بسم الله الرحمن الرحيم
تعاني الساحة الفكرية الإسلامية من كثير من التخبط والارتباك، ما بين شباب كونوا تنظيمات خالفت الأصول الإسلامية، وسفكوا الدم الحرام، وبين مشتغلين بالفقه ليسوا على مستوى القضايا الخطيرة المطروحة، وبين واقع متجدد كل يوم يريد المسلمون أن يتعايشوا معه وفق منهجهم الإٍ,سلامي.
ومن خلال هذا الحوار مع د. يوسف القرضاوي نطرح عليه هذه الهموم، التي نرجو أن تكون إجاباته عليها فكًا للاشتباك بين جهات عديدة، وتأصيلا للمنهج الإسلامي الصحيح، ونعرض عليه أيضاً جانباً من قضايا الأمة السياسية.
* ما هي في رأيك أخطر قضية تواجه الفكر الإسلامي حاليا؟.
** هما قضيتان وليس قضية واحدة، فهناك الكيد الخارجي ثم الجمود الداخلي. وطالما أن الكيد الخارجي موجود منذ أن ظهر الإسلام، فعلينا ألا نعلق مشاكلنا عليه، وأن ننتبه أكثر إلى الجرثومة التي تعمل في داخلنا، وأقصد بها \"الجمود\".
إننا الآن نعاني من الجمود في الفقه وفي الفكر وفي أساليب الدعوة، وفي حياتنا كلها. وعندما كان الإسلام في أوج ذروته، كانت الحياة تتحرك في إطار ثوابت، وتدور حول محور ثابت، كما قال سيد قطب - رحمه الله - \"هي حركة أشبه بحركة النهر الجار، حركة وخط مرسوم، على خلاف السيل يتحرك في إطار غير منضبط\".
والأمة عندما تكون في حالة الوهن والضعف يشبهها الرسول بأنها كغثاء السيل، والأمة الآن 1.5 مليار مسلم، ولكنها كغثاء السيل، أي ما يحمله السيل من قش وحطب وعيدان خشب وأوراق، فهي خفيفة سطحية ليس لها وزن، وهي غير متجانسة وليس لها طريق معلوم.
المسلمون حينما كانوا مسلمين بصدق كانت الحياة تتحرك بانضباط وفكر.
فالأئمة يجتهدون، وكانوا عشرات وعشرات ولم يكونوا قلة، وكان الاجتهاد في العلوم كلها، في الفقه والتفسير والأدب واللغة والحياة والصناعة، ومن هنا بدأت قصة حضارتنا.
إن المسلمين لم ينقلوا الحضارات الأخرى ويهذبوها ويضيفوا عليها كما يدعي البعض، ولكنهم اخترعوا أمورا لم يعرفها اليونانيون.
إن اليونانيين كانوا نظريين، أما المسلمون فكانوا مهتمين بالجانب العملي، وهكذا أضافوا وطوروا باعتراف مؤرخي العلم أنفسهم مثل: داريفر في كتابه \"بناء الإنسان\"، وجورج سارتون في كتابه \"تاريخ العلم\" وغيرهما. جميعا قالوا: إن العرب هم مخترعو المنهج الاستقرائي التجريبي، ومنهم اقتبس الغربيون من أمثال: روجر بيكون، وفرانسيس بيكون، وعليه قامت حضارتهم الغربية. ولكنهم أضافوا عليه وتحركوا واخترعوا البخار والكهرباء ثم الثورات السبعة التي يتحدثون عنها الآن، مثل الثورة التكنولوجية والإليكترونية والبيولوجية والفضائية والمعلوماتية والاتصالية.
وهكذا، خدمنا المنهج يوم كنا نجتهد ونتحرك، ثم جمدت الحياة وجمد كل شيء، فبعد الاجتهاد في الفقه أصبح التقليد هو الطابع العام المسيطر. وحتى الأدب جمد فبعد أن كان الأدب مسترسلا رائعا على نحو ما رأينا في كتابات الجاحظ وأمثاله، أصبح السائد هو أدب المحسنات البديعية اللفظية، وتوقف العلم عن إنتاج الابتكارات والإضافات التي توصل إليها المسلمون في شتى المجالات، وتوقفت الصناعات وجمدت الحياة. ومن هنا كان الجمود هو شر ما أصاب الحياة الإسلامية، لأن الغرب تطور وأضاف، واتسعت الفجوة بيننا وبينه، ومارس علينا ضغوطا وشن علينا حروبا، أصبح هو المنتصر فيها دائما، وصرنا في واقع مأساوي لا ندري ماذا نفعل فيه؟!.
* الصحوة الإسلامية التي انتشرت في بلادنا منذ عدة عقود، ألم يكن لها دور في تحريك هذا الواقع؟ والعمل على الخروج من هذا الجمود؟.
** الصحوة حاولت، ولكن الواقع لم يمكنها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الصحوة بدلا من أن تحقق التطور استسلمت هي للجمود!، فغلب الجمود على عقول كثير من قادتها ومفكريها وفقهائهاº فجمدوا الفكر وأساليب الدعوة، وجمدوا الفقه أيضا، وغلب هذا الجمود على الحركة المنضبطة التي أنشأتها الصحوة الإسلامية.
والحركة المنضبطة هي التيار الوسطي الذي قال عنه الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ: \"عليكم بالنمط الأوسط الذي يلحق به التالي ويرجع إليه الغالي\".
لكن كما قلت هناك من أصّل للجمود داخل الصحوة الإسلامية، فبدلا من أن يجعل الدعوة هي الغاية بما تعنيه من التنظيمات والوسائل والآليات، جعل الوسائل غايات، وأصبحت وكأنها أوثان تعبد، رغم أنها ليست من الثوابت، بل أشكال من العمل قابلة للتغيير والتحديد، ونحن في حاجة إلى تغيير الوسائل باستمرار، فالأهداف ثابتة لكن الوسائل متجددة ومتطورة وغير ثابتة.
* الساحة الفكرية الإسلامية أصبحت غير منضبطة بالنسبة لمصطلحات هامة وخطيرة في الفقه الإٍ,سلامي مثل الثبات والتطور والمرونة، فما هي الضوابط التي تحكم الفقيه والمجدد في هذا الشأن وخاصة في عصرنا الحديث؟.
** لدينا في الفقه الإسلامي منطقتان: الأولى مغلقة ولا يدخلها تطور ولا اجتهاد ونسميها \"المنطقة القطعية\"، والمنطقة الثانية هي المنطقة المفتوحة التي يكون فيها الاجتهاد والتطور، والمنطقة القطعية هي تلك المنطقة من الفقه الإسلامي التي تقوم على أساس نصوص قطعية الثبوت، وقطعية الدلالة، وهذه المنطقة تمثل ثوابت هذه الأمة، ولولاها ما كان عندنا أمة واحدة، وهي التي نسميها \"المعلوم من الدين بالضرورة\"، وهي تجسد وحدة الأمة العقدية والفكرية والتشريعية والشعوبية والسلوكية، وهذه المنطقة المغلقة محدودة جداً من حيث الكم، لكنها مهمة جدا لأنها تحفظ الأمة من التمزق والانهيار.
أما المنطقة المفتوحة فهي منطقة الظنيات، ومعظم أحكام الشرع تدخل في هذه المنطقة، ومعظم مصادر الأحكام ظنية، وهذا يعطينا مرونة في الاجتهاد وقدرا من إمكانية الاختلاف، لكن الاجتهاد والنشاط العقلي في هذه المنطقة يتم بضوابط، وشرع الله ليس مباحا لكل من لا يفرق بين الفاعل والمفعول، ولا بين التمييز والحال، فكل شيء منضبط بقواعد.
إنني رأيت بعض العلماء يقول: إن الإٍ,سلام لا يتجدد، وهذا خلاف للحديث النبوي الصحيح: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها).
وهذا تصريح من الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن الدين يتجدد.
والمجدد لا يشترط أن يكون فردا واحدا كل مائة سنة، بل يجوز أن يكون عددا من الأفراد، أحدهم في الفقه والثاني في الأدب والثالث في التفسير والرابع في العلم والتكنولوجيا والخامس في القيادة السياسية...الخ.كما أن المجدد يمكن أن يكون حركة تقوم بتجديد الفكر وتجديد الحياة، وتجديد النفوس، وتجديد فهم الإسلام والعمل للإسلام والدعوة للإٍ,سلام.
إن الإنسان يتغير تفكيره من سنة إلى سنة، وأصحاب أبي حنيفة خالفوه في أكثر من ثلث المذهب، وقالوا: إن هذا خلاف عصر وزمان، وليس خلاف حجة وبرهان. فالعصر هو الذي اختلف، ولو كان أبو حنيفة موجودا لغير رأيه. وكذلك فعل الإمام الشافعي عندما ذهب إلى مصر فجاء بالمذهب الجديد خلافا للمذهب القديم في العراق.
إنني مثلا من المعجبين بابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ولكن خالفتهما في كثير من المسائل، وخلافي معهما ليس إلا إتباع لمنهجهما، فقد خالفتهما في الجزئيات وتابعتهما في المنهج الذي هو الاستقاء من الأًصول وليس التقليد. فإذا قلدتهما أصبحت تيميا، مثل كون كثير من الفقهاء إما حنفيا أو مالكيا.
إن عصر صدر الإسلام كان أفضل العصور من ناحية فهم الإسلام، وحسن معرفة روح الإسلام ومقاصد العقيدة والشريعة من الهداية والتيسير على الناس، ثم بدأ النزول شيئا فشيئا عن المقاصد إلى الحرفيات، وهكذا بدأ يضيف كل عصر إلى سابقه ما نسميه بالأحوطيات، حتى صار الدين مجموعة من الأحوطيات، فيها تشديد على خلق الله وكأنها أغلال.
إن كل دين ينقص عما قبله ما لم يتجدد، ونحن نريد أن نعود بالدين إلى هذه السعة والمرونة والتيسير، وأن ننبذ هذا الجمود من تفكيرنا، وقد كان السلف يقولون: \"من كان يومه مثل أمسه فهو مغبون، ومن كان يومه شرا من أمسه فهو ملعون\". والمغبون لا يكسب شيئا، إنما الخاسر هو الملعون.
* أشرتم إلى المعلوم من الدين بالضرورة، وهو تلك المنطقة الثابتة القطعية، التي لا يجوز فيها الاجتهاد، وهي التي تجسد وحدة الأمة وتمنع تمزقها وانهيارها. لكننا نرى في واقعنا المعاصر علماء دين ليسوا في مستوى الاجتهاد، يتم توظيفهم لخدمة هذه الثوابت، فكيف يمكننا إيقاف ذلك العدوان والحفاظ على ثوابت الأمة التي هي طوق النجاة لنا جميعا؟.
** إنني ما من مرة صليت وراء خطيب جمعة في مصر، إلا وخرجت منكدا مغموما. وعلى سبيل المثال وجدت أستاذا للتفسير في الأزهر يقول: \"
إن الأولياء وآل البيت هم الذين حموا القاهرة ومنعوا اليهود من دخولها عام 1967. وقد سألت عالما كبيرا وقلت له: هل حقا كان لآل البيت دور في حماية القاهرة عام 1967 قال: نعم، رأيت في المنام سيدنا الحسين - رضي الله عنه - وهو يمسك بباروده ويوجهها نحوهم، ورأيت السيد البدوي وهو يمسك ببندقية.
فإذا كان علماؤنا يقولون ذلك، ويقدمون الثقافة الفاسدة المسمومة للناس فما بالك بعوام المسلمين؟.
إن القضية هي أننا لا يوجد لدينا وعي إسلامي يفرق بين العالم المجتهد المجدد ومدعي العلم، وهكذا حدث خلط في الأوراق وانعدم وعي الناس بالقضايا الأساسية، وهكذا تمكن البعض من أن يخرج على الأمة بآراء يخالف فيها إجماع أكابر العلماء والمجامع الفقهية.
واستخدم العلماء لخرق المعلوم من الدين بالضرورة تحقيقا لمكاسب محدودة خطر يهددنا جميعا، وينبغي عدم العبث به وعدم السماح لأي أحد بهذا العبث.
إذا كان الواقع هو التشويش على علماء الأمة الثقات عن طريق مَن لم يمتلكوا آلة الاجتهاد، ولم يحظوا بثقة الأمة، فإن الناس في حيرة ولا يعلمون ما هي الضوابط والمعايير التي من خلالها يعرفون من هو المجتهد الذي إذا اجتهد وأخطأ فله أجر ثم يفرقون بينه وبين غير المجتهد؟.
هناك شرطان أساسيان في الاجتهاد، الأول: أن يصدر الاجتهاد من أهله، والشرط الثاني: أن يكون الاجتهاد في محله. وبالنسبة للشرط الأول فإن الأصوليين ذكروا شروطا للاجتهاد والمجتهد، بعضها متفق عليه وبعضها مختلف فيه، ومن الشروط المتفق عليها: العلم بالقرآن والعلم بالسنة والعلم باللغة العربية، فمن يجهل اللغة والنحو والصرف كيف يجتهد؟ وكذلك كيف يجتهد من لا يعرف أصول الفقه ليميز بين الخاص والعام والمطلق والمقيد والمنطوق من المفهوم.
أما بالنسبة للشرط الثاني وهو أن يكون محل الاجتهاد متوفرا، أي أن يكون الاجتهاد في أمر ظني، فلو اجتهد في أمر فرغت منه الأمة ومقطوعا به الحكم فهذا دليل على الجهل والخطأ. وهناك أمر خطير وهو أن البعض يريد أن يحول الظنيات إلى قطعيات فيمنعوا الاجتهاد فيها، كما أن هناك من يريد أن يحول القطعيات إلى ظنيات وكلا الأمرين خطأ فادح غير مقبول.
وكما قلت فإن حالة الوعي في الأمة هي التي تساعدها على أن تفرق بين العالم الثقة والعالم المزيف، وبين المجتهد وطالب العلم، فكلما زاد الوعي في الأمة أمكن بسهولة التفريق بين النموذجين. أما في عصر التشويش والثقافة المسمومة، والإعلام غير الصادق فلا يمكن التمييز بين النموذجين إلا بصعوبة بالغة.
* معظم فصائل الصحوة الإسلامية ركزت على العمل السياسي الذي يتميز بالمشكلات والتوتر، وتركت الجانب الإصلاحي والتربوي والدعوي الذي تحتاجه أمتنا الآن، بعد ما أصبحت لا تعرف شيئا عن الإسلام. ما رأيكم في هذه القضية؟.
** العمل الإسلامي متعدد الجوانب، ولا يمكن جمع العاملين في مجال الإسلام في جبهة واحدة، فالناس مختلفون وهذه هي السنة. ومن هذا الاختلاف يختلفون في مجال العمل، فمنهم من يهتم بإصلاح العقيدة فيحارب الشركيات والبدعيات والخرافات، ويريد جمع الناس على التوحيد. ومنهم من يعمل في مجال إصلاح العبادات وتنقيتها وإقامة مساجد تقام فيها الصلاة الصحيحة. ومنهم من يهتم بإنشاء البنوك الإسلامية ومحاربة الربا. ومنهم من يهتم بالجانب التربوي وإنشاء المدارس الإسلامية. ومنهم من يهتم بالجانب الثقافي ومحاربة الشبهات التي تشوش على الفكر الإسلامي. وهناك من هو مهتم بالجانب السياسي. والمجال يتسع لهذا كله، وليس من الضروري أن تتركز جهود الجميع في مجال واحد فقط دون باقي المجالات، والإسلام دين شامل.
وإذا كانت الحركة الإسلامية انهمكت في الجانب السياسي أكثر من الجوانب الأخرى، فيجب أن نعيد الأمر إلى حالة التوازن، فيجب أن نعطي الجانب الاجتماعي حقه، ويجب أن نتعلم من المنصرين في ذلك.
والعمل الاجتماعي والخيري وسيلة ناجحة من وسائل الدعوة، فحينما يراك الناس وأنت تسهر على خدمتهم سيقولون: إنك تستحق القيادة.
* هل فشلت الصحوة الإسلامية في أن تصبح حركة شعبية تتبنى هموم الأمة وتجعل قطاعات الأمة المختلفة تلتف حولها؟.
** لا أستطيع أن أوافق على هذه المقولة، والصحيح أن الحركة الإسلامية يحال بينها وبين الناس بمختلف الطرق والوسائل، وأولها: تزوير الانتخابات. وعلى الحركة الإسلامية أن تكسر هذا الواقع المفروض عليها، والذي يمنعها من الوصول للناس، وعليها أن تبتكر من الوسائل والآليات ما يمكنها من ذلك، ونحن والحمد لله لدينا عقول مبتكرة تستطيع ابتكار هذه الوسائل والآليات.
إننا لا نريد عملا انقلابيا ولا ندعو لاستخدام العنف، بل نريد فقط أن نعلّم الناس الإسلام، وأن نساهم في خدمة أمتنا، وأن نعد رجالا ليحرسوا هذه الأوطان، ويجب أن نبذل جهدا في ذلك.
* كثير من فقهاء الجماعات والتنظيمات الإسلامية يقولون: إن الجماعة فريضة، وعلى كل مسلم أن يبايع الجماعة وإمامها ولا يشق عصا الطاعة، نريد منكم توضيح الخطأ والصواب في ذلك؟.
** هذه الجماعات والتنظيمات الموجودة هي تكوينات تخدم الإسلام، وتجتهد في حق الإسلام مهتدية بأحكام الشريعة وقواعدها، ولا يجوز لأية جماعة أن تدعي العصمة في اجتهاداتها، فقد يكون الاجتهاد مصيبا وقد يكون خطأ، والإنسان المسلم ليس من الواجب عليه أن ينخرط في عمل جماعي، وبالتالي فالجماعة هي وسيلة لخدمة الإسلام، ونصرة المسلمين، وبالتالي فهي ليست فريضة.
ثم إن هناك خلطا بين الجماعة بمعني الفئة التي تعمل لخدمة الإسلام، والتي شاع استخدامها الآن لما نراه من كثرة الجماعات، وبين الجماعة التي جاءت في الأحاديث مثل حديث: (من فارق الجماعة شبرا فمات، فقد مات ميتة جاهلية). فهذه الجماعة ليست تلك، وإنما هي جماعة المسلمين كلهم.
وطاعة الأمير أي ولي الأمر واجبة، حتى لا يشذ من شذ، وتخرج فئات عن مجموع الأمة، وتحصل الانشقاقات التي ضيعت المسلمين.
وكذلك يمكن فهم البيعة، التي هي لولي أمر المسلمين عامة، وليست لأمير جماعة صغيرة من الجماعات المنتشرة الآن على الساحة.
* كيف تنظرون إلى إعدام الرئيس العراقي صدام حسين؟
** ليس لدينا اعتراض في أن تتم محاكمة صدام، بشرط أن يتم ذلك بواسطة العراقيين أنفسهم وليس بواسطة المحتل الأميركي، فمحاكمة صدام تحت الاحتلال هي محاكمة أميركية وليست عراقية وهو مالا يمكن القبول. لقد كان لصدام إيجابيات وسلبيات لكن الأمريكان حاكموه وأعدموه من أجل الإيجابيات لتخويف العرب. كما أن الأمريكان والصهاينة لم ينسوا له أنه أطلق 40 صاروخا على إسرائيل، وهم لا ينسون له أيضاً أنه أنشأ مفاعلاً نووياً في يوم من الأيام تكفلت إسرائيل بتدميره لمنع العراق من الحصول على التكنولوجيا النووية.
كما أن إعدام صدام يوم العيد أمر مرفوض إسلامياً، كما أنه من آداب الإسلام أن لا شماتة في الموت لكنهم شمتوا في الميت ولم يحترموا النفس الإنسانية. وبينما كان صدام رابط الجأش متماسكا وقابل الموت بعينين مفتوحتين ووقف كالجبل ينطق بالشهادتين التي لم يدعوه يكملها فقطعوا رقبته فيما كانوا يسبونه ويلعنونه وهو يقول لا إله إلا الله وهذه هي الطائفية بعينها التي لها أسوأ الأثر على الأمة، خاصة وأن الأمر يتم تصويره على أنه انتصار طائفة على طائفة أخرى.
* ما هو رأيكم في العنف الدائر في العراق، وخاصة ما يدور من أعمال تحت راية الطائفية وقتل السنة؟.
** ما يجري في العراق بعضه جهاد ومقاومة حقيقية وبعضه إجرام منظم تحت عنوان الطائفية أو بدعوى الطائفية، وبعضه إرهاب وعنف ليس له مبرر، ولا نستطيع أن نقول إن ما يجري في العراق له شكل واحد، هناك مقاومة من أول يوم رفضت النظام الأمريكي والاحتلال الأمريكي، كان الأمريكيون يظنون أن الشعب العراقي سيقابلهم بالزهور والأحضان فقابلهم بالرصاص والبنادق، المقاومة كانت من أول يوم وهي مقاومة مشروعة مقاومة للاحتلال ولا يستطيع أحد أن يقول إن مقاومة الاحتلال أمر فيه أي شائبة، لكن هناك أيضاً إجرام منظم تقوم به ميليشيات يحركها أناس، خصوصاً ضد أهل السنة في العراق، وهذا أمر ينبغي أن يدركه كل عاقل، هناك أناس أيضاً يقتلون من الفريقين من أهل السنة ومن الشيعة ولا يريدون الاشتراك في العملية السياسية ويريدون أن يفرضوا علي الناس رأيهم ولا يقتصرون على قتل الأمريكان، وهذا إرهاب نحن في الحقيقة نرفضه ونحن في الحقيقة تغلي دماؤنا وتتقطع أكبادنا لما يجري في العراق في كل يوم قتل ودماء تسفك وحرمات تنتهك، وأسأل الله أن يخرج العراق من هذه الفتنة وهذه الغمة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد