغة العربية أصل اللغات كلها \" في القسم الثاني من الكتاب بدراسة معجمية مقارنة أجراها الباحث على نحو خمسمائة كلمة إنجليزية متسلسلة حسب الترتيب الهجائي في قاموس المورد ، بدءاً من أول كلمة في حرف A وهي ِِِAard التي أصلها العربي (أرض) وهكذا ستجد العجب في هذه اللغة الأم ومن أمثلة ما جاء في المورد لفظ الجلالة الله صار لديهم allah ، وعباءة aba ولفظة algebra مأخوذة من علم الجبر حتى عفريت أصلها عربي فيكتبونها afreet ، وكلمات كثيرة كالفلاح fellah والفلس fils والقطن cotoon و الحناء henna ومومياء mummy والزعفران saffron والسبانخ / spinach
ونبات الطرخون tarragon ورحلة لديهم safari مأخوذة من سفر والأريكة لديهم sofa مأخوذة من ( صُفّة ) والصُفّة مقعد مظلل على مقربة المسجد كما قيل وطاسة كذلك tazza وأخيراً صفر صارت لديهم zero ونستطرد بأمثلة أخرى مما في كتاب [ لغة آدم عطاء أبدي لبني آدم (ص 113 ـ 116) ] فكلمة لغة مثلاً أخذوها من العربية \" logos langage \" وكملة Camera مأخوذة من قمرة وهي الغرفة وكلمة la port مأخوذة من \" و البر وهي اليابسة \" و كلمة verdos verdes مأخوذة من الفردوس وهي الجنة ولفظة banana أصلها أيضاً عربي بنان وهو الأصبع وثلاثة تدرجت عندهم على النحو التالي : \" Delta - Three - Trio – tre\" ولاحظ اللفظ antica antika وهي بالعربية عتيقة ولفظة تخطيط باللغة الفصحى أصبحت لديهم tak tik
ولا بأس بتعلم اللغات الأخرى إذا كان هناك حاجة دينية أو دنيوية كتحصيل العلوم ودرء الشرور فلا مانع من تعلمها ولكن ليس على حساب اللغة الأصلية \" أما إذا لم يكن حاجة فإنه يكره تعلمها. \" [1]
قال شيخ الإسلام رحمه الله : وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله ولأهل الدار وللرجل مع صاحبه ولأهل السوق أو للأمراء أو لأهل الديوان أو لأهل الفقه فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم وهو مكروه
وقال رحمه الله في موضع وأما الخطاب بها من غير حاجة في أسماء الناس والشهود كالتواريخ ونحو ذلك فهو منهي عنه مع الجهل بالمعنى بلا ريب
وأما مع العلم به فكلام أحمد بين في كراهته أيضا فإنه كره - آذرماه - ونحوه ومعناه ليس محرما وهو أيضا قد اخذ بحديث عمر رضي الله عنه الذي فيه النهي عن رطانتهم وعن شهود أعيادهم
وهذا قول مالك أيضا فإنه قال لا يحرم بالعجمية ولا يدعو بها ولا يحلف بها وقال نهى عمر عن رطانة الأعاجم وقال إنها خب فقد استدل بنهي عمر عن الرطانة مطلقا
وقال محمد بن إدريس الشافعي سمى الله الطالبين من فضله في الشراء والبيع تجارا ولم تزل العرب تسميهم التجار ثم سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمى الله به من التجارة بلسان العرب والسماسرة اسم من أسماء العجم فلا نحب أن يسمى رجل يعرف العربية تاجرا إلا تاجرا ولا ينطق بالعربية فيسمى شيئا بالعجمية وذلك أن اللسان الذي اختاره الله عز وجل لسان العرب فأنزل به كتابه العزيز وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم
ولهذا نقول ينبغي لكل أحد يقدر على تعلم العربية أن يتعلمها لأنها اللسان الأولى بأن يكون مرغوبا فيه من غير أن يحرم على أحد أن ينطق بالعجمية والذي ذكره الأئمة مأثور عن الصحابة والتابعين ونقل عن طائفة منهم أنهم كانوا يتكلمون بالكلمة بعد الكلمة من العجمية قال أبو خلدة كلمني أبو العالية بالفارسية وقال منذر الثوري سأل رجل محمد بن الحنفية عن الخبز فقال يا جارية اذهبي بهذا الدرهم فاشتري به تنبييزا فاشترت به تنبييزا ثم جاءت به يعني الخبز ، وفي الجملة فالكلمة بعد الكلمة من العجمية أمرها قريب وأكثر ما كانوا يفعلون إما لكون المخاطب أعجميا أو قد اعتاد العجمية يريدون تقريب الأفهام عليه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم خالد بنت خالد ابن سعيد بن العاص وكانت صغيرة قد ولدت بأرض الحبشة لما هاجر أبوها فكساها النبي صلى الله عليه وسلم قميصا وقال يا أم خالد هذا سنا والسنا بلغة الحبشة الحسن والطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية حتى يتلقنها الصغار في الدور والمكاتب فيظهر شعار الإسلام وأهله ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب والسنة وكلام السلف بخلاف من اعتاد لغة ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى فإنه يصعب عليه ( بتصرف واختصار من اقتضاء الصراط المستقيم 204 – 208 )
ومن كلام علمائنا المعاصرين قال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى : رأينا في تعلم اللغة الإنجليزية أنها وسيلة لا شك , وتكون رديئة إذا كانت لأهداف رديئة , لكن الشيء الوحيد الذي يجب اجتنابه أن تُتخذ بديلاً عن اللغة العربية , فإن هذا لا يجوز , وقد سمعنا بعض السفهاء يتكلم بها بدلاً من اللغة العربية , حتى إن بعض السفهاء المغرمين الذين اعتبرهم أذناباً لغيرهم كانوا يعلمون أولادهم تحية غير المسلمين يعلمونهم أن يقولوا باي باي عند الوداع وما أشبه ذلك .
لأن إبدال اللغة العربية التي هي لغة القرآن وأشرف اللغات بهذه اللغة محرم وقد صح عن السلف النهي عن رطانة الأعاجم وهم من سوى العرب.
أما استعمالها وسيلة للدعوة فلا شك أنها واجب أحياناً , وأنا لم أتعلمها وأتمنى لو أني كنت تعلمتها ووجدت في بعض الأحيان أني أضطر إليها حتى المترجم لا يمكنه أن يعبر عما في قلبي تماماً .
يقول الشيخ رحمه الله : \" وأذكر لكم قصة حدثت في مسجد المطار بجدة مع رجال التوعية الإسلامية نتحدث بعد صلاة الفجر عن مذهب التيجاني وأنه مذهب باطل وكفر بالإسلام وجعلت أتكلم بما أعلم عنه فجاءني رجل فقال : أريد أن تأذن لي أن أترجم بلغة الهوسا , فقلت لا مانع فترجم فدخل رجل مسرع فقال : هذا الرجل الذي يترجم عنك يمدح مذهب التيجانية فدهشت وقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون , فلو كنت أعلم مثل هذه اللغة ما كنت أحتاج إلى مثل هؤلاء الذين يخدعون , فالحاصل أن معرفة لغة من تخاطب لا شك أنها مهمة في إيصال المعلومات قال الله تعالى : ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ) إبراهيم / 4. [2]
وقد كان رحمه الله يختبر طلابه في الدرس ويسألهم في الإعراب والنحو وهكذا شيخنا محمد صالح المنجد حفظه الله يفعل ذلك في درس التفسير فيمتحن الطلاب في النحو مما دفع كثيراً من الطلبة إلى تحسين مستواهم في اللغة خشية أن يُسأل أحدهم فيجهل الجواب ، فقلت لشيخنا عندما ذكر ذلك بأنني عند هذا هممت أن أحُضر معي إلى الدرس إعراب القرآن الكريم فقال لي مازحاً : هممت أن تحضر كتاباً لتغش منه وله حفظه الله شريط جميل بعنوان \" لغتنا الجميلة هل نعود إليها \" .
ولا أقصد بكلامي التهوين من شأن اللغات الأخرى وذم من يتعلمها بل إنها مهمة لنفع المسلمين ، ولكن هل نذهب لتعلم لغة الأقوام ونحن لم نتقن لغتنا بعد ؟!
وللتنبيه على فضلها وأهميتها وضرورة الاعتناء بها ودراستها وتدريسها والنطق بها على الوجه الصحيح لأنها لغة القرآن الكريم وأداة معبرة عن الدين ووعاء حفظ به تراث غزير وعلم سديد وماض مشرق نصبوا للرجوع إليه لأن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرا قويا بينا ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق كما قال شيخ الإسلام رحمه الله
ورسالة إيقاظ لبر هذه الأم التي طال عقوقها
أيهجرنـي قومـي عفـا الله عنهـم******** إلى لغـة لـم تتصـل بـرواة؟
سرت لوثة الأعجام فيـها كما سرى********لعـاب الأفاعي في مسيل فرات
فجـاءت كثوب ضـم سـبعين رقعة********مشـكلة الألـوان مختلفــات
إلى معشـر الكتـاب والجمـع حافل********بسطت رجائي بعد بسط شكاتي
فإمـا حيـاة تبعث الميـت في البلى********وتنبـت في تلك الرموس رفاتي
وإمـا ممـات لا قيــامة بعــده********ممـات لعمري لم يقس بممـات
أقول هذا سائلاً الله تعالى المغفرة ممتثلاً قول : الواعظ أبو معاذ الرازي رحمه الله الذي أبكاه وأبكى الناس :
وغير تقي يأمر الناس بالتُقى********طبيب يداوي الناس وهو عليل
أســأل الله أن يردنا إليه رداً جميلاً وأن يزيدنا علماً وعملاً وأن يرزقنا الإخلاص فيه إنه قريب مجيب والله تعالى أعلم وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين
[1]ما بين علامتي \" \" نص فتوى اللجنة الدائمة 12/133
[2] من فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين , كتاب العلم , الصفحة ( 143 )
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 2 )
رائع جدا
-معجب
11:07:50 2015-05-24
رائع جدا
-معجب
11:51:49 2015-05-24