قناة (الهُرة) .. والدور المطلوب


 

بسم الله الرحمن الرحيم

هكذا نطقها الرئيس الأمريكي بوش عندما أعلن عن قناة الحرة الناطقة باللغة العربية، والحقيقة أنه لم يجانب الصوابº لأن الشبه بين قناة الحرة وبين الهِرّة ـ بالكسر القطة ـ كبير، ومما يذكر لبيان وجود الشبه بينهما أن الهرة ـ القطة ـ سئلت يوماً: \" لماذا يأتي أولادك مبرقشين ومختلفين في الشكل وفيهم من كل الألوان؟! فأجابت وبدون حياء: ( ذلك من الحياء؟!! ) تقصد أنها لا ترد يد لامس يريد أن يقضي منها حاجته ولذلك يأتي أولادها لعشرين أو ثلاثين أباً كلٌ منهم له نصيب!!.

إن ادعاء قناة الحرة نشر الحرية هو كدعوى الهرة للحياء سواءً بسواء!! إذ أنها مع دعواها العريضة تلك إلا أنها ما تلبث أن تفاجئنا بكل ما ينافي دعواها (( الحرية  )) كالهرة تماماً.

ويكفي دليلاً على كذب دعواها أن الذي يشرف عليها إشرافاً مباشراً هو وزارة الخارجية الأمريكية، وأن الذي يمولها هو مجلس الشيوخ الأمريكي (( الكونجرس )).

وقبل أن تبث القناة للمشاهدين برامجها من موقعها في ولاية فرجينيا الأمريكية تتحدث صحيفة ( هتسوفيه ) ـ اليهودية الناطقة باسم حزب ( المفدال ) الديني المتطرف ـ بأن هذه القناة ستعيد إلى العرب أفكارهم الراشدة بعيداً عن الغلو والتطرف على حد تعبيرها!!!

إن هذه القناة وما شابهها مثل محطة ((سوا )) الإذاعية ومجلة (( هاي )) الأمريكية الناطقة باللغة العربية والتي يتم توزيعها في العالم العربي ما هي إلا ترجمة عملية لتحقيق مبادرة (( كولن باول )) وزير الخارجية الأمريكي للشراكة والسلام والتنمية السابقة لمبادرة الرئيس بوش المسماة بمبادرة الشرق الأوسط الكبير والهادفة إلى فرض التطبيع مع العدو الصهيوني، وتأمينه وضمان سلامته ونموه وجعل ذلك أمراً مسلماً لا محيص عنه، وذلك عبر ما تبثه في برامجها من الآراء والأفكار المناهضة لروح المقاومة والجهاد، واعتبار المقاومة في فلسطين والعراق ونحوها إرهاباً وعملاً إجرامياً.

ولذلك فليس من الغريب أن يكون أول برنامج تبثه القناة (( الحرة ))  كان يتحدث عن حتمية التعايش السلمي مع إسرائيل عبر ما عرضته من المخيمات واللقاءات الطلابية والشبابية المكونة من اليهود الغاصبين وغيرهم من شباب البلدان العربية والإسلامية.

هذه هي الحرية المنكوسة التي تبشر بها القناة.. إنها حرية الغاصب اليهودي في أن يغتصب الأرض المقدسة، ويشرد أهلها ويقتلهم ويفعل بهم ما يشاء دون اعتراض واستنكار، وإذا حصل الرد على العدوان بمثله بادرت زعيمة (( الحرية )) في العالم ـ أمريكا ـ بالقول بأن ذلك ينافي السلام ومفاهيم الإخاء، وبالتالي فما يفعله المدافعون عن الأرض والعرض يعد إرهاباً يجب إيقافه!!

وبدون حياء ولا خجل تؤمر الضحية أن تشكر القاتل وهي ممتنةٌ له ليتحقق مفهوم الحرية على الطريقة الأمريكية في قناة الحرة.

لقد تحررت الحرة فعلاً من كل مفاهيم الحرية السامية النبيلة التي أتفقت عليها الشرائع والملل كلها ولا غرابة في ذلكº لأن القائمين عليها من الأمريكان واليهود هم حراس وصانعوا الديكتاتوريات في البلاد العربية والإسلامية باعتراف الرئيس الأمريكي بوش حيث اعترف بأن أمريكا دعمت الاستبداد في المنطقة ستين عاماً.. إن ذلك الاعتراف قد حصل كما يقول بوش: (لأنه قد آن الآوان لإيقاف ذلك الخطأ )!!

لقد رأت أمريكا أن تتجاوز الأنظمة القائمة في البلاد العربية رغم ما قامت به وما ستقوم به لاحقاً من الخدمات ـ لأنه في نظرها هو الحل الأمثل لإيقاف الخطأ المتمثل في ظهور الصحوة الإسلامية وثقافة المقاومة.

إن أمريكا لم تقبل ولن تقبل في يومٍ, من الأيام بحرية الشعوب في اختيار الحاكم الذي يحكمها والمصدر الذي تستمد منه قوانينها، وما فعله بريمر في العراق ليس منا ببعيد حينما رفض التوقيع على دستور انتقالي يجعل الشريعة الإسلامية مصدراً من مصادر التشريع.

إن على أمريكا إذا كانت صادقة في دعواها للحرية كما زعم رئيسهاº أن ترفع يدها عن البلاد العربية والإسلامية وأن تخلي بينها وبين اليهود الغاصبين، وأن تقدم من كان سبباً من مفكريها ومهندسي فسادها وإفسادها في الأرض كمجرمي حروب إلى العدالة ليحاكموا على جرائمهم، وأن ترد الثروات التي سرقوها خلال السنين الخالية، وأن تقدم اعتذارا للشعوب العربية والإسلامية لما اقترفته من الجرم في حقها وإلا فهي كاذبة في دعوى تبنيها ونشرها للحرية:

والدعاوى ما لم يقيموا عليها               بيناتٍ, أصحابها أدعياء

إن من السذاجة والبلادة المفرطة أن يتصور الأمريكان أن الشعوب العربية والإسلامية من الممكن أن تنسى جرائمها التي ارتكبتها في حقها ولا تزال ترتكبها صباح مساء بمجرد عملية تجميلٍ, جراحية لوجه أمريكا القبيح ليخرج لنا بصورة قناة الحرة وأشباهها.

إن على أمريكا أن تعتبر بمن مضى قبلها وهلك من الأمم والإمبراطوريات بسبب طغيانها وعلوها في الأرض وإلا فإن نهاية أمريكا ستكون مريعة، وإن كل يوم يأتي عليها تزداد فيه طغياناً وعتواً ليقربها من النهاية المحتومة ويضاعف حجم الدمار الذي سيحل بها، هذه سنة الله التي لا تتبدل ولا تتغير ولن تجد لسنة الله تبديلاً.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply