شكوى بين عامين


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

فجرٌ بَدَا.. وهِلالُ عامٍ, غَابَا * * * وكأنَّ قلبي لابثٌ أحقابَا

تتوَاردُ النُذُر الفِصَاحُ بأعيني * * * واللهُ يُحصي مَا عليَّ كتابا

وأتيهُ في دُنيا السَّرابِ وكلمَا * * * أغلقتُ بابا أشرعت أبوابا

أنّى تنالُ النفسُ منها رغبة ً * * * إلاَّ وتنشدُ رغبة ً ورِغابا

لا يرتوي العَطشانُ من رشافاتِها * * * ومعَ لذاذتِها سَرَت أوصَابا

دعني أبوحُ بمَا يمزّقُني، فقد * * * تـُسلي الشكاة ُ فؤادي الوَثـّابا

أستغفرُ الله العظيمَ بحكمه * * * أجرى الأمورَ.. وسبّبَ الأسبابا

لولا عُرى الإيمانُ تعقدُ مُهجتي * * * لوأدتُ قلبي.. أو قصدتُ يَبَابا

لولا عُرى الإيمانِ تبعثُ عزمتي * * * لتصوغ َ منها مجدَنا الخلاّبا

لولا عُرى الإيمان لم ترَ بسمة ً * * * أو تسق ِ غرسا.. أو تذق أعنابا..

هذي السنونُ تصرّمت أيامُها * * * فمضت.. ولم نملك لهنَّ إيابا

كم من حبيبٍ, غيّبته.. وكم منىً * * * تُقنا لها دهرا.. فكـُنَّ سرابا

ولكم تجندلَ ماجدٌ عن عرشِهِ * * * فحثت عليهِ جنادلا وترابا

وهنا المُعافى.. آمنٌ في سربِهِ * * * أضحى يكابدُ غربة ً وعذابا

وهنا عروسٌ سُجّيت في عُرسِها * * * في حينِ كان السَّعدُ منها قابا

وهناك زلزالٌ أناخَ فلم يدع * * * لحما ولا عظما ولا أعصابا

وهناكَ موجٌ هادرٌ غمرَ الرٌّبا.. * * * واللاعبين.. وغيّبَ الألعابا

فإذا المدائنُ صرن قاعا صفصفا * * * والصمتُ ينعى حُسنها الخلاّبا

وهنا الصحارى المقفراتُ شواهقٌ * * * طُلنَ السحاب.. وكنَّ قبلُ يبابا

والحرٌّ أضحى العبدَ في أوطانِهِ * * * وبيوتُ إخواني غدونّ خرابا

والطفلُ زادُ الطيرِ من أشلائهِ * * * والأمٌّ يُبقرُ بطُنها إرهابا

وإذا الحليمُ من البليّةِ حائرٌ * * * يدعو.. ويمسحُ دمعه المنسابا:

يا ليت أمي لم تلدنِ.. وليتني * * * يا ربُ قبل اليوم- كنتُ ترابا

وهنا العميلُ المستكنٌّ بحقدِهِ * * * لبسَ العمامةَ واعتلى المحرابا

أذكارُهُ لعــنٌ.. وطعــنٌ وعظُهُ * * * وإذا تنفـّــلَ يمّمَّ الســــردابا..

خانَ المكارم.. واستباحَ جوارَهُ * * * وقلى الصِحابَ.. وقبّلَّ الأغرابا

والقدسُ ثكلى.. والعراقُ أسيرةٌ * * * والخطبُ في الصومالِ عزَّ مصابا

وانظر فلولَ الغرب أضحت أمّة ً * * * والحزبُ أضحى عندنا أحزابا

وهناك سمسارُ الرذيلة ما خلا * * * يئدُ الحياءَ.. ويطعنُ الآدابا

في كفّه قمرٌ كسيفٌ أسحمٌ * * * أغوى شيوخا.. واستجالَ شبابا

والمسلمُ الغربيٌّ في عزماتِهِ * * * نصرَ النبيّ ومجّدَ الأصحابا

وابنُ العروبةِ سادرٌ في غيّهِ * * * والكهلُ في لجج الهوى يتصابى!!

واسترجلت بنتُ الخدورِ فمزّقّت * * * حُللَ الحياء ِ.. تعففا وحجابا!!

واستأنثَ الشبّانُ فارمُقهم بدوا * * * -أو قل بدينَ كواعبا أترابا!!

وهنا صريعُ الاكتتابِ وقد هوى * * * والسهمُ أنفذ َ.. قشرة ً.. ولُبابا

كانت لهم خضراءَ باردة الصَبَا * * * فإذا بها نارا لهـــم وعــــذابا

فافهم دروسَ الدهرِ في دورانِهِ * * * فالدهرُ أبلغُ حجّة ً وخطابا

واعمل لمثواك القريب فربما * * * وقفَ المفوّهُ لا يحيرُ جوابا

يا أمتي: هذا مقامُك فانهضي * * * فالحكمُ حكمكِ سنّة ً وكتابا

ترنو لكِ الدنيا فقودي خطوها * * * واشفي السقيمَ وبصّري المرتابا

آن الأوانُ لأمة الإسلامِ أن * * * تبني الحياة هداية ً ومتابا

يا فجرَ أمتِنا تجلّ على المدى * * * واكسُ الزمانَ تفاؤلا وشبابا

شقّ الســوادَ فللمخاضِ تألـٌّم ٌ * * * والصبحُ من كنف الظلامِ انسابا

آمنتُ أنّ اللهَ منجـــزُ وعــدِهُ * * * والمرجفون رجاؤهم قد خابا....

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply