كلوا الدود والذباب وتحدوا الخوف يا شباب!!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بينما كنت أتابع إحدى النشرات قطعت الفضائية العربية نشرتها لتزف إلينا بشرى لبرنامج جديد بعنوان \"تحدى الخوف\"، ورغم أني كنت قد نفضت يدي من جل برامج الفضائيات العربية من فرط تفاهتها وسذاجتها وابتذالها، إلا أن عنوان هذا البرنامج لفت انتباهي، وتبادر إلى ذهني عدة أفكار فتخيلت أن هذا البرنامج سيعرض نماذج لأبطال ممن تحدوا الخوف، وتصورت أني سأرى أطفال وشباب فلسطين وهم يواجهون بصدورهم العارية دبابات بني صهيون، أو أن القناة ستعرض لنا مشاهد الاستشهاديين وهم يعدون أنفسهم بلا خوف ولا تردد للنكاية بالعدو، أو أن القناة ستنقلنا إلى شوارع الشيشان التي خلت من الرجال ويعيش فيها الأطفال والنساء مستمسكين بأرضهم وسط علوج الروس الذين يصدون الآفاق.. وتخيلت.. وتخيلت..

 

المهم أني ظننت نفسي سأرى شيئا مختلفا ونماذج من الشجاعة تتحدى الخوف والإحباط الممسك بتلابيب واقعنا. وتصورت أن اتجاه تلك الفضائية نحو عرض مثل هذه البرامج سيكفر من ذنوب الفضائيات العربية التي أدمنت تدجين الشباب ونزع الرجولة من أنفسهم، وتوقعت أن يغير ذلك من خريطة الفضائيات في الفترة المقبلة فتتحول من وسائل مدمرة ومخدرة لعقول الشباب إلى أدوات تساهم في رفع المستوى الثقافي والعلمي والديني لديهم.

 

وبعد الإبحار في عالم من الأفكار آثرت ألا أسبق الأحداث وأن أنتظر حتى أرى ما تسفر عنه حلقات البرنامج، فإذا بي أصاب من جديد بخيبة أمل حينما عرفت الفكرة الساذجة للبرنامج، الذي يهدف أولا للربح من خلال اتصال الجمهور برقم معين ثم انتقاء عينة من المتصلين، حيث يتنافس ستة مشتركين، وسيفوز واحد منهم فقط بمبلغ من المال بينما يخسر الآخرون، وعلى المشاركين أن يؤدوا عدة مهام لاختبار قدرتهم على تحدي الخوف من أجل حفنة ريالات!!!

 

ولكن ما هو الخوف الذي يتحدونه؟ هل هو عدو أم فقر أم مرض أم إعاقة أم.. أم..؟؟!!

 

إنه ـ للأسف - موقف يستدعي \"قرف\" المشاهدين، فتارة يطلبون من المشاركين أن يأكلوا كاسات الدود ويمضغونها ويبلعونها!! وأخرى يطلبون منهم أن يدخل كل واحد منهم رأسه داخل صندوق زجاجي مليء بالذباب حتى يأكلوا حبات الفراولة الموجودة داخل هذا الصندوق!!

 

وغيرها كثير من المواقف التي تثير الغثيان!! فأي شجاعة في هذا؟!

 

والآن نتساءل: إلى متى ستظل فضائياتنا تدمر عقول شبابنا وتخرب إنسانيتهم؟! وكيف تستغل الفقر الذي يعصف بملايين الأسر في العالم الإسلامي لتؤكلهم الدود والذباب من أجل دراهم معدودة؟! وإلى متى ستظل تروج لفكرة الثراء السريع دون تعب أو مجهود ـ اللهم إلا إذا كان أكل الدود والذباب هو هو الجهد بعينه ـ؟! وإلى متى ستظل تستفرغ جيوب السذج من المتصلين بطرق النصب والاحتيال؟! وأين علماؤنا ومثقفونا من هذا الاحتيال والابتذال؟!

 

أليس من الأفضل إعداد برامج تنمي في الشباب حب البطولة والتحدي من أجل الدين والأمة؟!

 

ألم يكن من الأفضل أن تبدأ أولى حلقات هذا البرنامج بتقديم شخصية الشيخ \"أحمد ياسين\" الذي قدم بالفعل نموذجا لمن تحدى الخوف....؟!

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply