يـا أمانـي الشَّباب! عُودي! أَطلّي *** وانـثُـري من يديكِ عِطر الشبـابِ
لـم يَـزَل للشبـابِ عِطـرٌ نـديُّ *** يـمـلأُ العمـرَ نَفحَـةً من مَـلابِ
رقَّ فـيه الحنينُ! واشتَعَـل الشـو *** قُ ! ورَفَّ الـنّدى وزُهرُ الرِّغـابِ
قـد عَرَفتُ الهُدى لَدَيهِ! أضَاء الـدَّ *** ربَ ! مـاجَت أَنواره في الشعـابِ
فـي فؤادي وأضلعي! بين جَهـري *** وعـمـيق الإسرار صـدقُ متابـي
فتواثَبـتُ في الميـاديـن أجـلُـو *** لَـهـفَـةَ الشَّوقِ عزمةً من وثـابِ
أو أشـقٌّ الـصخورَ! أَختَرقُ الليـ *** ـلَ: جِـراحي وأنَّتي واغترابـي
أقـبلي يا صعاب! جَوهَـرَةُ العمـ *** ـرِ ومـعنى الحياةِ قَهرُ الصعـابِ
روّعـي كيفَ شِئتِ! مازلتُ أمضي *** فـي ميـاديـنَ جَـولَـةٍ, وغِـلابِ
مـن يـقينـي بالله حـبـلٌ متيـنٌ *** ووفـاءٌ لـمـوثِقـي وصحـابـي
يـمـلأُ الحـبٌّ كـلَّ جارحـةٍ, مِنّـ *** ـي ويُـغنـي خواطري وطِلابـي
يَـهُبُ العمرَ آيةَ الحُسـنِ! يُزكـي *** كـلَّ مَـسـعـي لِـصَـادِقٍ, أوّابِ
يَـنبُـع الحبٌّ كُلٌّـه مِن هُـدى اللـ *** ـه! هُـدى مُـنعِـمٍ, لنـا وهَّـابِ
أنـا بالحبِّ نشـوة العمـرِ، أنشـو *** دةُ آفـاقِــهِ وزهـوُ الـشـبـابِ
* * *
هـا هنـا ملتقـى الأحبّـة! نـادٍ, *** مـن وَفـاءٍ, وفـسحـةٌ من رِحـابِ
كم تُرى من كَـواكبٍ, أَشرقَـت فيـ *** ـه عـلى ساحِـهِ رُؤى الأحبـابِ
ووجـوهٌ كـأنّـهـا طـلعـة الفجـ *** ـرِ وفـيضٌ من نـوره المنسـابِ
ورؤى الـبشـر فـوَّحـت بشـذاه *** مِـن بـيـانٍ, يُجلـى وآي خِطـابِ
بين بَـردِ الظِّـلالِ! بين رَفـيـفٍ, *** مِـن نَسيـمٍ, الوَفـاء والتَّرحـابِ!
فاقبلـوهـا تحـيّـةً هي أحـلـى *** مِـن نـسيمٍ, سَرى وَبَـردِ الشـرابِ
هـي من جَـنّـةٍ,! سـلامٌ من اللـ *** ـه وعـطـرُ الوفاء! حُسنُ الثواب
* * *
جِـئتكُـم والـفـؤاد يَحمِـل هَمّـاً *** مـن عَنَـاء السّنيـنَ والأَوصَـابِ
مـن ديـارٍ, تـنـاثَـرت وأمـانٍ, *** بـين طُول السٌّرى وطول اغتـرابِ
بَينَ دَربِ الحيـاة أو رهبـة المـو *** تِ وبَـعـثٍ, وآيـةٍ, مـن حِسـابِ
وأرى الدربَ طـال بالناس! أعيـا *** هـم خـداع السراب حـرٌّ اللّهـابِ
* * *
يـا ديـارَ الإسلام! يَا لَهفَـةَ التـا *** ريـخ ! إِشراقَـةَ الهُدى والوِثـابِ
يا حَنين الأَجيـالِ! يا عِـزَّةَ الإنـ *** ـسَـان! زهوَ العُصُور والأحقـابِ
أُمَّـتـي! كيـفَ هُنـتِ؟! تناثَـر *** تِ شظايا! وغِبتِ خلف الضّبـابِ
صُـوَرُ الـمجـدِ لم تَعُـد تَتَـراءى *** في الذٌّرا! في السٌّفوح! بين الروابي
طُوِيـت كُلّهـا وغابَـت وأضحَـت *** هـمسـاتِ الضّمـيـرِ والأهـدابِ
كُنتُـم خيـر أمَّـةٍ, أُخرَجَـت للنّـ *** ـاس نـوراً وآيـةً مِـن كِـتَـابِ
جَـمَعَت في مَسِيـرةِ الحـقِّ إِشـرا *** قَـةَ بُـشـرى نبـوَّةٍ, وصِـحـابِ
خًُتِمـوا كُلٌّهـم بـأحـمَـدَ يُوفـي *** مـن رسـالاتِـهـم ومـن إيعـاب
سـيّـدُ الخلقِ! خاتَمُ الرٌّسل أحيـا *** مـن نُـفُوسٍ, ماتت على الأنصَـابِ
أنـقَـذَ النّـاسَ مِن ضَـلالٍ, بعيـدٍ, *** فـي متـاهـات مهمَـهٍ, وسَـرَابِ
وبَنـى أُمَّـةً على الحـقِّ صَـفّـاً *** مـن مَتِيـن الأركَـانِ والأَسبـابِ
ورِبـاطٍ, مِـن الأخـوّة يُـعـلـي *** عَـزمـةَ الحقِّ في خِضَـمِّ عُبَـابِ
* * *
أُمّتي ! كيفَ غِبتِ عن وثبَـةِ الحَـ *** ـقِّ وعـن جـولـةٍ, وسَاحِ غِـلاب
فَتَـداعَـت عَليـكِ مـن أُمَـمِ الأَر *** ضِ زُحُـوفُ الـضَّلالِ والأوشـابِ
وعَـدا المجرمون! فُجِّـرَتِ الأهـ *** ـواء! جُـنّت قـواطِـعُ الأنيـابِ
بـين مَكـرٍ, يَمـوجُ بين حَنايـا الـ *** أَرضِ! يَطغَى على الربى والقِصابِ
زخـرفُـوا كـلَّ فِتنَـةٍ, ورمَـوهـا *** بـين سـاحـاتِنَـا وبينَ شِـعـابِ
كـلٌّ ما يَدَّعُـون من زُخرفِ القَـو *** لِ خِـداعُ الـنفـوس والأَلـبـابِ
وإذا الأرضُ سـاحـةٌ مـن دَمـارٍ, *** بـين أَكـوامِ أضـلُـعٍ, ورِقــابِ
وركـامٍ, يَطـوي بقـايـا مِن الإنـ *** ـسـانِ ! من أنّـةٍ, وطُولِ عـذابِ
يُـسـحـقُ الآدمـيٌّ بيـن ذَويـه *** ويُـهـالُ التَّـرابُ فـوقَ التّـرابِ
* * *
أَيٌّـها المجرِمُونَ في الأرضِ! جِئتُم *** بِـحضَـاراتِ فِـتَـنَـةٍ, وخَـرابِ
قـلـقٌ حـائـرٌ ورعشـةُ خَـوفٍ, *** ومـتـاهـاتُ ضـائـعٍ, مُـرتَـابِ
فـاظلِمُـوا واقتُلوا وخَلٌّوا الضحايـا *** طُـعـمَـةً لـلبُـزَاةِ أو للـذِّئـابِ
وانحَـرُوا الطٌّهرَ والعَفـافَ قَرابِيـ *** ـنَ وصُـبٌّـوا الدِّمـاءَ للأَنصـابِ
عَـربِدُوا بالمُجُونِ، بالدّم، بالوَحـ *** ـلِ، بـمستَنقَـعٍ, ولَوثَـاتِ عـابِ
وانـهَبُـوا واسرُقُوا! فكـلٌّ مَتَـاع *** هُـوَ حَـقُّ لـغـاصـبٍ, نَـهَّـابِ
واصـنَعُوا من هوى الجَبَانِ بُطُـولا *** تٍ, ومـن زَيـفِهـا عُـلُـوَّ كِـذابِ
واجـمَعُوا هذه الفَواجِـعَ! ضُمٌّـوا *** مِـن أَنينٍ,! ولَملِمُـوا مِن مُصَـابِ
واجعَلوهَـا حَـضَـارةً مِن هَشيـمٍ, *** تَـتَهـاوَى علـى هَشِيـمِ رِغـابِ
الحَضَـاراتُ كُلّـهـا تَـتَـهـاوَى *** تَـحـتَ أَقـدَامِ مُـجـرِمٍ, كَـذَّابٍ,
* * *
فـإذا بـالـنِّـداءِ يَـعـلـو دَويَّـاً *** يَـمـلأُ الأُفـقَ والـذٌّرا والرَّوابـي
لَـهـفَ نَفسِي! أللهُ أَكبَـر أحيَـت *** مِـن نُـفُـوسٍ, وأطلَقَت مِنِ وِثـابِ
يـا نِـداءَ الإسلام! يا دَعـوةَ الحـ *** ـقِّ وأُنـشـودَةَ الـفتـى الوَثَّـابِ
المياديـنُ فُتِّحـت في سَبيـلِ اللَّـ *** ـه بُـشـرَى شَـهـادَةٍ, وثَـوابِ
أبشِري أُمَّتى! وقَـد أقبَـل النَّصـ *** ــرُ وفَـاءً لـمِـوثِـقٍ, وغِـلابِ