ستار أكاديمي إذا لم تستحي فاصنع ما شئت


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لقد علمنا ديننا الحنيف خلق الحياء وجعله شعارا للإيمان وعنوان دالا عليه، فالحياء والإيمان قرناء إذا فقد أحدهما فقد الأخر، ولذا فحياء المسلم منا دليل على وجود الخير فيه وهو كذلك شعبة من شعب الأيمان كما أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: \" الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان \" رواه البخاري ومسلم، ولعل سر كون الحياء من الأيمان أن كلا منهما داع إلى الخير صارف عن الشر مبعد عنه فالإيمان يبعث المؤمن على فعل الطاعات وترك المعاصي، والحياء يمنع صاحبه من التقصير في الشكر للمنعم ومن التفريط في حق ذي الحق كما يمنع الحيي من فعل القبيح أو قوله اتقاء للذم والملامة.

 

ولأن المسلمين قد فقدوا أعز ما يملكون ألا وهو الإيمان وأصبحوا أيضا مسلمين بلا إسلام إلا من رحم ربي فلا غرابة أن يفقدوا بالتالي الحياء فترى في أقوالهم وأفعالهم العجب العجاب مما لا يحمد عقابه فلقد أصبح المسلمون يتفننون ليلا ونهارا في الجهر بالمعصية بل وإيقاع غيرهم فيها بصورة تدل على شقائهم وضلالهم ويصدق فيهم ما قاله الفضيل بن عياض: \"خمس علامات من الشقوة: القسوة في القلب وجمود في العين وقلة الحياء والرغبة في الدنيا وطول الأمل\" ولعل من ينظر إلى هؤلاء القائمون على تلك البرامج والمشاركون فيها ويراقب أحوالهم يجدهم وقد توافرت فيهم تلك العلامات ألا يكفي للدلالة على قسوة قلوبهم أنهم يجاهرون ربهم بالمعصية وللدلالة على جمود أعينهم أنهم لا يبالون ببكاء وصرخات غيرهم من المسلمين في شتى البقاع وللدلالة على قلة حيائهم ما يعرضونه من فجور وفحشاء وللدلالة على رغبتهم في الدنيا وطول أملهم هذا السعي الرهيب وراء تحصيل الأموال وتلبية الشهوات.

 

إننا إذ ندعوا إلى الحياء لدى المسلمين فإننا ندعو إلى خير ونرشد إلى بر أمرنا الإسلام به وحببنا فيه وحذرنا من فقدانه فقال تعالى: (ألم يعلم بأن الله يرى)، وفي الأثر الإلهي يقول الله - عز وجل - \" ابن آدم.. إنك ما استحيت مني أنسيت الناس عيوبك وأنسيت بقاع الأرض ذنوبك ومحوت من أم الكتاب زلاتك و إلا ناقشتك الحساب يوم القيامة \".

 

إن هؤلاء الذين يجاهرون بالمعصية ويريدون إيقاع الناس فيها ينطبق عليهم قوله - صلى الله عليه وسلم - \" إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى:يا ابن آدم إذا لم تستحي فاصنع ما تشاء \" وليس هذا القول إغراء بفعل المعاصي عند قلة الحياء كما توهمه بعض من جهل معاني الكلام ومواضعات الخطاب لأن معناه أن من لم يستحي دعاه ترك الحياء إلى أن يعمل ما يشاء لا يردعه عنه رادع وهذا هو حال الكثير من المسلمين في هذا الزمان وليس أدل على ذلك من هذا البرنامج وغيره من البرامج الفاضحة التي لا تراعي مشاعر المسلمين وآلامهم في شتى بقاع الأرض والتي لا تتفق كذلك مع الأخلاق والآداب العامة التي من المفترض أن يكون القائمون على تلك البرامج قد تربوا عليها أو حتى المشاهدون لها.

 

إن هؤلاء وغيرهم ينطبق عليهم قول الشاعر:

 

إذا لم تخشى عاقبة الليالي *** ولم تستحي فاصنع ما تشاء

فلا والله ما في العيش خير *** و لا الدنيا إذا ذهب الحياء

يعيش المرء ما استحيا بخير *** ويبقى العود ما بقي اللحاء

وأخيرا فإني أدعوا كل مسلم ومسلمة إلى التحلي بخلق الحياء الذي لن يأت إلا بعد أن يصل الإيمان إلى القلوب ولن يأتي الأيمان إلا بالامتثال لأوامر الله واجتناب نواهيه والسير على الطريق المستقيم فنحن في أمس الحاجة إلى الحياء لعل أحوالنا تستقيم ونرجع إلى سالف عهدنا يوم أن كان المسلمون يضربون المثل في الخلق الرفيع والإيمان العظيم، وأوجه ندائي بضرورة تحذير المسلمين من خطر مشاهدة تلك القنوات الفاجرة وضرورة الابتعاد عنها فهي والله صديقة سوء إما أن تحرق ثيابك أو تشم منها رائحة خبيثة فعلينا أن نَحذر من هؤلاء ولنبدأ في التفكير في كيفية صدهم وتوفير البديل الإسلامي الذي من خلاله نستطيع أن نسحب البساط من تحت أيديهم.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply