بسم الله الرحمن الرحيم
د. إلهام السمري داعية إسلامية، وحاصلة على الدكتوراه في الفلسفة، ومهتمة بقضايا المرأة على الأرضية الإسلامية، وهي تنتقد معظم الرؤى السائدة عن المرأة في وسائل الإعلام العربية، وكذلك في المنابر الثقافية العربية.
وفي هذه السطور تحدثنا د. إلهام السمري عن رؤيتها لواقع المرأة المسلمة المعاصرة، وكيف يمكن تطوير هذا الواقع.
كيف تنظرين إلى الهم النسائي الإسلامي، وما هي القضايا الأساسية التي تركزين عليها بالنسبة للمرأة؟
لا شك أن هناك إنجازات كثيرة تحققت لتطوير أوضاع المرأة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية. وإذا كان أول من اهتم بقضايا تطوير أوضاع المرأة، أمثال رفاعة الطهطاوي ثم قاسم أمين (مع الفارق بينهما في الدرجة والحدة) وقد اهتموا بها أولاً من واقع انبهارهم بالغرب وهزيمتهم النفسية أمامه، ثم أخذ هذا التوجه بعد ذلك المنحى العلماني، أي الانطلاق من أن تطوير أوضاع المرأة يجب أن يتم على أرضية غير إسلامية، فإن المحصلة في جانب منها كانت إيجابية، فزادت نسبة تعليم الإناث في مختلف المستويات، وكذا مشاركتهن المعقولة في كافة أمور مجتمعاتهن.
لكن في جانب آخر كان للخيار العلماني الذي غلب على التعليم والثقافة في مجتمعاتنا تأثير سلبي على قضايا المرأة، ما زلنا نكتوي بناره حتى الآن.
وإذا كانت الصحوة الإسلامية قد أصبحت واقعًا لا يمكن تجاهله، وأثرت على مجتمعاتنا العربية، بل والعالم كله، فإنها لم تبذل الجهد الكافي والمنتظر منها لتطوير واقع المرأة داخل هذه التكوينات، على المستوى الثقافي والفكري والمهني، وعلى مستوى إدماجها بصورة أكبر في مجتمعها، وتقديمها لهذا المجتمع على أنها النموذج الذي ينبغي أن يُحتذى. وبالتالي تقل وتخفت حدة الانتقادات العلمانية حينما ترى اهتمام التيارات الإسلامية بالمرأة.
هل أنت راضية عن تناول الإعلام العربي لقضايا المرأة؟
الإعلام العربي، في عمومه، لا يعالج قضايا المرأة من المنظور الإسلامي، لأنه إعلام علماني حساس جدًا من الدين، والإسلام على وجه الخصوص. كما أنه يناقش قضايا المرأة بطريقة غير واقعية وغير منطقية، فهو يخاطب نساء الصالونات والطبقة العالية، على مستوى البرامج والأفكار، حتى في برامج الموضة والملابس، فإنه يعرض ملابس غير واقعية، ويقدم عروض أزياء مرفوضة لا يمكن أن تناسب مجتمعاتنا. وإذا قدم برامج عن المطبخ والوجبات يقدمها بطريقة لا يمكن للطبقات الكادحة، التي هي أساس المجتمع، أن تنفذها.
إنني يمكنني بكل بساطة أن أقرر أن الإعلام العربي غير أمين في التعامل مع قضايا المرأة، فهو يطمس وجه الحقيقة فيها، وينحاز لكل ما هو علماني ضد كل ما هو إسلامي، ويهتم بالشكل أكثر من المضمون، ويقدم نماذج نسائية لا تصلح لبيئاتنا، وهو أيضًا إعلام مهزوم أمام الغرب وثقافته وحضارته (مع وجود استثناءات قليلة).
ومن ناحية أخرى فإن الإعلام يستغل جسد الأنثى في الأعمال التجارية، وتسويق المنتجات، والأسوأ من ذلك أن الفيديو كليب يستخدم هذه الأنوثة في نشر الرذيلة والفاحشةº إذ يركز تصوير الفيديو كليب على أماكن الإثارة والإغراء في جسد الأنثى، كما يصورها غالبًا في دور العاشقة التي تتدلل على حبيبها.
أما المسلسلات والأعمال الدرامية، فكثير منها يصور الأنثى على أنها كائن يعاني من مشكلات سببها دائمًا - أنها أم وزوجة - ومعنى ذلك أن دوري المرأة الأساسيين هما سبب تعاستها، ويكمن حل هذه المشكلات في هذه الأعمال الدرامية في أن تتمرد الأنثى على هذين الدورين ومسؤولياتها.
كما يُلاحظ أن كثيرًا من الأعمال الدرامية تدعو المرأة إلى التمرد، وتقلل من قيمة ربة البيت.
إن نموذج الأنثى الذي تقدمه وسائل الإعلام يصعب الاقتداء به، بل إنه يؤدي إلى زيادة التفكك الأسري، فعندما تعرض وسائل الإعلام الأنثى دائمًا بصورة مبهجة ومظهر أنيق، وفي أبهى زينة وأجمل ثياب، وهو ما يتحقق في الواقع بين الإناث بنسبة ضئيلة، فهذا يؤدي إلى زهد الأزواج في زوجاتهم اللاتي قد لا تستطيع الكثيرات منهن الوصول إلى ذات الدرجة من جمال إناث الإعلام، ومن هنا تحدث المشكلات بين الأزواج، ويشعر الزوج بأنه غير راض عن مستوى جمال زوجته.
الإعلام العربي، في عمومه، لا يعالج قضايا المرأة من المنظور الإسلامي، لأنه إعلام علماني حساس جدًا من الدين، والإسلام على وجه الخصوص. كما أنه يناقش قضايا المرأة بطريقة غير واقعية وغير منطقية، فهو يخاطب نساء الصالونات والطبقة العالية، على مستوى البرامج والأفكار، حتى في برامج الموضة والملابس، فإنه يعرض ملابس غير واقعية، ويقدم عروض أزياء مرفوضة لا يمكن أن تناسب مجتمعاتنا. وإذا قدم برامج عن المطبخ والوجبات يقدمها بطريقة لا يمكن للطبقات الكادحة، التي هي أساس المجتمع، أن تنفذها.
إنني يمكنني بكل بساطة أن أقرر أن الإعلام العربي غير أمين في التعامل مع قضايا المرأة، فهو يطمس وجه الحقيقة فيها، وينحاز لكل ما هو علماني ضد كل ما هو إسلامي، ويهتم بالشكل أكثر من المضمون، ويقدم نماذج نسائية لا تصلح لبيئاتنا، وهو أيضًا إعلام مهزوم أمام الغرب وثقافته وحضارته (مع وجود استثناءات قليلة).
ومن ناحية أخرى فإن الإعلام يستغل جسد الأنثى في الأعمال التجارية، وتسويق المنتجات، والأسوأ من ذلك أن الفيديو كليب يستخدم هذه الأنوثة في نشر الرذيلة والفاحشةº إذ يركز تصوير الفيديو كليب على أماكن الإثارة والإغراء في جسد الأنثى، كما يصورها غالبًا في دور العاشقة التي تتدلل على حبيبها.
أما المسلسلات والأعمال الدرامية، فكثير منها يصور الأنثى على أنها كائن يعاني من مشكلات سببها دائمًا - أنها أم وزوجة - ومعنى ذلك أن دوري المرأة الأساسيين هما سبب تعاستها، ويكمن حل هذه المشكلات في هذه الأعمال الدرامية في أن تتمرد الأنثى على هذين الدورين ومسؤولياتها.
كما يُلاحظ أن كثيرًا من الأعمال الدرامية تدعو المرأة إلى التمرد، وتقلل من قيمة ربة البيت.
إن نموذج الأنثى الذي تقدمه وسائل الإعلام يصعب الاقتداء به، بل إنه يؤدي إلى زيادة التفكك الأسري، فعندما تعرض وسائل الإعلام الأنثى دائمًا بصورة مبهجة ومظهر أنيق، وفى أبهى زينة وأجمل ثياب، وهو ما يتحقق في الواقع بين الإناث بنسبة ضئيلة، فهذا يؤدي إلى زهد الأزواج في زوجاتهم اللاتي قد لا تستطيع الكثيرات منهن الوصول إلى ذات الدرجة من جمال إناث الإعلام، ومن هنا تحدث المشكلات بين الأزواج، ويشعر الزوج بأنه غير راض عن مستوى جمال زوجته.
نلاحظ الآن انتشار ظاهرة الطلاق بعد الزواج بشهور أو سنوات قليلة، فنجد كثيرًا من الفتيات في العشرينات أو بداية الثلاثينات وقد أصبحن مطلقات. كيف ترين سبب هذه الظاهرة؟
هذه الظاهرة هي محصلة الثقافة الاجتماعية السائدة الآن، سواء من قبل الأمهات أو الفتيات الصغيرات، وهي التدليل والحرية الزائدة بدون تحمل للمسؤولية.
ومن ناحية أخرى فقد تزامن هذا الوضع مع ظاهرتين هامتين جداً، وهما الزواج العرفي والخلع. فبعض الفتيات اللواتي خضن تجربة الزواج العرفي استسهلن هذا الأمر، أو كن مقبلات على الزواج الرسمي للخروج فقط من مأزق الزواج العرفي، ومن ناحية أخرى فإن الخلع أيضاً ساهم في تزايد تلك الظاهرة، وخصوصاً أن المرآة عاطفية وانفعالاتها سريعةº فتحت أي ضغط لا تستطيع أن تتحمل المسؤولية وتقدم على هذه الخطوة المتهورة.
وأنا هنا أشير إلى أن الشاب الآن يقع عليه نفس المسؤولية بل أكثرº لأنه على الرغم من بنيانه الشكلي بأنه رجل إلاّ أنني ألاحظ أن شباب العشرين والخامسة والعشرين معظمهم مازالوا يعيشون مراهقةº لأن الآباء والأمهات تحمّلوا عنهم المسؤولية وخصوصاً بين أبناء الطبقات الغنية.
ما هي الثقافة التي ترين أنها غائبة عن نسائنا وبناتنا لتجنب الطلاق المبكر؟
لابد أن نهتم بثقافة إعداد الزوجة الناجحة، إن هناك معاهد لإعداد القادة، وجامعات في شتى العلوم الإنسانية لإعداد الكوادر في مختلف المجالات، لكن أهم مؤسسة تربوية في المجتمع هي إعداد الفتاة للزوجية، ويجب أن تتكاتف الجهود سواء من البيت أو المدرسة أو الجامعة لإعداد وتربية الفتاة على تحمل مسؤولية الأسرة، فنجاح أي مجتمع قائم على استقراره الأسري.
والفتاة يجب أن تُربّى منذ الصغر على كيفية تحمل مسؤولية البيت وطاعة الزوجº فالزواج ليس مجرد عرس وفستان، لكنه تربية أجيال، فالزوجة يجب أن تكون مدرسة، راعية لزوجها ولأولادها.
وأولويات الزوجة الناجحة هي طاعة الزوج بالكلمة الطيبة وحفظ أسراره وحفظه في غيابه وفي حضوره وحسن التدبير في المنزل، وهذه الأمور أكثر أهمية من إعداد الأطباق والأواني والأثاث والأجهزة الكهربائية. فهذه الأمور المادية يمكن التغلب عليها وتعويضها، لكن إعداد الزوجة الصالحة مسؤولية كبيرة يجب أن تهيأ لها الفتاة منذ الصغر.
ومن ناحية أخرى فإن إعداد الفتاة لكي تكون زوجة صالحة ومسئولة عن أسرة يستلزم القدوة الحية وتلك هي لب القضية، أما التغير الذي لحق بالفتاة اليوم فسببه الأساسي التحولات الاقتصادية، وما لحق بها من تغيرات اجتماعية أدّت إلى تراجع القيم الأسرية المحافظة، وتقدم قيم جديدة لا تأخذ في الاعتبار التربية..ومن العوامل المؤثرة سلبًا في المرأة والأسرة غياب التدين الحقيقي المترجم في سلوك عام.
كيف ترين اهتمام قطاع عريض من النساء بالأحلام وتفسيرها، ومجاراة القنوات الفضائية للظاهرة، وتخصيص برامج عديدة لها؟
النساء أكثر اهتمامًا بالأحلامº لأن عواطفهن تتغلب على تفكيرهم العقلي، ومن ناحية أخرى فإن انتشار تلك الظاهرة بين الناس وخدمة الإعلام لها مؤشر سلبي، لأننا أولاً لا نبني أحكامنا ولا مسيرة حياتنا من خلال الأحلام، حتى إننا نطلق على من يتصور أشياء أو يتوهمها أو يأمل في أن تتحقق له أمنيات مستحيلة أن هذه تعتبر أحلام يقظة.
فالأحلام هي نقيض الواقع، ونحن نريد أن نكون شعوباً واقعية أكثر مما نجري وراء الأحلام. ومن يقومون بتدعيم مثل هذه الأشياء اعتبرهم مثل الذين يفتحون المندل ويضربون الودع. ومعظم ما يدور في خلد الإنسان، وهو نائم أضغاث أحلام، وكذلك ما يحدث به نفسه أو يتمناه. أما الرؤى والبشارات فهذه قد تحدث لأناس على درجة كبيرة من التعبد والطاعات، وهم أيضاً لا يبنون عليها أحكاماً ولا يجب أن يتباهوا بها، فهي قد تكون منحة من الله وتثبيت لأمر يعلمه المولى - سبحانه وتعالى - ، أما أن نكوّن من خلالها مواقف أو نبرمج عليها حياتنا فهذا خطأ، ويجب على المرآة أن تهتم أكثر بواقعها ومشاكلها بدلاً من الجري وراء الأوهام.
كثير من الزوجات أصبحن لا يولين المطبخ أية أهمية، ويستبدلن الوجبات المعدة في المنزل بوجبات المطاعم السريعة، ما هي خطورة هذه الظاهرة؟
خطورة هذا النمط الغذائي مؤكدة من النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية.
فمن الناحية الصحية يدفع مرتادو تلك المطاعم ضريبة باهظة غير مرئية، فالسرعة لها ضريبةº لأن تحضير الطعام بشكل سريع يستدعي استخدام مواد مضافة، وكيماويات ما يعلم كنهها إلاّ الله - تعالى -، ومع السرعة، فليس هناك وقت كافٍ, لمراقبة الجودة ومتابعة السلامة في المواد المستخدمة وطريقة الطهي.
ومن الناحية الاجتماعية ساهمت في تفكيك الأسرة، فأصبحت الأسرة لا تجتمع على المائدة، ولا يدور بينها الحوار الذي يؤدي إلى تعميق العلاقة، وأصبحت الأسرة لا تجتمع إلاّ عند النوم.
ومن الناحية الاقتصادية أدخلت هذه الوجبات السريعة على ميزانيات الأسرة بنودًا جديدة، وحمّلتها بأعباء إضافية، الأسرة في غنى عنها.
يلاحظ الجميع أن مجتمعاتنا أصبحت تعاني من ظاهرة العنف، سواء السياسي أو الاجتماعي أو حتى على مستوى الأسرة. ما هي أسباب هذه الظاهرة؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟
الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية غير المواتية التي تمر بها العديد من الدول العربية، في ظل ارتفاع الأسعار وانخفاض مستوى الأجور وزيادة معدلات البطالة، وإغلاق الأبواب أمام المشاركة السياسية الفعالة، كل ذلك أدى إلى إيجاد نوع من التوتر بين الأفراد، ودفع البعض منهم إلى اللجوء للعنف.
وكلما زادت حدة الضغوط أصبح رد فعل المواطن أكثر عنفاً، وأمام إتباع الحكومات العربية لأساليب البطش والشدة لقمع المواطنين، كانت النتيجة تحولاً في سلوك المواطن العربي ليصبح أكثر عدوانية.
كيف ترين دور المرأة في المجتمع المسلم، وكيف يمكن تطوير هذا الدور؟
المرأة ركن أساسي من أركان المجتمع المسلم في مجاليه العام والخاص في حاضره ومستقبله. فالمرأة هي أداة رئيسة لإعادة إنتاج القيم والمبادئ الأساسية للمجتمع المسلمº سواء من خلال دورها كأم أو من خلال أدوارها العامة كدورها البارز في العملية التعليمية. والمرأة بحكم قيامها على عملية التنشئة الاجتماعية الأولى ودورها الكبير في البناء الأسرى والاجتماعي هي مدخل عظيم الأهمية للتغيير والإصلاح لا يزال مهدرًا حتى اليوم، وطاقة عقلية وعملية هائلة وكامنة يمكن أن تساهم بدور عظيم في عملية البناء المادي والحضاري للمجتمعات المسلمة التي تواجه كلها دون استثناء في هذه اللحظة التاريخية مأزق التخلف المادي والحضاري.
وتفعيل هذا الدور يتطلب عملية تطوير وإصلاح معقدة، ولهذا الإصلاح شقان: مادي ومعنوي أو فكري. فالمادي مرتبط بتوسيع قاعدة الإنتاج وتنمية الموارد البشرية، بحيث تتسع للمرأة كمكون أصيل وليس طارئًا أو متطفلاً. والبعد المعنوي - وهو لا يقل أهمية- يتطلب إزالة كل ما لحق بالمرأة من غبن تاريخي واجتماعي أُلصق ظلماً بالدين، وتنقية ثقافة المجتمع من كل ما أُلحق بهذا الجنس البشري الذي كرّمه الله من الدونية والهوان.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد