هـنـيـئـاً يا بني لك الشباب *** كـمـا هنئت لمسلمنا العراب
عـراب فـي سبيل الله كانت *** فـطـاب بـها زمانهم وطابوا
شـباب المرء يا ولدي -كخيل *** عـلـى صهواتهن منىً رغاب
فـتـلـقـى فارساً يعدوُ لشرّ *** وآخـر هـمّـه الخير اللبابُ
ولـكـن الـخيول إذا امتطاها *** فـتـى الإيمان فهي له سحابُ
فـيـمـطره المهيمن كل خير *** ويـخـصـبُ والدنا قفر يبابُ
ألا إن الـشـبـاب خيول فتح *** بـها يقضى من الأمر العجابُ
ألا إن الـشـبـابَ جناح نسرٍ, *** تـحـاذره الـجوارح والذئاب
وانّ شـبـاب مـؤمـننا لدرع *** تـحـطم دونها الصم الصلابُ
ألـم يـخـبـرك تاريخ مجيدُ *** بـأن شـبـابـنا لهو العقاب
فـسـل صحب النبي وتابعيهم *** فـسـيـرتـهم لنا أبداً شهاب
وسل كسرى وقيصر عن شبابٍ, *** مـن الإيـمـان ماج له عبابُ
وسـل أرضاً وراء النهر شرقاً *** لـتـعـلـم من قتيبه والشباب
وأنـدلـسـاً فـسلها أي صيدٍ, *** مـن الـشـبان عزبهم جنابُ
وهـل ننسى صلاح الدين سيفاً *** يـعـلـم غاصباً كيف الجوابُ
بـحـطـين لبست المجد تاجاً *** وشـكر الله في الأقصى مجابُ
بـنـيت المنبر الغالي كذكرى *** لـتـحـرير به الأقصى يهابُ
بـنـيـت المنبر السامي لتعلو *** بـهـذي الأرض آيات عذابُ
وسـلـمـت الـلواء لكل حرّ *** لـه لـرسولنا الهادي انتسابُ
فـهـا قـطـز وبيبرس أذاقا *** مغول الرعب كأساً وهي صابُ
فـكـانـت عين جالوت تغني *** نـشيد النصر واهتزت هضابُ
بـحـول الله يـرمي كل حرً *** ورمـي الله مـا مـنه حجابُ
إذا مـا الـنـاس ألقواما بنفس *** مـن الأوهـام تـم لهم طلابُ
ولـكـن الـعروبة قد أضاعت *** ثـمار النصر فهي إذن سرابُ
فـهـذا المسجد الأقصى ينادي *** صـلاح الدين: قد عاد الذئاب
ألا راعٍ, بـسـيف الحقّ يهوي *** عـلـى ذئب طبيعته الشغابُ
ألا إن الـرعـاة عموا وصموا *** فـمـا يجدي الكلام ولا العتاب
فـراح الـذئب يقنص كل يومٍ, *** مـن الأغـنام فالرعيان غابوا
ولـيس يلام ذئب في افتراسٍ, *** إذا فـتـحـت لـه دار وبابُ
وإن الـدار تـغزى كل حين ٍ, *** إذا مـا الأهل ليس لهم حرابُ
وخـيـر سـلاحهم خلق ودين *** وعـلـم يـسـتنير به الشبابُ
فـأيـن المسلمون اليوم منها؟ *** وأين مسيرهم؟ أين الركاب؟
لقد ضلوا الطريق وهل عجيب *** ضـلالـهم وقد هجر الكتاب؟
ألا ان الـهـدايـة فـي كتابٍ, *** بـه عـز الأوائـل والجناب
فـحـتـام الـمسير بكل دربٍ, *** حـيارى ما يبين لهم صواب؟
ومـا درب سوى الإسلام ينهي *** ضلال الركب لو عقل الدواب\"
ألا يـا رحـمة الرحمن جودي *** بـغـيـثك قد أضربنا اللهاب
ألا يـا قـوة الـجـبار جودي *** بـعـز إنـنـا الـيوم حبابُ
ألا يـا ذا الـجلال وذا العطايا *** بـبابكَ قد وقفت فعل أجاب؟
ولـيس يخيب من رجاك يوماً *** فـأنـت الغوث والدنيا سرابُ
فـحـمـداً يا مجيب دعاء عبد *** يـرى أن لـيس غير الله بابُ
فـحـين سألت ربي عز ديني *** إذا هـذا الـشباب هو الجوابُ
فـهـا إنّـي أرى غرّاً كراماً *** مـن الـشـبانِ جمعهم كتابُ
أراهـم يـرفـعون لواء دينٍ, *** هـو الإسـلام ما فيه ارتيابُ
أراهـم يـرتـدون ثياب طهرٍ, *** وغـيـرهـم تـتيمه الكعابُ
أراهـم يرشفون رضاب تقوى *** وأثـمـل غيرهم خمر وَعابُ
تـراهـم صـائمين عن الدّنايا *** تـراهـم سـاجدين وقد أنابوا
تـراهـم يـحملون العلم نوراً *** ونـورُ الـعـلـم للدنيا شهابُ
وغـايـتهم رضا الرحمن حقاً *** وأسـوتـهم من الرسل اللبابُ
وتـرخـص منهم روح وعمرُ *** لـيـحـكـم أمرنا ذاك الكتاب
فـأنـتـم إخوة الإيمان حصنٌ *** لـهـذا الـدين يا نعم المثابُ
فـهـيّـا يا فتى الإسلام سجل *** بـأن الـحـق يحميه الشبابُ