بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه ومن والاه أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. إخوة الإيمان، هذه فتنة جديدة والله ما كنت أصدق أن تقع في أمتنا لولا أن رأيت ذلك بعيني وسمعته بأذني! ولا حول ولا قوة إلا بالله. وقعت ذات يوم قدرا على قناة فضائية غريبة اسمها (شهرزاد)..وبطبيعة الحال، وكأغلب الفضائيات التي صارت تنهال علينا من كل حدب وصوب، لم أدر ما مصدرها ولا من أي حفرة من حفر جهنم خرجت علينا! لقد هالني وراعني ما تبين لي من أمر تلك القناة وما تبثه من سحر وتسخير للشياطين وكهانة ودجل شيطاني لعين! ومكثت أتساءل، هل هؤلاء القوم، القائمون على تلك القناة يجهلون حكم السحر والتعامل مع الشياطين في دين الله؟ وإن كانوا هم يجهلون، فما بال ذلك البلد الذي خرجت منه القناة وبثت إرسالها منه؟! أليس في ذلك البلد من بين أصحاب السلطان رجل واحد رشيد، يأمر بإغلاق استديوهات تلك القناة ووقف إرسالها؟ أليس فيهم من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟ وإن لم يكن فهل عدم ذلك البلد من العلمانيين المتثقفين الذين يدعون إلى محاربة الخرافات والخزعبلات؟ أم أن سهام القوم لا ترمى إلا على من يخرجون دعاة للتوحيد والسنة فحسب؟ أم أنها قناة عربية اللسان وتستضيف عربا ولكنها تبث من بلاد الكفار؟ لا أدري والله! من وراء ذلك الكفر البواح والجهل المبين، ومن الذي اجترأ على إخراجه إلى الناس على هذه الصورة الفجة؟ سبحان الله! أنا أفهم أنهم يجهلوا حكم الغناء، أو حكم التبرج والسفور، أو غير ذلك من المحرمات التي عمت البلوى بالجهل بحكمها بين المسلمين، ولكن هل بلغ الكفر بهؤلاء حد إيهام الناس بأن السحر والكهانة واستعمال الجن هو من الدين وأن ذلك علم رباني سماوي (روحاني)؟؟ سبحان الله العظيم! إلى أين تمضي بنا سفينة الضلال والى أين يصحبنا الشيطان وأتباعه وزبانيته؟ نسأل الله العافية! القناة فكرتها تقوم وبكل بساطة على استضافة السحرة والكهنة ليتصل الناس بهم يطلبون منهم مساعدتهم وعونهم بما عندهم من علوم \"الروحانيات\"!! فمن سائل عن رزقه وعن مستقبله والكاهن يجيب، ومن مستفهم عن سبب حالته والساحر يفتيه بأن عليه سحر وعمل وأنه سيرسل إليه \"خادما\" من خدام الجن ليفك السحر ويحل مشكلته!! والناس يتصلون بلهفة وكأن أحدا منهم لم يفتح كتاب الله قط، ولا حول ولا قوة إلا بالله! ويفتتن الجهلاء المساكين وينبهرون إذ يرون الساحر ينبئ المتصل بحالته من دون أن ينطق المتصل بكلمة واحدة! والفاجر اللعين يقر ويعترف بأنه إنما عرف تلك المعلومات عن طريق \"خدامه\" من الجن الذين اتصلوا بقرين صاحب الاتصال فعلموا منه كل شيء! الرجل يقول بكل وضوح وصراحة: أنا أستعمل الشياطين وهم يخدمونني!! يقول أنا سأرسل إليكم خدام (شياطين) إذا ما اتصلتم بي!! فما بال القوم لا يفقهون في أي شيء يخوضون؟!! نحن نعوذ بالله من الشيطان في كل صلاة وهذا يرسل إلي من يطلبونه بالشياطين تؤزهم أزا!! فماذا أنتم فاعلون؟؟ سبحان الله العظيم! ماذا ينتظر هؤلاء المساكين المفتونين حتى يعلموا أنهم في ضلال بعيد وأنهم على خطر عظيم؟ أمر عجيب والله! الواحد من هؤلاء الملاعين يسمي نفسه بالشيخ، وربما أمسك بمسبحة أو تدثر بعباءة، فتسمعه ينطق ببعض آيات القرءان (ولا يكاد يتم آيتين بغير لحن أو تحريف)، وينصح بقراءة سورة ياسين أحيانا، وبكتابتها على ورقة ثم نقعها ثم شرب مائها أحيانا، وبكتابة طلاسم مما يملي عليه والتحجب بها أحيانا أخرى، وكل ذلك والقوم يتصورون أنه شيخ يعالج بالقرءان!!! الطامة في تلك القنوات أنها فوق ما فيها من سحر وكهانة، هي مجال جديد على أمتنا على الأقل لبث الشياطين إلى الناس وإغراقهم في السحر والكفر والعياذ بالله! فالمسألة ليست مجرد شهوة ستزول بمجرد أن يغلق التلفاز، أو شبهة يأتي فيها كلام العلماء دواءا ناجعا، وإنما القضية قضية تسخير للشياطين وتسليط لهم على رقاب الناس بالسحر والكهانة و\"الوكالة\" ونحو ذلك!! نعوذ بالله من الشيطان وأعوانه! بل إن أحدهم كان يباهي بأنه يسهر الليل كله يتلقى العلم من \"الخدام\"! ويجلس منبهرا يتفرج عليهم وهم يتقافزون من حوله طوال الليل، يعجب من بديع خلق الله فيهم! فإنا لله وإنا إليه راجعون! ومما زادني اشفاقا وحزنا وحملني على كتابة هذا الكلام، أني وجدت الأمر ينتشر بين الناس بسرعة عجيبة، وسمعت اسم القناة (هي وقناة أخرى تشبهها اسمها كنوز) يتردد هنا وهناك أكثر من مرة في وقت قليل! فسبحان الله، والله ما تكاد هذه الأمة تخرج من فتنة حتى تدخل في فتنة أخرى، فوالله لهي قطع الليل المظلم التي أنبأ بها سيد المرسلين - صلى الله عليه وآله وسلم -! نسأل الله العافية.ومما يلفت النظر ويسترعي الانتباه، ويستحق أن نتوقف عنده، ما تبين لي من أن السحرة الذين تستضيفهم القناة هم من الرافضة! والمذيعات أيضا رافضيات.. وبعد البحث تبين لي أيضا أن أشهرهم والمدعو بأبي علي الشيباني، هو رافضي عراقي. وهو وغيره من السحرة يذكرون ما معناه أنهم على اتصال بفاطمة الزهراء وخدامها وأن معهم وكالات وغير ذلك! فأبواب الكفر عند الرافضة، والتي يدخل منها شياطين الإنس والجن جميعا، كثيرة للغاية! والرافضة يدينون بالاستعاذة بالأئمة وبالزهراء وبالحسين وبأصحاب القبور ويرون ذلك من أعظم القربات! وعلى أي الأحوال فإن أصابع الاتهام جميعا تشير في هذه المصيبة الجديدة إلي الرافضة عموما، ورافضة العراق خصوصا! وقد قرأت على أحد المواقع الرافضية تبرؤا لأحد (الآيات) الرافضية البحرينية من تلك القناة، وإنكارا لينا على ما يخرج عليها من السحر والكهانة! وأعني بكلمة (لين) أن الرجل لم يضع الأمر في حجمه الحقيقي، من بيان كفر كل من يدعي علم الغيب، مثلا، وبيان حكم السحر وممارسته وحكم إتيان الكهنة وسؤالهم، وحكم تصديقهم فيما يقولون وغير ذلك مما يتعلق بالمسألة من الأحكام.. فلم يزد على اللوم على الذين يتابعون تلك القنوات، ووصفها بالدجل والشعوذة، وإبداء الدهشة من أن بعض المنتسبين إلى الحوازات يرونها لا بأس بها! ولا عجب فقد قرأت في بعض منتديات الرافضة أنهم يرون الأمر من باب العلاج بالقرءان، ولا يرون فيه بأسا على الإطلاق!! فصدق الذي قال أن الرافضة يسبحون في الكفر كما يسبح السمك في البحر! نسأل الله الهداية لعامتهم الجاهلين، واللعنة على أئمة الضلالة فيهم المجرمين، والعافية مما ينشرون ويبثون لسائر المسلمين! وأنا أسأل كل واحد من هؤلاء المساكين الذين افتتنوا بتلك القنوات اللعينة: لأي شيء في ظنكم، صار لهؤلاء \"الشيوخ\" خدام من الجن؟ ما الذي يجبر جماعة من الجن على طاعة ذلك الرجل والخضوع لأمره هكذا؟ الله سخر لسليمان - عليه السلام - جنودا من الجن والطير والريح لأنه كان نبيا مرسلا، قضى الله له ملكا عظيما ومكنه هو وأبوه داود - عليه السلام - من قبله مما لا ينبغي لأحد من بعد. فما بال هؤلاء القوم، بأي شيء صار لهم خدام من الجن يطيعونهم فيما يأمرون؟ الساحر الذي يستعمل الجن لخدمته يا عباد الله في الحقيقة لا يكون له الجن خداما كما يزعم، وإنما هو الذي يصير لهم عبدا خادما في الحقيقة، حتى يجيبوه إلى ما يريد! فالشيطان لا يطمع في شيء فوق ما يطمع في إضلال الناس وإدخالهم جهنم معه من أدنى دركاتها وأبوابها والعياذ بالله. فلو أن رجلا طمع في تعلم ما به يصل السحرة إلى الاتصال بالشياطين، فإنه يكون عليه لزاما أن أراد أن يكون ساحرا مكينا في طرق الشياطين، أن يعمل عملا كفريا محضا، يتقرب به إلى الشيطان.. كأن يذبح له من دون الله، أو يسجد له، أو يدنس كتاب الله بين يديه، أو غير ذلك من الكفريات المعلومة من الدين بالاضطرار. يقول الشيخ السعدي - رحمه الله - (. القول السديد صـ74. ): \" السحر يدخل في الشرك من جهتين: من جهة ما فيه من استخدام الشياطين ومن التعلق بهم، وربما تقرب إليهم بما يحبون ليقوموا بخدمته ومطلوبه. ومن جهة ما فيه من دعوى علم الغيب ودعوى مشاركة الله في علمه وسلوك الطرق المفضية إلى ذلك، وذلك من شُعب الشرك والكفر\" انتهى والذي له علم بأحوال السحرة يرى منهم الكفر ألوانا وأشكالا! فهذا في حد ذاته مقصد من مقاصد الشيطان ينتصر به على ذلك الضال ويهلكه والعياذ بالله. وليس الأمر كذلك فحسب، فالساحر يريد من الشيطان في المقابل أن يكون له \"خادما\" فيستعمله في إيذاء من يشاء، وفتنة من يشاء، يبتز بذلك أموال الخلق، ويكون له الرياسة بينهم، يتخذه الجاهلون إلها مما يرون على يديه من \"معجزات\"!! فيضل على يديه وربما يكفر معه خلق كثير! فهي للشيطان صفقة رابحة للغاية! نسأل الله العافية. يقول الشيخ ابن باز رحمة الله عليه في كتابه (حكم السحر والكهانة): \"فلا يجوز للمريض أن يذهب إلى الكهنة الذين يدّعون معرفة المغيبات ليعرف منهم مرضه، كما لا يجوز له أن يصدقهم فيما يخبرونه به فإنهم يتكلمون رجماً بالغيب أو يستحضرون الجن ليستعينوا بهم على ما يريدون، وهؤلاء شأنهم الكفر والضلال لكونهم يدّعون أمور الغيب، وقد روى مسلم في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من أتى عرّفاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً)، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -) رواه أبو داود وخرجه أهل السنن الأربع وصححه الحاكم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ (من أتى عرّفاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -). وعن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له، ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) رواه البزار بإسناد جيد. ففي هذه الأحاديث الشريفة النهي عن إتيان العرافين وأمثالهم وسؤالهم وتصدقهم والوعيد على ذلك فالواجب على ولاة الأمور وأهل الحسبة وغيرهم ممن لهم قدرة وسلطان إنكاراً إتيان الكهان والعرافين ونحوهم، ومنع من يتعاطى شيئاً من ذلك في الأسواق وغيرها والإنكار عليهم أشد الإنكار، والإنكار على من يجيء إليهم، ولا يغتر بصدقهم في بعض الأمور ولا بكثرة من يأتي إليهم ممن ينتسب إلى العلم، فإنهم غير راسخين في العلمº بل من الجهل لما في إتيانهم من المحذور لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم لما في ذلك من المنكر العظيم، والخطر الجسيم، والعواقب الوخيمة، ولأنهم كذبة فجرة، كما أن في هذه الأحاديث دليلاً على كفر الكاهن والساحر لأنهما يدعيان علم الغيب وذلك كفر، ولأنهما لا يتوصلان إلى مقصودهما إلا بخدمة الجن وعبادتهم من دون الله، وذلك كفر بالله وشرك به - سبحانه -، والمصدق لهم بدعواهم على الغيب ويعتقد بذلك يكون مثلهم، وكل من تلقى هذه الأمور عمن يتعاطاها فقد برء منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يجوز للمسلم أن يخضع لما يزعمونه علاجاً كنمنمتهم بالطلاسم، أو صب الرصاص، ونحو ذلك من الخرافات التي يعملونها، فإن هذا من الكهانة والتلبيس على الناس ومن رضي بذلك فقد ساعدهم على باطلهم وكفرهم، كما لا يجوز أيضاً لأحد من المسلمين أن يذهب إلى من يسأله من الكهان ونحوهم عمن سيتزوج ابنه أو قريبه أو عما يكون بين الزوجين وأسرتيهما من المحبة والوفاء أو العداوة والفراق ونحو ذلك لان هذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله - سبحانه وتعالى -. والسحر من المحرمات الكفرية كما قال الله - عز وجل - في شأن الملكين في سورة البقرة: ﴿ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِن أَحَدٍ, حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحنُ فِتنَةٌ فَلاَ تَكفُر فَيَتَعَلَّمُونَ مِنهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَينَ المَرءِ وَزَوجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِن أَحَدٍ, إِلاَّ بِإِذنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرٌّهُم وَلاَ يَنفَعُهُم وَلَقَد عَلِمُوا لَمَنِ اشتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن خَلاَقٍ, وَلَبِئسَ مَا شَرَوا بِهِ أَنفُسَهُم لَو كَانُوا يَعلَمُونَ ﴾ فدلت هذه الآية الكريمة على أن السحر كفر وان السحرة يفرقون بين المرء وزوجه، كما دلت على أن السحر ليس بمؤثر لذاته نفعاً ولا ضراً، وإنما يؤثر بإذن الله الكوني القدريº لأن الله - سبحانه وتعالى - هو الذي خلق الخير والشر، ولقد عظم الضرر، وأشتد الخطب بهؤلاء المفترين الذين ورثوا هذه العلوم عن المشركين، ولبسوا بها على ضعفاء العقول فإنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل. كما دلت الآية الكريمة على أن الذين يتعلمون السحر إنما يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم، وأنه ليس لهم عند الله من خلاق أي (من حظ ونصيب)، وهذا وعيد عظيم يدل على شدة خسارتهم في الدنيا والآخرة وأنهم باعوا أنفسهم بأبخس الأثمان، ولهذا ذمهم الله - سبحانه وتعالى - على ذلك بقوله: ﴿ وَلَبِئسَ مَا شَرَوا بِهِ أَنفُسَهُم لَو كَانُوا يَعلَمُونَ ﴾، والشراء هنا بمعنى البيع. \" انتهى كلام الشيخ - رحمه الله - ولا كلام بعد ذلك الكلام البديع.. ولكن عند الكثيرين شبهات عجيبة يجب اخمادها.. فكثير من الناس مثلا يجهلون معنى \"العراف\" ويظنون أن العراف هو من يدعي علم الغيب، أما هؤلاء \"الشيوخ\" فيستعينون بالجن ولا يعلمون الغيب! والحق أن العراف هو من يذهب إليه الناس ليدلهم على مكان ما سرق منهم أو سلب، عن طريق استعمال الجن والاستعانة بهم! وهذا هو من جاء الوعيد في إتيانه وأن من يأتيه لا تقبل له صلاة أربعين ليلة! فالاستعانة بهؤلاء إثم في ذاتها وإن كان المقصد مباحا.. فالمقصد المشروع لا يبيح الوسيلة المحرمة ولا يغير من حكمها شيئا! والاستعانة بالسحرة حتى وإن كانت فيما ظاهره الخير هي من باب معاونتهم على كفرهم وإثمهم وتشجيعهم عليه ولا شك! ومجرد استعانة الساحر أو غيره بالجن تحت أي ذريعة كانت وتحت أي صفة حتى وان لم يكن طريقها عبادتهم وتقديسهم والذبح لهم ونحو ذلك، هي من الشرك بالله - تعالى -. فالله يقول في سورة الجن: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ, مِّنَ الجِنِّ فَزَادُوهُم رَهَقاً) [الجن: 6] فالجن من الكائنات المغيبة عنا، يروننا من حيث لا نراهم، ولا يعصمنا منهم إلا الله. وكل استعانة بمخلوق في الغيب، سواءا كان ملكا أو مقبورا أو جنيا أو غير ذلك فهو شرك، لأن الإنسان يخاف ما يجهله ولا يراه، وهو يجهل حقيقة الجن ولا يراهم (إلا أن يتصوروا في صورة غير صورتهم)، ولكنه يرى مع ذلك من أثرهم ما يعجز عليه بالأسباب العادية المعلومة للناس، فيقع في قلبه تأليه لذلك الكائن الغيبي إذ يخلع عليه بعضا من صفات الربوبية! فالمتصل بالجن المستعين بهم على درجة من درجات الشرك لا محالة وان لم يأمروه بالكفر والسجود لهم من دون الله. والمستعين بهم لا يزيد إلا رهقا، فإذا به قد أشرك وكفر بالله العظيم! وختاما فإني أتوجه بالنصيحة لكل مسلم أن يتقي الله فيما يقرأ وما يسمع وما يتلقى وفيما يدخل بيته. وليعلم أن مجرد النظر إلى تلك القنوات ولو من باب حب الاستطلاع والفضول، إثم عظيم! فلا فرق بين أن تدخل تلك القناة في بيتك، وبين أن تدعو ساحرا ليجلس في ضيافتك! فأنت وإن لم تكن تصدقه فيما يقول فقد أدخلته بيتك! فالذي يشاهد راقصة ترقص في التلفاز، فكأنما يدخل الراقصة إلى بيته، والذي يشاهد كافرا يدعو إلى الكفر، فكأنما دعاه إلى بيته.. فانظر من تدخل بيتك! ثم أنت لا تأمن على نفسك من الفتنة فلا تحم حول الحمى! ولا تقولن أنا أستطلع كلامهم فقط ولا أقرهم عليه.. فالمؤمن مأمور بالإعراض عن اللغو والزور.. واسمع قول الملك - عز وجل - في وصف عباد الرحمن: (وَالَّذِينَ لَا يَشهَدُونَ الزٌّورَ وَإِذَا مَرٌّوا بِاللَّغوِ مَرٌّوا كِرَاماً) [الفرقان: 72] فأوصي كل مسلم أن يكون عبدا للرحمن، ويتقي الله في محارمه.. (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه). فليمح تلك القناة من على جهازه ولا يفتحها ولا يلتفت إليها أبدا.. وليدع الله أن يصرف كيد الكائدين عنا وأن يرفع الفتن عن المسلمين، وأن يصرفهم عن الشياطين والسحرة والكافرين. وأوصي كل من كان له علم من المسلمين بمقر تلك القناة اللعينة، أو اتصال بأحد من القائمين عليها أو بأصحاب السلطان في البلد التي تبث إرسالها منها، أن يعمل على إغلاقها ومنع إرسالها ما استطاع، ونصح الجاهلين ممن لهم علاقة بها، عسى الله أن يجعله سببا في رفع تلك البلية من ديار المسلمين.. والله المستعان على كيد الكائدين ومصائد الشياطين. ما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. والحمد لله رب العالمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد