ولكم في القصاص

2.6k
1 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

إني سئمتُ أنينَ الوجدِ في خلدي *** وغربةَ الروح تُذكي جذوةَ الكمدِ

وجئت أرجوك..كم في القلب من عللٍ, *** وأنت أنت شفاءُ القلبِ يا ولدي

صحائفُ الأمس بالذكرى تؤرّقُني *** ولست ألمحُ أنساً في سطور غدي

يا لهفَ نفسي.. سهامُ اليوم تطعنني *** ولا تزالُ جراحُ الأمسِ في جسدي!

مَن قال: مَن جدّ يوماً نال بغيتَه؟ *** فكم زرعت ولم أحصد ولم أجدِ

تاهت مجادفُ آمالي وأشرعتي *** فمجّني البحر أشلاءً مع الزبدِ

واستقبلتني صحاري البؤسِ عاصفةً *** وخيمةُ العمرِ تؤويني بلا وتدِ

يمرٌّ فجريَ لا طيرٌ ولا نغمٌ *** فما ألذّ بصوت الطائر الغردِ

وفي الغروب أرى الأطيافَ ترسمُ لي: *** عليك أن تدفنَ الأشواقَ للأبدِ

وإن سجا الليلُ ذابت شمعتي بيدي *** والسهدُ يكتمُ أنفاسي بألفِ يدِ

بالله يا ولدي.. أقبل على عجلٍ, *** عليّ أراك وبي شيءٌ من الجلَدِ

أبيتُ وحديَ لا خلٌ يؤانسني *** وليس يسمعُ شكوى القلبِ من أحدِ

ليس الذليلُ الذي يشقى بغربتِه *** أنا الذليلُ غريبُ الروحِ في بلدي!

أرنو إلى شاطئِ الأشعارِ من ظمأ *** فما صفا وشفاهي الزرق لم تردِ

ما أعجب الشعر! مرُّ يفري قائله *** والناس ترشفُه أحلى من الشهدِ

هو الدواء ومنه الداء واعجبي- *** أشكو إليه وأشكو منه يا ولدي

يجيء شعريَ جباراً يعذّبُني *** ويغدو حرفي سيفاً عاثَ في كبدي

وكم سكبت لحونَ الضيم يا ولدي *** حتى شدا القوم: هذا شاعرُ النكدِ!

لم أكتبِ الشعرَ فالأشعارُ تكتبُني *** كما تشاءُ ولم أنقص ولم أزدِ

وما طرقت بيوتَ الشعرِ تسليةً *** وما حكيتُ انتفاخاً صولةَ الأسدِ

ولي مع الشعر عهدٌ لن أُضيّعَه *** وأطهرُ القومِ مَن بالعهد لن يحدِ

أحالني الشعرُ قنديلاً يضيءُ به *** فكيف أسلو ولفحُ النارِ في خلدي؟

أجل سئمتُ هجيرَ الشعر يا ولدي *** فهب ظلالَك ألقَ اليوم مبتردي

الهمٌّ يثقلُني والدمعُ يخنقُني *** وقد أتيتُك مكتوفاً فخذ بيدي

فإن صبوتُ وقالوا: ماتَ من كمدٍ, *** وقد رمته قوافي الوجدِ في اللّحدِ

فقل لأمك: أين القبرُ والدتي؟ *** وخطّ من دمعها المخنوقِ بالرمدِ

سبحان.. من ترك الأشعار تقتلُني *** وتستبيحُ دمي عمداً بلا قَوَدِ


أضف تعليق