أمير الجماعة الإسلامية الهندية بولاية كيرالا عارف علي توتانجيري


 

بسم الله الرحمن الرحيم

متفائلون بمستقبل الإسلام في الهند

أجرى الحوار: شوكت قوروف

 

جامعة مصرية

حين سمعت عن زيارته للكويت وعن محاضراته في قاعة جمعية الإصلاح الاجتماعي ولم أره من قبل اعتقدت أنني سألتقي شيخاً ذا لحية بيضاء، وها أنا التقي بشاب نشيط هو أمير الجماعة الإسلامية الهندية بولاية كيرالا عارف علي توتانجيري..

التقيته وأجريت معه الحوار التالي عن تطورات أوضاع المسلمين في الهند وولاية كيرالا..

 كيف يتم اختيار الإمارة لديكم بالجماعة وكيف تتشكل الجماعة الإسلامية الهندية؟

اختيار الأمير في الجماعة يتم عن طريق الاقتراع الحر بين أعضاء الجماعة في الولاية، ولكن القرار النهائي بهذا الأمر محسوم لأمير الجماعة لعموم الهند حسب قناعته، وهناك ثلاث مجموعات في التشكيل التنظيمي للجماعة وتسميتها بلغة الأوردو ركن (العضو) كاركون (عامل) ومتفق.

أما منتسبوها ومحبوها فيقدرون بالملايين وهم يقفون مع الجماعة في مواقفها المعتدلة والشجاعة والإنسانية في قضايا شتى سواء كانت سياسية، أو اجتماعية، أو ثقافية.. الخ.

ولكل ولاية أميرها. ومجلس الشورى المركزي في نيودلهي مكون من الممثلين من جميع الولايات ويترأسه أمير الجماعة الإسلامية لعموم الهند وهو الآن الشيخ الدكتور محمد عبد الحق أنصاري.

 هل جئت إلى الكويت من أجل تنفيذ مشروع خيري في بلدكم؟

لا ولكني جئت بعد أن وليت أميراً للجماعة الإسلامية لولاية كيرالا، وهي ثالث محطة ضمن جولة في دول الخليج وذلك قاصداً لقاء إخوتي الوافدين من ولاية كيرالا المنتمين للجماعة الإسلامية الهندية خاصة وكذلك إخواني وأصدقائي الكيرالويين عامة بالإضافة إلى إخوتي العرب من الشيوخ والأساتذة الأفاضل. ولكن هذه الزيارة تعد الأولى لي للكويت.

 هل عدد المنتسبين للجماعة كبير في الكويت؟

ليس بقليل وهذا شعرت به لما ألقيت محاضرات مختلفة منذ وصولي حيث احتشد فيها كثير من الكيرالويين (يقدر عددهم بأكثر من ألف شخص) وقمت بتعريفهم بالجماعة الإسلامية وغايتها وأنشطتها المختلفة ومنهجها الذي يبنى على الوسطية المعتدلة، كما التقيت الفئة المثقفة المختارة من المسلمين وكذلك مع فئة غير المسلمين الوافدين المنتمين لولاية كيرالا في لقاء دعوي.

 كم عدد المسلمين في الهند وفي ولاية كيرالا تحديداً؟

عدد المسلمين الآن في الهند يبلغ 180 مليون نسمة منتشرين في ولاياتها ال(28) بنسب متفاوتة من ولاية لأخرى، أما ولاية كيرالا التي أمثلها فيبلغ عدد سكانها 35 مليوناً ويبلغ عدد المسلمين فيها 8.5 مليون نسمة حيث يشكل 24% من إجمالي السكان، ونسبة المسيحيين فيها 19% والهندوس 57% وكما تعرف أن الهندوسية تشكل طبقات عديدة، من العليا التي يعتقدون أنهم أقرب إلى الآلهة ولهم الحق في أداء مناسك وطقوس المعبد، إلى السفلى المنبوذة المطرودة من المجتمع الهندوسي! وإن ولاية كيرالا على خلاف كثير من الولايات الهندية هي الوحيدة المعلنة رسمياً بأن 100% من سكانها يعرفون القراءة والكتابة وتتميز كيرالا بقيم التسامح الديني والثقافي.

 كيف تصف العلاقات الهندية الكويتية؟

العلاقة بين الهند والكويت تعود إلى مئات السنين وخاصة بمناطق نيبار الكيرالوية بتبادل الصفقات التجارية من البهارات والخشب ومياه الشرب وغيرها، ولا ننسى دور دولة الكويت الحاضر في مواقفها الداعمة للقضايا الإسلامية والمسلمين في الهند, وإنها منذ ثلاثة عقود من الزمن استضافت الطلبة الهنود في معاهدها وجامعتها ودعمت وما تزال تدعم مشاريع دينية وتعليمية، وكم من بئر ومسجد ومدرسة ومركز إسلامي وغيرها من المشاريع الخيرية والاجتماعية نفذتها دولة الكويت في مشارق الهند ومغاربها ممثلة بوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية وبيت الزكاة الكويتي والهيئة الخيرية الإسلامية العالمية والجمعيات الخيرية المختلفة.

لا يسعنا إلا أن نعبر عن عميق شكرنا وامتناننا لهذا البلد الطيب وندعو الله جلت قدرته أن يجزيهم عن مسلمي الهند خير الجزاء.

إن الهند هو بيت لأكبر ديمقراطية في العالم بسكانه البالغ عددهم حوالي أكثر من 1200 مليون نسمة، ونذكر ماضيه المشرق الذي كان دور المسلمين فيه دوراً قيادياً حيث حكم المسلمون بلاد الهند 8 قرون ما بين القرن 10 و18 الميلادي، والهند بلد متعدد الأديان والثقافات واللغات، ووسط هذه الكثافة السكانية الكبيرة تم تأسيس الجماعة الإسلامية الهندية عام 1941 على يد الإمام أبي الأعلى المودودي بأهداف واضحة المعالم، وفي المقام الأول نهضة الأمة المسلمة وإعدادهم للقيام بالدعوة الإسلامية بين الملايين من الأغلبية غير المسلمة.

 هل توجز لي ما تقوم به الجماعة الإسلامية الهندية في المجتمع الهندي؟

أولاً وقبل كل شيء.. فإن الجماعة تولي أهمية قصوى لعملها في تزكية أفرادها وهي بهذه الخطوة تعد صفوفاً متراصة متآلفة تستطيع القيام بالمسئوليات الملقاة على عاتقها خير قيام ولتقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دون إفراط وتفريط

وثانياً تتميز الجماعة الإسلامية بأنها حركة إسلامية دعوية في المقام الأول، وكما تعرف أن للدعوة مجالاً واسعاً في المجتمع متعدد الأديان والثقافات، ويمتاز عمل الجماعة بأنها تحاول جاهدة خلق جو من التعايش السلمي بين مختلف الطوائف الدينية وغير الدينية.

أما عمل الجماعة فيتسم بالوسطية والاعتدال بعيداً عن التطرف والإرهاب، بل إن لنا منهجاً وخططاً واضحة حيث نستهدف الوصول إلى القلوب وهذا نموذج رائع لعمل الدعوة في مجتمع متعدد الأديان، ونرى أن هناك تأثيراً قوياً لهذا الأسلوب حيث تصل أعداد المعتنقين للإسلام في الولاية إلى خمسة أشخاص يومياً على أقل تقدير.

وفيما يتعلق بإصلاح المسلمين فإن هناك عدة وسائل، إذ يوجد تحت إشراف الجماعة حوالي 500 مسجد في مختلف أنحاء الولاية حيث يبلغ عدد المستمعين لخطب الجمعة فيها أكثر من مائة ألف شخص، وهناك 300 مدرسة دينية تحت إشراف مجلس التعليم الإسلامي الذي أسسته الجماعة خصيصاً لهذا الغرض بالإضافة إلى 30 كلية وجامعة إسلامية افتتحها رسمياً العلامة الدكتور يوسف القرضاوي قبل 3 سنوات حيث خططت أن تكون في المستقبل صرحاً ومناراً للعلم والتعليم والبحوث في بلاد الهند، وبالنسبة لمراكز تعليم القرآن الكريم يتعلم فيها أكثر من 15000 شخص رجالاً ونساء منهم أطباء ومهندسون وأساتذة الحكومة ومهنيون.

وكذلك لنا جهود مستمرة ومثمرة لتوحيد صفوف المسلمين حيث نقوم بدور فعال وقيادي في هذا الموضوع.

 وماذا عن نشاطكم في مجال الإعلام وهل لديكم مجلة أو إصدارات؟

نعم، فيما يتعلق بمجال الإعلام، تنشر الجماعة في كيرالا مجلة \"الدعوة\" منذ سنة 1949م باللغة المحلية ويبلغ عدد قرائها حالياً 175000 قارئ، ولها مجلة بحثية إسلامية ومجلة نسائية ومجلة الأطفال.

وفي سنة 1987 وكتجربة ربما فريدة من نوعها تحت إشراف جماعة إسلامية في العالم، بدأت الجماعة الإسلامية بكيرالا في إصدار صحيفة يومية، من 9 مدن في الهند ومن 3 عواصم خليجية، وتعد الآن بتوفيق من الله - سبحانه وتعالى - عملاً ناجحاً بل فوق التوقعات حيث يبلغ عدد قرائها أكثر من مليون ونصف المليون قارئ، وهذه الجريدة مشهورة بمواقفها بعدم الانحياز حيث ليس لها صبغة معينة مما يمكن القبول لشرائح واسعة من الديانات والمجتمعات والشعوب المختلفة في الولاية بدون تردد وهم يعتبروها جريدتهم، وهي بالفعل وسيلة غير مباشرة للدعوة الإسلامية وأداة للصوت لقضايا الجميع خاصة قضايا المسلمين ورفع صوت من لا صوت له من المستضعفين من الشعوب.

 وما دوركم في المجال الاجتماعي؟

إن حركة الجماعة الإسلامية الهندية ليست حركة دينية تقليدية بل هي حركة متكاملة اجتماعية، وتهتم بخدمة الأنام وتقديم الخدمات الاجتماعية والإنسانية.

كما تشرف الجماعة على العديد من الجمعيات الخيرية منها ما يكفل الأيتام والمساكين ورعايتهم وكذلك مستشفيات خيرية متطورة.

وفي المجال الاجتماعي أيضاً أسست الجماعة في كيرالا \"حركة التضامن الشبابي\" وتتركز هذه الحركة في المشكلات الاجتماعية حيث تحارب ضد الفساد والفوضى في الإدارات الحكومية والمشاكل المستحدثة مثل تلك التي تطرأ نتيجة العولمة وتدخل الدول الكبرى بجدول أعمالها الخفية الذي يضر البشر والشجر والتراب والسماء، وذلك بواسطة كل وسائل الاحتجاج من مسيرات وندوات ومطبوعات، الخ.

وهناك الحركة الطلابية وحركة الطالبات تعمل في محيط مدارسهم وجامعاتهم ويغرسون روح الوعي الديني والثقافي في نفوس الطلبة وتحارب ضد آفات الزمان من المخدرات والخمر والرذيلة.

 هل أنتم متفائلون بمستقبل الإسلام في الهند؟

نعم، نحن متفائلون بمستقبل الإسلام في الهند، والجماعة بمواقفها المتميزة بين سكان هذا البلد تستطيع التأثير إيجابياًَ في نفوس الشعب الهندي إن شاء الله.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply