ابتكار سعودي يدمج بين الطب والهندسة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

ياسر الجماز: روح التحدي قادتني لهذا الاكتشاف

حوار: خالد آل طالع

ابتكارات الشباب السعودي في مجالات الطب والهندسة لا تكاد تتوقفº ففي كل يوم هناك اكتشافات جديدة تُضاف إلى مجمل الإنجازات التي يحققها هؤلاء الشباب، والباحث السعودي ياسر عبد الله عبد المحسن الجماز، جمع في أبحاثه بين الطب والهندسة عبر بوابة تخصصه (الهندسة الصناعية الطبية) وخلال عام كامل قضاها الجماز متنقلاً بين أروقة المستشفيات والمعامل وغرف الأبحاث، تمكن من ابتكار مادة جديدة تساعد على تثبيت الكسور التي يتعرض لها الإنسان بعد أن ظلت المواد المستخدمة في هذه العمليات مستهلكة لعقود طويلة دون أدنى تطوير، وهو ما كان يتسبب في إعادة كثير من العمليات التي أُجريت لإعادة العظام إلى أماكنها الصحيحة...وهنا تحاور (الإسلام اليوم) المبتكر السعودي ياسر الجماز حول اكتشافه الجديد، وقضايا أخرى متعددة حول مهنته ومستقبل البحث العلمي...

هل لك أن تشرح لنا فكرة المشروع الذي أنجزته؟

 المشروع عبارة عن دراسة تحليلية تفصيلية للتعرف على أفضل وأسلم مادة يمكن استخدامها في علاج كسور العظام بشكل عام، والصعب منها تحديداً، والتي يمكن أن تكون كسوراً بداخل الجسم أو خارجه-أي بمعنى ظهور العظم المكسور خارج الجسم- ويكون علاجها بوساطة عملية جراحية لوضع أسياخ مثبتة للعظام المكسورة، وكنت في البداية قد أخذت عظمة الفخذ كعينه تحت الدراسة، واستخرجت منها النتائج التي كانت إضافة مهمة للهندسة الطبية في المملكة العربية السعودية.

وقد عانى الأطباء كثيراً من صعوبة علاج الكسور الصعبة للعظام، كما أن المرضى كانوا يعانون أيضاً وبشدة من هذه العملية حتى بعد إجراء عمليات تثبيت العظام بالأسياخ، وقد تسبب هذا في كثرة إعادة مثل هذه العمليات.

فوضعت تلك المشاكل تحت النقاش مع بعض أعضاء هيئة التدريس في قسم الهندسة الصناعية، فأتت فكرة هذا المشروع لبحث السبل والطرق الممكنة لعلاج مثل هذه المشكلة من الناحية الهندسية.

إذ وُضع تحت الدراسة:

- نوعية المادة المُصنّع منها الأسياخ (لإعطاء ثبات أكبر للعظم).

- تقليل مقدار الحركة التي يتحركها العظم المكسور بعد إجراء العملية. (حركة العظم المكسور هي التي تسبب الآلام للمريض).

 

 ما الذي دفعك لاختيار هذا المشروع بالذات لتعمل فيه؟

 هناك سببان في الواقع..

الأول: أن مثل هذه الدراسات يُطلق عليها الهندسة الطبية (تخصص يقوم بدراسة هندسية لجميع المشاكل الطبية) وهو مجال حديث على المستوى العالميº مما أعطاني نوعاً من التحدي والإقدام.

الثاني: أن الأمة الإسلامية ينقصها الكثير في مجال البحث العلمي، وأتمنى أن يكون هذا المشروع إضافة فاعله لرفعة الأمة خصوصاً في مجال التصنيع.

 

 كم من الزمن استغرق إنجاز هذا المشروع؟

 استمر المشروع سنة كاملة، وفي البداية بدأت في بناء نموذج يحاكي العظم المكسور باستخدام برنامج GID))، ثم انتقلت بعدها لمرحلة اختبار النموذج، وأجريت قرابة الـ(15) اختباراً، وكان الاختبار الواحد يستغرق نحو يوم أو يومين حتى تأكدت تماماً من نجاح المشروع.

 

 هل هو البحث الأول من نوعه في مجال الكسور؟

 لا، فقد قٌدمت العديد من البحوث في هذا المجال، ولكن في أماكن مختلفة من الجسم ولأحجام مختلفة من العظام على مستوى العالمº فعظام الآسيويين مثلاً تختلف عن عظام الأفارقة من حيث القوة والمتانة وغيرها من الخصائص. لكن مثل هذه البحوث تُعدّ حديثة جداً على المستوى العربي والإسلامي.

 

 مجال تخصصك في الهندسة الصناعية فكيف ربطت بين المجال الهندسي والطبي؟

 تخصص الهندسة الصناعية تخصص ثريº فهو يتميز على جميع التخصصات الهندسية الأخرى بالمرونة التي أكسبته الحضور في كثير من المجالات والتطبيقات، ومن أهداف الهندسة الصناعية توفير الجهد والمال والإنتاج بأقصى جودة ممكنة، وهذا المشروع يقلل من العمليات الجراحية، ويوفر الجهد والمال، ويرفع من جودة العمليات الجراحية أقصى جوده ممكنة، وبحيث يقلل من آلام المريض بعدها.

 

 ما طبيعة الصعوبات التي واجهتك أثناء إتمامك للبحث؟

 من طبيعة البحث العلمي وجود الصعوباتº فالطريق ليس ممهداً بالورود، خصوصاً في هذا المشروعº إذ كانت الأساليب المتبعة والبرامج المستخدمة في بناء نموذج للعظم جديدة عليّ، مما أخذ وقتاً طويلاً وجهداً مكثفاً، وأنا أعتبرها رحله شائقة.

 

 ما مدى تقبّل الوسط الطبي في السعودية لهذا المشروع؟

 تقبلوا المشروع بترحيب كبير، ومنهم أحد كبار استشاريي العظام في مستشفى الملك خالد الجامعي، والذي كان على تواصل مع المشروع في أغلب مراحله وبشكل دقيق.

 

 ماذا كان دورهم في البحث؟

 في بداية المشروع تم أخذ كثير من المعلومات المهمة، ومن أهمها عملية جراحية كاملة لتثبيت الأسياخ مسجلة بالفيديو، والتي كانت مصدراً مهماً للمعلومات، والتي احتجت إليها أثناء قيامي بالمشروع. بمساعدة من أساتذتي، ومنهم الدكتور سعيد درويش والدكتور علي السمحان (أعضاء هيئة تدريس في قسم الهندسة الصناعية)، والدكتور مدحت زمزم أستاذ جراحة العظام في مستشفى الملك خالد الجامعي. كما كان للوالدين الدور الكبير في التشجيع والتحفيز على التفوق الدراسي والعملي، وكذلك كان لقسم الهندسة الصناعية دور في توفير الجو المنتج والبيئة المبدعة.

 

 أتنوي الاستمرار في هذا البحث وتقديم بعض النتائج المساعدة أم تنوي البدء في مشروع آخر؟

 حاليا أود التركيز على عملي والمشاريع التي من شأنها أن تفيد الشركة التي أعمل بها.

 

 أخيراً.. كيف ترى مستقبل الهندسة الطبية في السعودية؟

 الهندسة الطبية تخصص جديد على مستوى العالم، ويساعد وبشكل كبير على رفع جودة الخدمات الطبية المقدمة، وكما تعلم أن المملكة العربية السعودية تقدمت كثيراً في المجال الطبي، وهذا يدل على حاجة المملكة لمثل هذه التخصصات النادرة والمتطورة لتساعدها -وبشكل مباشر- في المساهمة في التقدم الحاصل في المجال الطبي.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply