نـورٌ أتى بعدَ النبيِّ وصـــحبِِــهِ*** فأضــاءتِ الدنيــا بوافرِ عدلِهِ
نــورٌ تبـدّى في الظـلامِ ولم يزل*** فقلـوبُ أقوامٍ, تشــــعٌّ بذكـرِهِ
خوفُ الجليل أقضَّ منه مضاجعاً*** ردٌّ المظـــالـمِ كان أكبرَ همـِّهِ
عمرٌ سـما فـوق المفاتـــنِ كلِّهــا ***عمرٌ - تعالى -فوق رغبةِ نفســهِ
عمرٌ لــه نفسٌ تتــوقُ إلى العــلا ***وإلى الرسولِ وشَربةٍ, من حوضِهِ
عمرٌ تسـلّقَ للمعــالي سلّمــا*** حتى هفـــا شــوقاً لجنـّة ربِّـهِ
مازال ينهـاهـا ويكبــحُ جمحَهـا*** حتى غدت طوعاً لـه في زهدِهِ
قـد طلّق الدنيـا وعـافَ نعيمَهـا*** قد ســار مقتديــاً بمنهج جدِّهِ
لم يجتـبِ أحـداً لأجـل قرابـةٍ,*** لم يكترث أبداً لغضــبةِ قومِهِ
لـم يلتفت أو ينـثنـي لمتاعِهـا*** نورُ اليقينِ أضـاء مضـغةَ قلبِهِ
بالعدلِ قد حكمَ البلادَ وساسَـها*** فغدا لكلِّ الناس أعدلَ خلقِـــهِ
مــاغرّهُ أبداً قصـــيدةُ شاعرٍ,*** يزجي المديحَ ليسـتزيدَ بشعرِهِ
وترجّل العملاقُ قبــلَ أوانِـهِ ***وقضى فتيــاً في حلاوة عمرِهِ
صمدَ الخليفـةَ رغم أمواجِ العدا*** حتّى قضـى غدراً بفعلةِ صهرِهِ
قتلته من أجلِ الرئاسةِ عصـبةٌ ***دسّـوا له السّــمَّ المميتَ بأكلِهِ
سنتان قد مرت كومضـة بارقٍ,*** كـــلُّ تنعّم هانئـــاً في حكمِـهِ
لم يبتهـج إذ نصّـــبـوهُ خليـــفةً ***بل قالهــا اختاروا فلستُ بأهلِهِ
قد طلّق الدنيــــا وخيّرَ زوجَـهُ*** إما الفراقَ أو المثــولَ لنهجِهِ
فاختـارتِ الأخرى بدون تردّدٍ,*** ومضــت تسارعُ للحاقِ بركبِِهِ
عمرٌ تميّـزَ بالبسـاطةِ والتقى*** هـلا تـبـيـنـتُـم جلالةَ قدرِهِ