عجبتُ لنا مهما يحيقُ بنا نَسلُو *** ولو سُلِبَت أرضٌ ولو هَلكَ النسلُ
ولو هتكَ الأوغادُ سترَ حريمنا *** ولو هُدِمَ الأقصى ولو طُرِدَ الأهلُ
ولو رسموا أمراً بلبس صليبهم *** وقرعِ نواقيسِ الكنيسةِ لم نَألُ!
كمثل غثاء السيل » مليارُ « مسلمٍ, *** كما بَيّنَ المختارُ ذلك من قبلُ
أرى أمةَ الإسلام قد طال نومُها *** قد افترشت ذلاً وألحفها ذلّ
ولمّا تُحرّكها مصيبةُ طاجكٍ, *** ولا نكبةُ البشناقِ إذ فَحُشَ القتلُ
ولا غصةُ العذراء هَدّمَ خدرها *** وأسلمَها للعارِ راغمةً نذل
تحاول أن تنسى ليرقَأ دمعُها *** ولو أنها تنسى لذكّرَها الحَملُ!
مصائبنا تترى فكل مصيبةٍ, *** على نائباتِ الدهرِ من قبلها تَعلو
ولم تُنسنا كابولُ قصةَ قدسنا *** وجاءت سراييفو فأضحى بها الشغلُ!
ذِهِلنَا فلم نفطن لنظرتهم لها *** وكم زلةٍ, للعينِ تتبعها الرّجلُ
فعاث بها الأعداءُ كيف بدا لهم *** وقد فعلوا ما لا يصدقه عقلُ
ودكّ بيوتَ الله أكفَرُ كافرٍ, *** له الويلُ والزقومُ والنارُ والمُهلُ
قد استنصرَ البشناقُ أبناءَ دينهم *** فكان جوابَ » القوم « حاصلُه الخَذلُ!
ولما رأينا الحرب قد طال أمرها *** وأُكثِرت الشكوى وألحفَت الرّسلُ
» أمَرنا « جميع الغرب أن يأخذوا على *** يد الفيلق الباغي وإلاّ لهُ الويلُ!
تضاحكَ أهـلُ الشرق والغرب عندما *** نطقنا وقد يُزري بقائله القولُ
نهددهم بالعزم فا ستهزؤا بنا *** فهزلُهُمُ عزمٌ وعَزمَتُنا هَزلُ! !
وقالوا لنا كفوا عن الجهل واصبروا *** فمشكلةُ البشناقِ أنشأها الجهلُ!
لقد خَبرَ الكفارُ قلةَ فعلنا *** وما قيمةُ الأقوالِ يخذلها الفعلُ؟ !
فعدنا إلى البشناق نحمل خُبزَنا *** وماذا عسى يغني عن الميتِ الأكلُ؟ !
عَهدنا إلى » غالي « بجود نفوسنا *** فَنَوّلَهُ الباغي على أنه جُعلُ
هُم طلبوا جيشاً يرابط عندهم *** ومطلبهم قوسٌ ومطلبهم نبلُ
لقد عقد الكرواتُ والصربُ حلفهم *** لحصرِ بني الإسلامِ كي يُحكمَ القفلُ
أرى النهرَ لا يجري إذا جَفّ نبعُهُ *** ولا يضربُ البتّارُ إن كُسِرَ النّصلُ
ولكنّ أشبالاً ببسنَةَ لم تزل *** تُباسِلُ أوباشاً ولا ييأسُ الشّبلُ
ألا ذَكَرَ الباغونَ موكبَ فتحنا *** غداةَ هزمناهم يرافقنا العدلُ
سيشهدُ أطفالٌ وشيبٌ ونسوةٌ *** بفضل بني قومي وهل يُنكَرُ الفضلُ؟
ظهرنا فلم نهدم بناءَ كنيسةٍ, *** فإن سيوفَ الله شيمتُها النّبلُ
إذا برز المقدامُ نطعمه الردى *** ونخجلُ أن يُردَى بأسيافنا الفَسلُ
وذلك لمّا كان يَحكُم شرعُنا *** إذا قال في أمرٍ, فقولتُه الفصلُ
فلما تحاكمنا إلى شرع غيرنا *** وصار إلى أعدائنا العقدُ والحَلّ
تمكن جند الكفر من رأس أمرنا *** وكان لنا من أمر أمتنا الذيلُ
ومهما يسوءُ الحالُ فالفألُ طيبٌ *** فإنّ رسول الله يعجبه الفَألُ
لقد آنَ أن نصحوا فقد طَالَ فجرُنا *** على ليلنا البالي ولن يَثبُتَ الليلُ
وها نحن قد عدنا إلى ديننا الذي *** على صفحة الحدباء ليس له مثلُ
تَخِذنا من الوحيين منهجَ دعوةٍ, *** نبلغها ببضاءَ منطقها جَزلُ
فإن نالنا الإيذاءُ فالصبر زادنا *** وكل الذي نلقاه من أجلها سهلُ
فإنّ الذي رباه دينُ محمدٍ, *** إذ قيل جُد بالنفس طابَ له البذلُ
سننشرُ نورَ الدين في كل بقعةٍ, *** ليسفرَ من أقباسه الوعرُ والسهلُ
ونحمل رايات الهداية للورى *** فإن هلكَ الآباءُ يحملها النّجلُ