مسرحية ذات فصل واحد:
(1)
(داخل إحدى الكنائس يظهر البابا وهو يخطب في جمع من الناس بينما ترتفع أصوات النواقيس في الداخل)
البابا: أيها المؤمنون.. تطهروا من خطاياكم.. إن الرب يمنحكم فرصة الظفر بالمغفرة ودخول الجنة والبراءة من النار º احصلوا على صكوك الغفران وانعموا بالخلاص.. الخلاص.
أحدهم (للبابا): هل تبيعني صكاً يا مولاي؟
البابا: وبأبخس الأثمان يا بني، اشكروا السيد المسيح إنه يمنحكم ذلك لتنعموا بالنعيم.. إنها العدالة الحقه والرحمة المهذبة.
الرجل: والتفريغ يا سيدي؟
البابا: حالاً.. بعد استيفاء الثمن وقبض المثمن (للكردينال) أيها الكردينال.
الكاردينال: نعم يا سيدي.
البابا: حرر لهذا المذنب صكاً في الجنة بعد إقراره بخطيئته.
الكاردينال: الآن يا سيدي. (يخرج)
الرجل: ولكن!! بكم تبيعني المتر الواحد في الجنة؟!
البابا: كلٌ بحسب ذنبه!
الرجل: إذاً.. أريده بدينار.
البابا: ويحك!! أضنك لن تجد حتى مراباً في الجنة.
الرجل: ولما؟ ذنوبي قليلة ولا احتاج سوى متر واحد.
البابا: ما هكذا يتنافس المؤمنون... يا مسكين.
الرجل: إنني أنافس المذنبين وليس المؤمنين.
البابا: بدينار؟! تريد الجنة بدينار؟!
الرجل: أنا.. لا أملك الكثير من المال.
البابا: إذن.. هيئ نفسك لدخول النار وبئس القرار.
الرجل: (مذعوراً) النار!!.. لا.. سأدفع.. سأدفع وكما تريد (يخرج).
(يعود البابا إلى خطبته وقد اجتمع عليه الناس)
البابا: الخلاص.. الخلاص.. طهروا أنفسكم من الخطيئة أيها الناس..
(2)
(داخل الكنيسة يظهر البابا وهو يتفقد النقود التي جمعها بينما يدخل عليه الكاردينال خلسة فيراع البابا)
الكاردينال: (للبابا) سيدي.. أحدهم في الخارج ينتظر.
البابا: قل له يأتينا غداً.. لقد نفذت الصكوك.
الكاردينال: إنه يهوذا التاجر.
البابا: ويله!! ماذا يريد هذا الماكر؟
الكاردينال: ربما أراد دخول الجنة.
البابا: ولكنها محرمةٌ عليهم.
الكاردينال: ربما أراد المساومة في أمر الصكوك!
البابا: الصكوك!! أدخله فوراً.
الكاردينال: حالاً يا سيدي. (يخرج)
(يسرع البابا فيخفي النقود ويعود إلى التصنع في عبادته)
يهوذا: طاب مساؤك أيها البابا العظيم.
البابا: ماذا تريد يا يهوذا؟ هل تطمع في الجنة أنت أيضاً.
يهوذا: ولما لا يا مولانا؟
البابا: لقد حرمت عليكم منذ زمن.
يهوذا: (في سخرية) لم تعد كذلكº لقد أصبحت الجنة لمن يدفع.
البابا: ويلك!! أتهزأ بنا وبديننا.
يهوذا: عفواً.. لا أقصد ذلك يا مولانا.
البابا: إذاً.. ما الذي جاء بك؟
يهوذا: لقد جئت من أجل النار.
البابا: جهنم؟!
يهوذا: إنني أرغب في شراء جهنم كاملةً يا مولانا.
البابا: (ساخراً) إنها لك بالمجان.
يهوذا: أتبيعني إياها؟!
البابا: وبأبخس الأثمان.
يهوذا: وتكتب لي بذلك؟!
البابا: حالاً... (للكاردينال) أيها الكاردينال.
الكاردينال: أمرك سيدي.
البابا: بع لهذا الجشع نار جهنم.
الكاردينال: والثمن يا سيدي؟!
البابا: خذ منه القليل (لهما) هيا.. انصرفا ودعوني لصلاتي.
(2)
يهوذا: (في سخرية) فليبارك الرب تلك الصلوات.
الكاردينال: هيا بنا. (يخرجان)
(3)
(داخل الكنيسة البابا والكاردينال يجوبان المكان في غضب ظاهر)
البابا: ما هذا؟! إنها كارثة.. كارثةٌ وحق المسيح!
الكاردينال: لم يعد يأتي الناس إلينا.
البابا: هل آمن الناس جميعاً؟! هل تحولوا إلى ملائكة؟!
الكاردينال: أبداً.. ولكن.. آه.. تذكرت (يضرب على يده) إنه يهوذا.
البابا: ماذا؟ يهوذا!!
الكاردينال: نعم.. لقد عرفت سبب عزوف الناس عن شراء الصكوك.
البابا: قل. وحق المسيح
الكاردينال: إنه يهوذا.
البابا: يهوذا.. التاجر الماكر!!
الكاردينال: نعم يا سيدي لقد أعلن في الناس أنه اشترى جهنم وأعلن أيضاً أنه لن يدخل أحد من المذنبين فيها.
البابا: ولم يعد يحرص الناس على دخول الجنة.
الكاردينال: لأنه لم تعد هناك جهنمٌ أصلاً.
البابا: وإنما يشتري الناس صكوكاً في الجنة خوفاً من دخول النار.
الكاردينال: هذا هو السر
البابا: لقد أفسد علينا هذا الماكر.. علىَّ به
الكاردينال: حالاً يا سيدي. (يخرج)
البابا: المجرم... الماكر.. ولكنهم اليهود!! اليهود!! قاتلهم الله.
(يدخل الكاردينال مصطحباً يهوذا)
يهوذا: طاب مساؤك... يا مولانا
البابا: (محتداً) ماذا فعلت يا يهوذا؟
يهوذا: عن أي شيء يتحدث مولانا العظيم؟!
البابا: لا تتصنع الغباء أيها المخادع... كيف تغلق النار وتمنع الناس من دخولها؟!
يهوذا: وهل يطمع مولانا في دخولها؟ سأفتحها حالاً.
البابا: أيها الجاهل.. وهل تملك دخول أحدٍ, النار؟!
يهوذا: ولكنك تملك دخولهم الجنة.
البابا: أيها المخادع... ستقيلني من هذه البيعة.
يهوذا: لا.. لن أقليك.. لقد بعتني وانتهى الأمر.
(3)
البابا: قلت ستقيلني.. يعني ستقيلني.
يهوذا: عفواً يا مولانا.. ولكنني لن أقيلك.
البابا: سأدفع لك ثلاثة أضعاف ثمنها الأصلي.
يهوذا: بل خمسة أضعاف ثمنها.. وصكاً بدخول الجنة مجاناً.
البابا: قبلت.. هيا أعد لي النار.
يهوذا: هي لك منذ الآن.
البابا: وتعلن ذلك للناس.
يهوذا: دع الباقي علىَّ.. سيكون الناس على بابك زرافات ووحداناً.
البابا: هيا أغرب عن وجهي أيها اليهودي المخادع.
يهوذا: (في سخرية) سندعك لصلاتك.. ها.. ها. (يخرجان)
البابا: هلموا أيها الناس.. أنقذوا أنفسكم من النار.. لقد فتحت جهنم أبوابها اليوم للعصاة..
أنقذوا أنفسكم منها واحصلوا على صكوك الغفران.. الآن.. هيا.. خلصوا أنفسكم..
تـطـفـأ الإنـارة تدريجياً -
ستــــــارة -
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد