الاستراتيجيات الدعوية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

أي جهة تعمل في مجال الدعوة لا بد لها من أن تسخر مواردها البشرية و المادية بتوجه واضح متسق مع الأهداف التي تعمل من أجلها، هذا التوجه يمثل الرباط الفكري لمجموع الجهود التي تبذل و النشاطات التي تؤدى من أجل تحقيق الأهداف ضمن ما يطلق عليه اصطلاحا كلمة (إستراتيجية).

و ينبغي أن يكون معلوما أن التأثير الفكري يتطلب تركيزاً على الجانب الذي يؤدي إلى إحداث الاستجابة المطلوبة، و وفقا لذلك يمكن تقسيم التوجهات الدعوية (الإستراتيجيات) إلى ثلاثة أنواع رئيسية:

 

1- التوجه الجماهيري (الكمي):

و هو توجه يمثل إستراتيجية ذات مرمى واسع جدا، و يرغب من خلاله مخاطبة أكبر عدد من الأفراد، و مثل هذه الإستراتيجية / التوجه تتطلب إمكانات ضخمة للنشر و الإعلان و خطاب دعوي في حد الإتفاق الأدنى مثل المعلوم من الدين بالضرورة و مسلّمات العقيدة و السلوك و غيرها مما هو محل اتفاق عام بين علماء المسلمين، كما يمكن طرح القضايا التعبوية من خلاله التي توحد الأمة الإسلامية مثل قضية فلسطين و الأقليات المسلمة و الاستعمار الأمريكي الجديد، كما يصلح كذلك لبث الوعي الفكري و إرشاد السلوك الاجتماعي.

 

2- التوجه الانتخابي (النوعي):

و هو توجه يتم من خلاله تركيز الجهود و الموارد على تحقيق نوعية مميزة من الاستجابة للخطاب الدعوي، مثل الغرس التربوي و التزكية العميقة و التعليم المنهجي و البحث العلمي..و بصورة عامة يهدف إلى إخراج أفراد متميزين في استجابتهم للخطاب الدعوي، و يصلح هذا التوجه للجهات التي تعمل على إعداد الدعاة و طلبة العلم و الحفظة لبث العلم الشرعي المنهجي بين الناس و غيرها من مجالات العمل المشابهة.

 

3- التوجه التركيزي:

و هو توجه يعمل على التركيز على نطاق جزئي معين سواء كان جغرافيا أو اجتماعيا (شباب، أطفال، عمال، موظفين، ربات بيوت... ) أو في مجال محدد (تحفيظ قرآن، حديث، عبادات، معاملات،.... ). إن هذا التوجه هو نفسه أحد التوجهين السابقين، و لكن في مرمى ضيق، و عليه ينتج منه توجهين فرعيين: أ- توجه تركيزي جماهيري: و يستهدف نفس أغراض التوجه الجماهيري و لكنه يكون مركزا في رقعة جغرافية محددة (العاصمة، المنطقة الوسطى،..... ) أو مركزا على موضوع واحد (القضية الفلسطينية، الحجاب، الولاء و البراء،.... ).

ب- توجه تركيزي انتخابي: و يستهدف نفس أغراض التوجه الانتخابي النوعي، و كذلك على رقعة جغرافية محددة أو موضوع واحد (تحفيظ متون، فقه، أصول، عقيدة، حديث،..... ).

إن الحصول على الميزة التي تضمن التفوق على المدارس الفكرية المضلة و التيارات العقائدية المنحرفة تحتاج إلى استخدام واحد من هذه الاستراتيجيات، و أكرر واحد فقط، حتى تحصل المؤسسة الدعوية على ميزة التفوق في مجالها و المحافظة على خط سيرها و أداء رسالتها بجدارة، و تحقيق أهدافها بكفاءة و استثمار جهودها و مواردها بفعالية.

إن التحولات الدعوية تنحصر في هذه الثلاث، و يؤدي استعمال عدة توجهات في نفس الوقت إلى إهدار الجهود و الموارد و الانشغال بالمشاكل و الطوارئ و فقدان موجهات العمل و الأداء، فتفقد المؤسسة الدعوية التنسيق بين أطرافها و الرباط بين أفكار أفرادها و التفوق على منافسيها.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply