فقدنا قدرة الغضب


 

بسم الله الرحمن الرحيم

فَقَدنَا الحَيَاء

فقدنَا الأدَب

 

ولا زِلتَ يا عِرَاقُ يا جُرحَاً تَنَكّـَأ باللَّهب

 

ولا زلتَ يا عراقُ يا عَاراً تَدَاوى بالوَصَب

 

لا زلتَ تَسألُ: أَينَ أَينَ العَرَب؟!

 

* * *

لماذا ذَهبتَ مُبكِّراً للمَوتِ؟

 

وتَركتنَا غَرقَى

 

وتَركتنَا مَوتَى

 

نُفَتِّشُ عَن ذُيُولِ العَارِ فِي بَحرٍ, مِنَ الصَّمتِ

 

تُنَادِي

 

تَستَغِيثُ

 

ولا نَهتمُ بالصَّوتِ

 

فَنَحنُ مُنشَغِلُونَ يَا بَغدادُ،

 

بالصَّلَواتِ وَالإيمَان

 

وبالصَّبرِ الجَميلِ الَّذي أَغرقَنَا إلى الأَذقَان

 

بِبحرِ العَارِ والنِّسيَان

 

وَنَحنُ مُنشَغِلُونَ يا بَغدادُ، في عبادةِ الـرِّجسِ

 

وَنَحُنُ مَلفوفُونَ يا بغدادُ، في عَباءَةِ الجِنـسِ

 

أفكَارُنَا دُنيا مِنَ الهَذَيَان

 

تُغَطِّينَا

 

وَتَمنَحُنَا حَدائِقَ شَوكٍ, مِنَ النِّيرَان

 

لأَنَّ المَاءَ يُنكِرُنَا

 

لأَنَّ النَّارَ تَهجُونَا

 

فَقَدنَا قُدرةَ الغَضَب

 

وَلازِلتَ يَا عِرَاقُ يَا جُرحَاً تَنَكَّأَ بِالَّلهَب

 

وَلا زِلتَ يَا عِرَاقُ يَا عَاراً تَدَاوَى بِالوَصَب

 

لا زِلتَ تَسأَلُ: أَينَ أَينَ العَرَب؟!

 

* * *

 

شُقِّي قَميصَكِ يَا بَغدَاد

 

عَرِّي صَدرَكِ النَّازِفَ مِن ظُلمِ الطٌّغَاةِ

 

وَمِن صَمتِنَا

 

خَلِّي دُمُوعَكِ تَحكِ عَنِ الأَطفَالِ00

 

يَأكُلُهُم لَيلُ السٌّهَادِ وَالأَشواك

 

وَأَنتِ هُنَاك

 

صَامِدةٌ كَقُرصِ الشَّمسِ00

 

 يُذَكِّرُنَا بِحِصَةِ عَارٍ, تَعَلَّمنَاهَا مِرَاراً

 

فَمَرَّةً فِي أَندَلُس

 

وَمَرَّةً فِي القُدس

 

فَلا تَحسِدِينَا يَا بَغدَادُ، لأنَنَا مَوتَى

 

وَهَل يُحسَدُ المَوتَى عَلى المَوتِ؟!

 

فَنَحنُ صَامِدُونَ كَصُمُودِ الحِملان

 

وَشَجَاعَتُنَا كشَجاعَةِ الجُرذَان

 

وَتَهَوٌّرُنَا كَتَهَوٌّرِ الأَرَانِب

 

وَمَخَالِبُنَا - التِي مَا قَتَلَت أَحَدَاً غَيرَنَا -

 

كَمَخَالِبِ الفَرَاشَات

 

وَمَا نَحنُ وَأَمرِيكَا إِلا كَمُرَاهِقٍ, غِرٍّ, أَمَامَ مُومِسٍ, مُحتَرِفَه

 

نَعبُدُهَا

 

نَفرِشُ الأَرضَ تَحتَ أَقدَامِهَا بِالذَّهَب

 

وَبَنَانُهَا بِدِمَاءِ العُربِ مُختَضِب

 

وَلا زِلتَ يَا عِرَاقُ يَا جُرحَاً تَنَكَّأَ بِاللَّهَب

 

وَلا زلتَ يَا عِرَاقُ يَا عَارَاً تَدَاوَى بِالوَصَب

 

لا زِلتَ تَسأَلُ: أَينَ أَينَ العَرَب؟!

 

* * *

 

مَكتُوبٌ لَنَا البُكَاءُ كَالنِّسَاء

 

مَكتُوبٌ لَنَا الشَّقَاءُ والعَنَاء

 

مَكتُوبٌ أَن نَشهَدَ ضَيَاعَ أَوطَانِنَا

 

وَمَوتَ أَحلامِنَا

 

وَكَيفَ يَتسرَّبُ مِن بَينِ أَيدينَا الرَّجَاء

 

فَالصَّمتُ والكَلامُ00 سَواء

 

وَالحَربُ والسَّلامُ00 سَواء

 

فَلِمَاذا تَأتينَا أَجسَادُ العَوَاهِرِ دَوماً

 

وَلا تَزُورُنَا أَروَاحُ الشٌّهَدَاء؟

 

وَلِمَاذا يَمُوتُ الصَّادِقُونَ فِي وَطَنِي

 

وَلا يَمُوتُ الفُقَهَاء؟

 

وَلِمَاذا يَرحلُ أَهلُ الصِّدقِ

 

وَأَهلُ العِشقِ

 

وَأَهلُ الحَقِّ

 

وَيَبقَى تُجَّارُ الأثدَاء؟

 

وَلمَاذا يَنتَحِرُ الحُبٌّ وَحِيدَاً00

 

وَلا يَبقَى إِلا الزٌّعَمَاء؟

 

فَهَذَا أَبُوجَهلٍ,

 

وَذَاكَ أَبُو لَهَب

 

يَبيعُونَ الأوطَانَ

 

يَطمُرونَنَا دَاخِلَ صُندُوقِ اللٌّعَب

 

يَلُفٌّونَ حَولَ أَعناقِنَا أَطوَاقَ العَطَب

 

وَلا زِلتَ يَا عِرَاقُ يَا جُرحَاً تَنَكَّأ بِاللَّهَب

 

وَلا زِلتَ يَا عِراقُ يَا عَارَاً تَدَاوَى بِالوَصَب

 

لا زِلتَ تَسأَلُ: أَينَ أَينَ العَرَب؟

 

* * *

 

مُدِّي يَدَيكِ يَا بَغدَادُ

 

وَامسَحِي ذُلَّ الجَبِين

 

مُدِّي يَدَيكِ00

 

وَأَخرجِيني مِن بِلادِ القَهرِ والفَجرِ الحَزِين

 

وَأَخبِريني00 أَينَ الصِّغَار؟

 

هَل حَمَلُوا فِي نُعُوشِهِمُ الأقلامَ وَالكُتُب؟

 

هَل اغتَسَلُوا بِنَارِ الدَّمعِ مِثلَنَا؟

 

وَهَل سَنُرضِعُ البَاقِينَ ضَعفَنَا وَذُلَّنَا؟

 

وَنَصلُبُهُم00 وَنَجلِدُهُم

 

وَنَقتُلُهُم00 وَنُحيِيهِم

 

عَلَى طَبلِ الخُطَب؟

 

وَهَل نُوَرِّثُهُم عَارَاً جَمَعنَاهُ عَلَى مَرِّ الحِقَب؟

 

وَهَل نَحكِي لَهُم عَن أَجدَادِنَا العَرَب؟

 

هَل نَحكِي لَهُم عَن أَجدَادِنَا العَرَب؟

 

فَأَينَ قَصرُ الخُلدِ يَا بَغدَاد؟

 

وَمَجَالِسُ الشٌّعَرَاءِ أَين؟

 

أَينَ أَبُو تَمَّامٍ, وَالوَلِيد؟

 

أَينَ المَعَازِفُ وَالقِيَان؟

 

أَينَ التَّغَنٌّجُ مِن \" عَنَان \"؟

 

أَينَ التَّغَنِّي مِن \" وَحِيد \"؟

 

أَينَ عَزمُكَ يَا \" مُثَمَّن \"؟

 

وَأَينَ سَيفُكَ يَا \" رَشِيد \"؟

 

مَن عَلَّمُوا الدٌّنيَا الرٌّكُوعَ لِمَجدِهِم

 

مَن عَلَّمُوا الدٌّنيَا التَّعَلٌّمَ وَالتَّدَيٌّنَ وَالأدَب

 

صَانُوا القَرَابَةَ وَالدِّمَاء

 

عَاشُوا الكَرَامَةَ وَالإبَاء

 

مَجدُهُم طَالَ السَّمَاء

 

وَذُلٌّنَا فَاقَ السٌّحُب

 

وَلا زِلتَ يَا عِرَاقُ يَا جُرحَاً تَنَكَّأَ بِاللَّهَب

 

وَلا زِلتَ يَا عِرَاقُ يَا عَارَاً تَدَاوَى بِالوَصَب

 

لا زِلتَ تَسأَلُ: أَينَ أَينَ العَرَب؟

 

* * *

آهٍ, بَغدادُ،

 

يَا أوَّلَ بَلَدٍ, يَفهمُ فِي حُزنِ الشٌّعَراء

 

ويا بلداً يُنجبُ النَّخلَ

 

 ويُنجبُ الخيرَ

 

وَيُدَاوي أَحزانَ البُسَطَاء

 

فَكيفَ تَأتي اليومَ00

 

كيفَ تَأتي اليومَ،

 

وتَسحقُ فِينا تَاجَ الكِبريَاء

 

هَذي الحقيقةُ يا بغداد

 

تَمُوتينَ أنتِ هُناك

 

وهُنا نَحنُ نَموت

 

فَارتدي ثَوبَ الحِداد

 

أمَامَ تَراجُعِ الأمجاد

 

أمامَ تَهافتِ الشٌّعراءِ، والفُقَهاءِ والعُلَماء

 

أمامَ اشتِعالِ النَّارِ في رُجولَتنا

 

فنَحنُ أبناءُ الذٌّلِ والخذلان

 

نِتَاجُ سنينِ القَهرِ والإذعَان

 

ولا سُلوان

 

مِن بَعدِ فَقدِ الأرضِ والأوطان

 

مِن بَعدِ انقِطاعِ النَّسَب

 

فلا تَعجبي يا بغدادُ00 نحنُ أولى بالعَجَب

 

لا تَعجبي يا بغدادُ00 نحنُ أولى بالعَجَب

 

وَكَذَبَ ألفَ مَرَّةٍ, مَن يَدَّعي أنَّا عَرَب

 

َكَذَبَ ألفَ مَرَّةٍ, مَن يَدَّعي أنَّا عَرَب

 

ولا زلتَ يا عِراقُ، يا جُرحاً تَنكَّأ باللَّهب

 

ولا زلتَ يا عِراقُ، يا عَاراً تَداوى بالوَصَب

 

لا زلتَ تَسألُ:أينَ أينَ العَرَب؟!

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply