بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً: لماذا الحديث عن المسلسلات الدينية دون غيرها؟
والجواب من وجوه:
أحدها: أنَّ المسلسلات غير الدينية ـ إن صحت التسمية ـ والتي يظهرُ فيها النساء، متبرجات، لا يخفى حكمها على أحد، فأمرها واضح، ولا يجادل فيها إلاَّ معاند أو مكابر. والحديث عن المسلسلات الدينية لا يعني الرضا عن غيرها من المسلسلات الماجنة.
والثاني: خطورة هذه المسلسلات التي تسمى دينية، من حيث أنَّها تنطلقُ من منطلق ديني، وتعرض على أنَّها المثال الذي ينبغي أن يقتدى به، فهي تمسُ أخلاقيات الإسلام، وربما جوهره بشكلٍ, مباشر. (والحديث هُنا عن المسلسلات الدينية التجارية لا الدعوية).
أمَّا مكمن الخطورة في مثل هذه المسلسلات، فأهمها ما يلي:
1ـ تشويه التاريخ الإسلامي، والشخصيات الإسلامية، وذلك بالاعتماد على مصادر تاريخية مشبوهة، تفوح منها روائح الكذب والتزوير، عند كتابة ما يُسمى بالسيناريو والحوار لتلك المسلسلات، إضافةً إلى تدخل الكاتب أو المخرج في إضافة حوارات، أو أحداث ليست موجودة أصلاً في النص، مما قد يقتضيه عنصر الإثارة أوالمفاجأة في تلك المسلسلات، وهذا يُعدُ نوعاً من الكذب والتزوير.
2ـ أن أغلب الذين يُؤدون الأدوار التمثيلية في هذه المسلسلات، هم من المُمثلين المعروفين ببعدهم عن الإسلام، وتمثيل الأدوار السيئةِ في المسلسلات الأخرى غير الدينية، والفارقُ هو ما يضعونهُ على وجوههم من اللحى المصطنعة، أو الحجاب المزيف ـ بالنسبة للنساء ـ مما يخلقُ نوعاً من الازدواجية في نفوسِ المشاهدين، ولا سيما الأطفال، فالذي يُمثلُ دور العالم الفلاني في هذه المسلسلات، هو نفسهُ في المسلسلات الأخرى الذي يمثلُ دور العاشق المتيم، أو المُجرم الملثم، أو الرجل \"العصري\" المنعّم، الذي يحمل في يدهِ السيجارة، ويُدخن بشراهة، وهذا أمرٌ خطير له عواقبه التربوية الوخيمة.
3ـ اشتمالها على عددٍ, من المُحرمات، كالموسيقى والنساء، والكذب على الأئمة ـ كما سبق - فيصورون الصحابي الجليل الذي عُرف بجهاده وبلائه في سبيل الله، وهو يلاحقُ امرأة ويتغزل بها، وقد رأيتُ ذلك بعيني، وهذا لاشك أنَّهُ كذب، ودسٌ رخيص، وتشويهٌ لتاريخنا المجيد، وأبطالنا العظماء.
ولعل الحديث عن هذا الموضوع يجرنا إلى موضوعٍ, آخر مهم، وهو حكمُ التمثيل في حدِّ ذاته؟ واتخاذهُ وسيلةً في الدعوة إلى الله - تعالى - لا لقصدِ المُتاجرةِ كما في المسلسلات السابقة ـ وقد اختلف أهلُ العلم في ذلك، بعد أن اتفقوا على تحريم تمثيل الأنبياء والصحابة - رضي الله عنهم- أجمعين وأئمة المسلمين، والذين أجازوه اشترطوا شروطاً، منها:
1ـ ألا تشتمل على شيءٍ, مُحرم، كالكذب، والنساء، والموسيقى.
2ـ ألا تشتمل على تشبهِ رجلٍ, بامرأةٍ, أو العكس.
3ـ عدمُ الإكثارِ منها، وجعلها الوسيلة الوحيدة للدعوة، وإنَّما يُؤخذ بها أحياناً من أجلِ التأليف والترويح، مع التركيز على الدعوةِ بالوسائل الثابتة بالكتاب والسنة.
(انظر فتوى الشيخ محمد العثيمين - رحمه الله - في ذلك: (فتاوى إسلامية: 4/292- ط: دار الوطن).
والله - تعالى -أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد