\'أوجد له البديل\'


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

في زيارة الأقارب:

 

هيا أحمد.. تعال.. أسرع

 

عمرو يجري مسرعًا آخذًا بيد أحمد بن عمه الذي جاء في زيارة له.

 

تعال معي نشاهد التلفاز حان موعد السيرك... كم أشتاق لمشاهدة الأسود المدربة والقرود الفكاهية والكلاب المضحكة والسحر العجيب.

 

سال لعاب أحمد... وجلس أمام جهاز التلفاز وقد اتسعت حدقتا عينه وجلس فاتحًا فمه مندهشًا من هذا الجهاز العجيب الذي لم ير مثله في البيتº لأن والده الشيخ ناصر لم يشتر له هذا الجهاز.

 

تأخر الوقت وحان موعد الانصراف وأحمد مازال جالسًا كالمعتوه أمام التلفاز يتابع برنامج تلو برنامج وفقرة تلو فقرة.

 

وجاء أبو أحمد ليأخذه للبيت.

 

هيا يا أحمد لقد تأخر الوقت.

 

أحمد: أبي انتظر قليلاً حتى أكمل هذا البرنامج.

 

أحمد هيا هذا خطأ.

 

أحمد: أبي إنه ممتع جدًا.. دعني أشاهد. žž

 

في المدرسة:

 

وليد: هل رأيت فليم الأمس؟

 

أحمد: عن ماذا تتكلم.

 

وليد: ألم تر البطل وهو يبرز عضلاته أمام الجميع ويحارب بقوة خارقة حتى قضى على الأعداء. كم أنا فخور به وأتمنى أن أكون مثله.

 

أحمد: وماذا أيضًا؟

 

وليد: تخيل أن البطل له القدرة على الطيران إنه يسمى \'سوبر مان\' أي الرجل الخارق.

 

أحمد: أكمل أكمل... كم أشتاق لمشاهدة هذا الفيلم.

 

وليد: لقد قمت بتسجيله يمكنك زيارتي في أحد الأيام لمشاهدته.

 

آباء محتارون:

 

في البيت المسلم الملتزم بتعاليم الإسلام الحميدة، المحافظ على واجباته المجيدة يحتار الآباء دائمًا في أمر التلفاز.. يشترونه للبيت أم لا؟

 

كل البيوت يوجد بها هذا الجهاز مع ما فيه من أضرار ومفاسد في أغلب الأحوال.. وبالتالي فعدم وجوده في البيت الملتزم سيؤدي إلى أن يكون الأطفال في هذا البيت كما يقول البعض متخلفين.. لا يجارون أحداث الواقع ولا يتطورون مع المجتمع ويعيشون في الكهف.

 

هذا ما حدث مع أحمد ابن الشيخ ناصر فلقد منع أبوه دخول التلفاز البيت، فكانت النتيجة أن أصبح أحمد كما يقول الناس: طفل متخلف لا يعرف شيئًا عن الواقع ولا يدري شيئًا عما يدور حوله.

 

هذا ما وجده أحمد في بيت أقاربه وفي المدرسة، ولو وسعنا دائرة البحث لوجده في السوق وفي وسائل المواصلات وفي القرى والشوارع والمحطات، لقد نجح أعداء الله أن يخترقوا بهذا الجهاز اللعين كل ثقب في بلاد المسلمين.

 

ووجوده أكبر الضرر:

فوجود التلفاز في بيت المسلم له من الأضرار الخلقية والنفسية والسلوكية والصحية على الطفل ما الله به عليم.

 

ثم إن أطفالنا في سن البلوغ من التمرد بحيث لا يستطيع أحد التحكم في تصرفاتهم خاصة والأب مشغول بجمع الأموال، والأم ضعيفة القوة والسيطرة بطبيعة الحال، فوجود أطفالنا بعد ذلك في المجتمع الذي عم به الفساد والأخلاق الذميمة في كل مكان، ونجد بعد ذلك أيضًا التلفاز في البيت بما يُعرض فيه من الأفلام والمسلسلات والإعلانات التي تمثل أغلب برامج عرضه. مع كل هذا كيف سنضمن إذن لأولادنا الصلاح؟

 

وكيف لا نخاف عليهم من ـ جهاز التلفاز ـ؟

 

ـ حدِّث ولا حرج عن أفلام الحب والاختلاط التي لا يتورع الآباء عن متابعتها حتى في وجود الأطفال، فيتعلم الأطفال أمورًا لا تناسب سنهم يكون لها أكبر الضرر على سلوكياتهم.

 

ـ التلفاز مضر بأطفالنا فهو يضيع أوقاتهم أمام تفاهات ويعلمهم الكسل والخمول، ويسبح بخيالهم إلى عالم الأساطير والخيال وينأى بهم عن الواقع وكيفية مواجهته.

 

ـ ولكن كيف السبيل إذن ووجوده ضرر، وعدم وجوده يجعل أبناءنا في نظر الناس متخلفين لا يعلمون شيئًا عما يدور حولهم، ولا يفهمون شيئًا عن واقعهم مما يضعف ثقتهم في أنفسهم ويجعلهم يرتدون على أعقابهم ليجاروا الواقع.

 

فكر في أصل المشكلة:

 

الأطفال عندهم من القوة والطاقة والنشاط ما يملأ العالم بأسره لصغر سنهم وعدم انشغالهم بهموم الحياة، فعندهم طاقة لابد أن تفرغ وبقدر ما تفرغ هذه الطاقة جيدًا بقدر ما يكون لهذا التفريغ أعظم أثر في تقوية شخصية الطفل.

 

ـ ولكن تنبه فالطاقة المفرغة في التلفاز لا تنشئ طفلاً قويًا... هذه القوة هي قوة وهمية لأنها مستقاة من بحر الخيال وتخاريف الأقوال... هذه القوة ستنتج لك طفلاً يتكلم فقط ولا يفعلº لأنه سمع ورأى في التلفاز ولكنه لم يتحرك بنفسه.

 

ـ ماذا يوجد في التلفاز إذن؟

 

مباراة، فيلم، مصارعة، مغامرة، إثارة، فكاهة.

 

هذه كلها حاجات نفسية لدى الطفل يلبيها من خلال متابعته للتلفاز، ولكنها تملأ نفسه داخليًا وتضغط على أعصابه دون أن تفرغ هذه الطاقة خارجيًا أو على الأغلب لا يفرغ خارجيًا بقدر ما يعبئ داخليًا.

 

إذن فالطفل القوي هو الطفل الذي يفرغ طاقته خارجيًا في صورة أعمال والذي يعتاد إنجاز الأشياء، ولا بأس من التعبئة الداخلية، ولكنه ليس من التلفاز فقط فالبديل موجود وهو الحاسوب الآلي.

 

ـ إن الأطفال عندهم طاقة عظيمة بحاجة إلى تفريغ، وهذا الجهاز يمتص قدرات أطفالنا وذكاءهم وقوتهم في أوهام وأحلام وأساطير.

 

كيف تجعل ابنك متميزًا بلا تلفاز؟

 

1ـ لا تقل له: التلفاز- بما يقدمه في أغلب الأحوال- حرام ـ في البداية ـ لأن هذه المعلومة لن تفيده الآن بل سيكون ضررها عليه، إن هو رددها في المجتمع أكبر بكثير من نفعهاº لأنه سيقابل بهجوم شديد من الآخرين فيصاب بالإحباط وتضعف ثقته بنفسه.

 

2ـ اطلب من أقاربك أو أصدقائك الذين تذهب إليهم ومعك أبناؤك ألا يشغلوا التلفاز في وجود أبنائك.

 

3ـ أكثر من ذكر أضرار التلفاز بصورته القائمة حاليا، وركز الآن على الأضرار الصحية وإضاعة الوقت وتفكيكه للتجمع الأسري وكثرة التفاهات.

 

ـ على الآباء أن يتقوا الله ويكونوا قدوة لأبنائهم فعندما يرى الطفل والديه يشاهدان التلفاز سيقوم بالتقليد.

 

ـ الاستفادة من الأوقات للقيام بالواجبات الاجتماعية من بر الوالدين وصلة الأرحام وتفقد الأرامل والمساكين وإعانة أصحاب الحوائج.

 

ـ الاشتغال بطلب العلم وحث أهل البيت على زيادة معلوماتهم الشرعية.

 

ـ وضع دروس يومية منتظمة بجدول ثابت لحفظ القرآن.

 

ـ الاهتمام بإيجاد مكتبة أسرية متنوعة تحوي مختلف العلوم وتكون في متناول الجميع.

 

ـ الاستفادة من برامج الحاسوب المتوفرة بكثرة بما في ذلك المسابقات وبرامج الذكاء.

 

ـ القيام بالنزهات البرية للأماكن الخلوية البعيدة عن أعين الناس والتبسط مع الزوجة والأبناء وإشباع رغباتهم في اللعب والجري وصعود الجبال واللعب بالرمال.

 

ـ وضع برنامج رياضي للأب والأم والأبناء بمعدل يومي عشر دقائق مثلاً حتى وإن اقتصر على التمارين الخفيفة.

 

ـ زيارة الصالحين والأخيار والاستفادة من تجاربهم والاستئناس بأحاديثهم وربط الناشئة بهم ليكونوا القدوة بدلاً من الممثلين والمهرجين.

 

ـ اشتغال الفتيات بأعمال المنزل وتدريبهن على القيام بالواجبات المنزلية وتعويدهن على تحمل مسئولية البيت وتربية الأطفال والقيام بشئونهم.

 

ـ وضع جدول زمني ـ شهري مثلاً ـ لحضور بعض محاضرات العلماء في المساجد.

 

ـ اجعل يومًا في الأسبوع يومًا مفتوحًا في المنزل لإلقاء الكلمات المفيدة وبث الفوائد بين الجميع وطرح الأفكار ورؤية إنتاج المنتجين في الأبناء والصغار.

 

ـ عمل قائمة بالأنشطة والدرجات والتقديرات للأبناء وتحسب نقطة لكل عمل جيد وأخرى لكل جهد متميز، وهكذا في نهاية الأسبوع توضع الجوائز لصاحب أعلى النقاط.

 

ـ التأمل الدقيق في بيوت كثير من الأخيار التي تخلو من الشاشات وكيف تجد ـ بفضل الله ـ صلاح أبنائها واستمرار أهلها وحسن تربيتهم على التقوى والصلاح.

 

ـ الاهتمام بهوايات الأبناء وتوجيهها نحو خدمة الإسلام والمسلمين وتشجيعهم على المفيد منها.

 

ـ إعداد البحوث علامة على مقدرة الشخص وتمكنه العلمي ولكل عمر من الأعمار مستوى معين من البحوث.

 

ـ كثير من الناس يعتذر بوجود الشاشة لرغبتهم في معرفة العالم وأخبار الكون، مع حرص هذا، فهو غافل عن أخبار القيامة والبرزخ وأحوال البعث والنشور، ويمكن أن يكتفي بالإذاعة وبعض الصحف لمتابعة الأخبار والأحداث.

 

ـ لو طلب منك شخص أو جهة أن تضع في صالة منزلك خمسة أفراد ما بين رجل وسيم وامرأة فاتنة منهم الفاجر والفاسق ومنهم المهرج، وشرطت عليهم ألا يتحدثوا ولا يجتمعوا بأبنائك وزوجتك إلا بحضورك، فهل يا ترى تخرج مطمئن الفؤاد إلى هؤلاء وهم في عقر دارك؟!

 

ـ أوجد له البديل:

 

هو يريد إثارة.. أوجد له الإثارة من خلال جهاز الحاسب الآلي وأفلام الإثارة التي تنتقيها أنت بنفسك.

 

هو يريد الفكاهة أوجد له الفكاهة من خلال أفلام الكرتون الفكاهية في الحاسوب وكذلك من خلال الفسح والترفيه ومجالس السمر والطرائف.

 

هو يريد اللعب لابد أن يكون له على الأقل يوم في الأسبوع يذهب فيه للعب سواء الكرة أو الكونغفو أو المصارعة، المهم أن يتحرك ويلعب.

 

هو يريد الثقافة.. علمه كيف يجمع الأخبار ويتابعها عن طريق شبكة الإنترنت واطلب منه أن يعد لك تقريرًا أسبوعيًا عن أخبار الإسلام في العالم مثلاً.

 

ـ إذا كانت هناك بعض الفضائيات الهادفة مثل \'المجد\' و\'اقرأ\' يمكنه متابعتها عن طريق كارتة tv من خلال الحاسب الآلي فالتحكم هنا يكون أكثر، إضافة إلى أن التلفاز هنا يكون جزءًا من كل وليس هو كل شيء.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply