القلعة الأخيرة !

5.8k
4 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

- ما الذي يحدث في القلعة الأخيرة.. مؤامرات!! مؤتمرات!! تساؤلات!! تنازلات!! خطر داهم.. وشر قادم!! تلك هي الحكاية:

(1)

(صراخ واضطراب وجماعة من الناس في حركة دائبة، يشاهد أمير القلعة وهو يواجه الناس إلى الداخل وخلفه بعض الجنود)

الأمير: (صارخاً في الناس).. إلى الداخل.. تحصنوا في الداخل.. إلى الداخل..

أحد الجنود: لقد تكامل الناس في الداخل يا مولاي.

الأمير: وكيف تسير الأمور هناك؟

الجندي: إنه يوم الروع يا سيدي.

الأمير: وفي الخارج؟!

الجندي: الأعداء في الطريق إلينا.

الأمير: وكم أمامهم من الوقت للوصول؟

الجندي: ليس أقل من أسبوعين أو ثلاثة.

الأمير: حسناً.. أغلقوا حصون القلعة جيداً وشددوا الحراسة عليها.

الجندي: سنفعل.. يا سيدي.

الأمير: احذر أن تؤتى القلعة من قبلك.

الجندي: أمرك يا سيدي.

الأمير: واحذر الخونة.. إنهم الصف الخلفي للأعداء دائماً.

الجندي: اطمئن. (يخرج)

الأمير: وأنت (يشير إلى أحدهم) أطلب لي العلماء والقادة للاجتماع في داري.

جندي آخر: الآن يا مولاي. (يخرج)

الأمير (صارخاً) هيا.. حصنوا القلعة وتحصنوا بها.. الأعداء قادمون.. قادمون (يخرج)..

(2)

(في مجلس أمير القلعة يظهر الأمير وقاضي القضاة ـ شيخ طاعن في السن ـ وإمام المسجد ـ شاب يتوقد قوة وحماسة ـ والسيد المفكر ـ رجل في الأربعين من عمره ـ ومجموعة من الطلاب أتباع الإمام)

الأمير: أيها القوم: تعلمون جيداً ما حلَّ بإخواننا في الممالك المجاورةº لقد سقطت في أيدي الأعداء وهم الآن في طريقهم إلينا.

الإمام: إنهم يبتلعون بلاد الإسلام دولةً دولة.

القاضي: يأتمرون ويستعمرون.

الأمير: وقد اجتمعنا هنا لبحث هذه الكارثة القادمة.

القاضي: اللهم انصر أمير قلعتنا وأيده بتأييدك.

الجميع: آمين.

المفكر: مولاي.. هون عليك لم يصل الأمر إلى هذا الحد بعد.

الإمام: وي!! وإلى أي حد تريده أن يصل أيها المفكر المخرب؟

المفكر: كل ما في الأمر أن لهم مطالب وعلينا واجبات.

الإمام: ومن يملي هذه الواجبات؟!

المفكر: الطرف الأقوى.. طبعًا

الإمام: نحن الأقوى.. بديننا.

الطلاب: (مرددين) الله أكبر.. الله أكبر

المفكر: ظواهر صوتيه!!

الإمام (للأمير): دعك منه يا مولاي، إنه صنيعة الأعداء وربيبهم..

المفكر: أنا!! أيها المتطرف المتجهم.

الإمام: نعم أنت يا سمسار الأعداء لقد تعلمت في مدارسهم وجئت إلينا بسمهم ودسمهم.

الطلاب: (مرددين) الله أكبر.. الله أكبر

المفكر: هكذا أنت دائماً وأبدًا لا تنظر إلا بعين واحدة.

الأمير (محتداً): اصمتوا جميعاً.

القاضي: اهدؤوا.. (للإمام) أيها الإمام عليك بالصبر والحكمة.

الإمام: الصبر والحكمة!! إلى متى؟!

القاضي: إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

الأمير: كان عليك يا إمام أن تتريث وأن تسمع للآخر.

الإمام: لقد سمعنا حتى أتخمنا!!

المفكر (للإمام): إنك من يثير الأعداء علينا.. بأفكارك المتطرفة وأفعالك الصبيانية.

الإمام (للمفكر): بل أنت من يرغبهم في بلادنا بزعم التقدم والحرية.. يا سمسار الاستعمار.

الطلاب (مرددين بصوت واحد): لا صلح ولا حوار مع سمسار الاستعمار.. لا صلح ولا حوار مع سمسار الاستعمار..

الأمير (مقاطعاً): قلت لكما توقفا.. توقفا.. هل جئنا هنا لبحث مصيبة الخارج أم مصائب الداخل؟!

القاضي: كان الله في عونك أيها الأمير.. وأيدك وسددك.

الأمير: لم نسمع لك رأيًا فيما يحدث هنا يا قاضي القضاة.

الإمام (في سخرية): يكفيه كثرة الدعاء لكم والصلاة عنكم.. أيها الأمير.

القاضي: ماذا تقصد يا إمام؟ أبن عن قصدك.

الإمام: أقصد كفاك زهداً وتقوقعاً في صومعتك، وانزل إلى الشارع لتسمع نبض الناس ولترفع عنهم الظلم الواقع بهم.

الأمير: وأي ظلم تقصد؟!

الإمام: هذه الإتاوات التي أرهقت الناس والأموال السائبة التي تزهق هنا وهناك إننا إذا انتصرنا على أنفسنا سننتصر على أعدائنا... يا مولاي.

الطلاب: (مرددين) الله أكبر.. الله أكبر..

المفكر: أرأيت؟ أسمعت يا سيدي؟ حتى قاضي القضاة لم يسلم من شره، حتى أنتم في دائرة اتهاماته واهتماماته.

الأمير: ويحك!! ماذا تقول؟!

المفكر: (ينفرد بالأمير ويهمس إليه) إنه يرمي إلى السلطة ويهدف إلى قلب نظام الحكمº انظر إليه إنه يحرض الناس ويحقنهم ضدكم.. يا مولاي.

الأمير: وكيف ذلك؟!

المفكر: اسمع إلى مفرداتهº الظلم الاجتماعي، الأموال السائبة، العدالة..، ثم انظر إلى أتباعه وطلابه إنهم رهن إشارته وغداً.. ينقضون عليكم كالأسود الضارية.

الأمير: الويل له!!

المفكر: إنها الحقيقة.

الأمير: سأنادي على القاضي. (يشير إليه بيديه في صمت)

القاضي: ماذا هناك يا مولاي؟!

الأمير: ماذا تقول في أمر هذا الإمام؟

القاضي: أقول يا...

المفكر (مقاطعاً): وماذا عساه أن يقول؟ لقد تهجم عليه في حضرتك ونال من هيبته

القاضي: هذا صحيح.. إنه إمام لا يحسن الأدب مع القضاة.

الإمام (متدخلاً بينهم): حنانيك.. حنانيك.. يا سوسة النخلة الحمراء.

المفكر (للأمير): مولاي.. اضرب ضربتك الكبرى.. وتغد به قبل أن يتعش عليك

الأمير (للجند): أيها الجند.. أيها الجند.

الجند: أمر مولانا الأمير.

الأمير: خذوا هذا الإمام وألقوه في غياهب السجون بتهمة تحريض الناس.

الإمام (في رجاء): مولاي!!

الأمير: إنني أطفئ نار الفتنة.

الإمام: مولاي.. ستنهار الأسوار.. ستنهار الأسوار.. ستنهار..

المفكر: خذوه.. امنعوا هذا الصوت.. كمموا تلك الأفواه.. أوقفوهم جميعاً.

الإمام والطلاب: (الله أكبر.. الله أكبر.. ستنهار الأسوار.. ستنهار الأسوار.. ستنهار.

(يمسك الجند بالإمام وطلابه ويخرجونهم وسط الصيحات والتكبيرات)

الأمير: ولكن!! الأعداء قادمون.. قادمون.. أيها المفكر.

المفكر: أعداء! أعداء! نحن الذين صنعنا منهم أعداء.

الأمير: إنك تتحدث بالأحاجي والألغاز.

المفكر: إنهم مجرد أصدقاء.. وصدقني.. صدقني يا مولاي ما دمنا معهم فلن يصلوا إلينا.

القاضي: وهل تريدنا أن ندين بدينهم.. أيضاً؟

المفكر: لا.. أيها الشيخ الفاضل الحكيم.. ومن يقول هذا؟! ولكن نشرع لهم أبوابنا وبيوتنا ونسمح لأبنائنا بتداول ثقافاتهم ونخفف من حدّة الغضب نحوهم.

الأمير: وكيف ذلك.. والناس في القلعة يبغضونهم.. لا سيما وقد فعلوا في إخواننا في الممالك المجاورة ما فعلوا؟

المفكر: علينا أن نهتم بالجيل القادم من الناس يا مولاي... أعداؤنا أ.. أقصد أصدقاؤنا يتمنون لو تربى أجيالنا القادمة على حبهم والتسامح معهم.

الأمير: وهل سنأمن شرهم؟!

المفكر: إننا نحاول ترويضهم واستئناسهم وسننجح.... يا مولاي.

الأمير: حسناً.. افعل ما تراه مناسباً أيها المفكر.. لقد جعلتك منذ اليوم مستشاراً للقلعة.

المفكر: (في دهاء) إنها ثقةٌ غالية وأنا أستحقها يا مولاي.

القاضي: اللهم أعز السلطان.. وآل السلطان وآل آل السلطان.

الجميع: آمـين

ستــار


أضف تعليق