هيثم العمر
دعي الشاعر لإلقاء محاضرة في المركز الثقافي فأعدت المحاضرة وحدد موعد الإلقاء، وقبل يومين فقط من ذلك الموعد صدرت الأوامر بإلغائها، وذلك بتأثير أحد المنتفعين فقال الشاعر:
عَـجَـباً فَمَاذَا قَد يَقُولُ لِسَانِي *** وَمَـحَـاكِـمُ التَّفتِيشِ فِي غَلَيَانِ
قَتَلُوا فَتَاتِي..وَهيَ بَعدُ صَغِيرَةٌ *** لَـم تَـعـرِفِ الدٌّنيَا بِلا أَحزَانِ
لا بِالسٌّيُوفِ..وَلا الرِّمَاحِ، وَإِنَّمَا *** بِـالـغَـدرِ مِثلَ النَّهشِ لِلثٌّعبَانِ
قُـتِـلَـت، وَظَنٌّوا أَنَّهُم فِي قَتلِهَا *** خَـنَـقُـوا شُعَاعَ الوِدِّ وَالعِرفَانِ
خَـسِـئُوا فَهَذَا الظَّنٌّ ظَنُّ كَاذِبٌ *** وَسَـيَـملأُ الدٌّنيَا صَدَى الفُرقَانِ
وَسَـتَـملأُ الآفَاقَ صَيحَةُ مُؤمِنٍ, *** اللهُ أَكـبَـرُ، فَـاسـمَعُوا لأَذَانِي
يَـا أَيٌّـهَـا الـحِقدُ المُدَمِّرُ نَفسَهُ *** مَـاذَا فَـعَـلـتَ بِأُسرَةِ العُثمَانِ
كَـم مِـن تَـقِيٍّ, سَاقَهُ تَقرِيرُكُم *** نَـحـوَ السٌّجُونِ كَئِيبَةَ الجُدرَانِ
يَـقـضِي بِهَا زَمَناً يَكُونُ حِسَابُهُ *** عِـشـرِيـنَ عَاماً، فَوقَهَا سِنتَانِ
أَو نَـحـوَ مِشنَقَةٍ, تَطُولُ حِبَالُهَا *** تَـذوِي عَـلَـيهَا زَهرَةُ الإِخوَانِ
يَـا أَيٌّـهَـا الذِّئبُ الخَؤُونُ نَذَالَةً *** هَـلاَّ عَـرَفـتَ شَرِيعَةَ الدَّيَّانِ
اللهُ أَمـهَـلَـكُـم، وَيَأبَى عَدلُهُ *** إِهـمَـالَ شِـرذِمَةٍ, مِنَ الذٌّؤبَانِ
قَد نِلتَ مَا تَرجُوهُ، بَل مَا تَبتَغِي *** فَـاهـنَـأ طَوِيلاً بِالعَطَاءِ الفَانِي
وَعَـلَى المَدَارِسِ عَيَّنُوكُ مُفَتِّشاً *** وَمُـوَجِّـهـاً لِـمُعَلِّمِي الصِّبيَانِ
قَد صِرتَ تَنتَقِدُ الدٌّرُوسَ، وَتَدَّعِي *** عِـلـمـاً غَزِيراً يَا رَفِيعَ الشَّانِ
حَـتَّـى تَـرَدَّدَ فِي الزَّوَايَا خَافِتاً *** صَـوتٌ يُدَارِي طُغمَةَ الشَّيطَانِ
مَـا هَـاجَـرَ الـمُختَارُ إِلاَّ مَرَّةً *** لَـكِـنَّـهَـا فِـي عِلمِكُم ثِنتَانِ
نَـحـوَ المَدِينَةِ قَاصِداً أَصحَابَهُ *** تَـرَكَ الـبِلادَ، وَكَعبَةَ الرَّحمَنِ
لَـم يَتَّجِه نَحوَ النَّجَاشِي مُعرِضاً *** عَن ذُلِّ عَيشٍ, فِي حِمَى السٌّلطَانِ
فَـسَكَتَّ تَنظُرُ فِي العُيُونِ مُحَدِّقاً *** تَـرجُو الأَمَانَ، وَلاتَ حِينَ أَمَانِ
خَـذَلُـوكَ بِالنَّظَرَاتِ، ثُمَّ تَبَسَّمُوا *** ضَـحِكُوا طَوِيلاً مِن فَتَى الفِتيَانِ
فَـاجـمَـع دَفَاتِرَكَ الَّتِي لَطَّختَهَا *** بِـغَـبَـاوَةٍ, مِـن عَقلِكَ الفَلتَانِ
وَتُـلَملِمُ الأَورَاقَ، تَهرُبُ مُسرِعاً *** خَوفَ الفَضِيحَةِ مِن سَلِيطِ لِسَانِ
هَـذِي حِـكَـايَةُ جَهلِكُم وَغَبَائِكُم *** وَالـسِّـرٌّ سِرٌّ حِمَارِنَا الرَّهَوَانِ