بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ ممّا يُدمي القلب ويُحزنه أنّنا ورغم الحضارة التي نتسابق في سعارها المحموم والذي يدعونا لنبذ كل قديم والتعلق بالحديث، إلا أنّنا نجد الخرافة باتت تنسج شباكها على عقائد الناس وتعبث بإيمانهم وعقائدهم.. فضعف الإيمان والرغبة في تحصيل متاع الدنيا الزائف.. والقلق على مستقبلٍ, مجهول ٍ, واليأس من أحوال تُضيق الخناق على كثير، دفع بالكثير رغم ادعاءهم المدنية والحضارة ولوثة التفرنج والتغريب إلى الوقوع في مستنقعات وأوحال الدجل والخرافة.
فها نحن نسمع أن الدجل استحدثت له طرقاً توافق عجلة التطور والمدنية وتواكبها فأصبح للخرافة والدجل والشعوذة والكهانة سوق رائجة في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة.. وليت الأمر توقف على ما كنّا نسمع به أو نراه منشوراً في صفحات المجلات عبر تلك الصفحة الباهتة \"صفحة الأبراج والطالع\"والتي ما فتأت تمارس لعبة العبث بالعقول الساذجة فتسوق لهذا بشارة بحدثٍ, سعيد وتحذر هذا من كيد صديق، وتوصي الآخر بالصبر قليلاً فلن يطول صبره ولن تضيع أحلامه هباءً.. فستفتح له طاقة القدر من السماء ليرى بشائر الرزق تحيط به فتجعله يتحول في مدة لا تجاوز السنتين- وهذا على ذمة الفلكي الدجال-من صعلوك فقير إلى رجل أعمال!! يا سبحان الله!!! وليت الأمر توقف عند هذا الحد، لكنّه تفاقم حتى بات السحر والدجل وادعاء الغيب سافراً عن وجهه دون حياء على شاشات القنوات الفضائية، بل إنّ الأمر تعدّى حتى أصبح تخصصاً فلكياً وتخصصاً قنواتياً.. فلقد خصصت قنوات لتقرأ طالع الناس وتكشف لهم عن صفحة الغيب التي طواها الله - سبحانه - عن عباده وجعلها من خصائص ربوبيته ولم يطلع عليها أحداً من خلقه، حتى ولا رسله إلا ما تقتضيه الحكمة في بلاغهم ودعوتهم للناس..
وأعجب من ذلك أنك ترى الناس يتهافتون متابعة لمثل هذه البرامج وتلك الصفحات المقروءة حتى تطور الأمر إلى أن وصل إلى الشبكة العنكبوتية فسهّلت أبوابه، فما عليك إلا أن تراسل وتشتري الدجل والكذب بدراهم معدودة..
وما ذاك إلا لضعف إيمان جعل القلوب في ضعف من الحصانة التي تحفظ عليهم إيمانهم، ولو فقُه الناظر والمتابع لمثل ذلك أنّه يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل بلّه يشتري الضلالة بالهدى والكفر بالإيمان ما تلوث مع من تلوث.. وما سقط ذلك السقوط المريع في حبائل الشيطان ومكائده.
وتمتد حبائل الشيطان لتغتال بقية من إيمان في نفوس الكثير فيأتيك المشعوذ والكاهن أو الدجال سمه ما شئت- فيظهر قدراً من ثقافة، فيلبس عليك الحق بالباطل ويطرق على أوتار ضعفٍ, في نفسك فتراه تارة يتحدث في علم النفس ثم يأخذ بنصيب وافر من جانب آخر فيوصيك برقيةٍ, من كتاب الله تحرص عليها ثم يغرّب بك فتخاله تربوياً، يطرح لك الحلول فيُحسن إعداد وصفة قد خلط فيها كذب الشياطين ودجلهم وكذبه لتنطلي وصفته السحرية وأخباره الغيبية على ضعاف الإيمان.. فهل يدرك الكثير أنّه حين يطرق أبواب هؤلاء ويشرع لهم أبوابه ليفسدوا عليه إيمانه أنه يقدح في توحيده وينقض عهده مع الله.. !!
قليلاً من عقل، إن لم يكن قليلاً من إيمان!!!
*** إضاءة***
* قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" من أتى عرافاً فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاةٌ أربعين ليلة\"(صحيح)
*وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" من أتى عرافاً أو كاهناً فصدّقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد\"(صحيح)/صحيح الجامع
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد