الدعوة بالمراسلة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

هي امرأة لكنها ليست كالنساء، الكادحات الكالحات، بل ملكة متوجة، خريجة قسم أصول الدين من جامعة الإمام محمد بن سعود - رحمه الله تعالى -، وهي متزوجة، تدير شؤون مملكتها بنفسها، ترعى حق الله - تعالى -، وحق زوجها وأهله، تقوم على خدمتهم وترعى شئونهم صابرة محتسبة، تقوم بأعباء المنزل ولا خادمة، مع قيامها بحق أم زوجها المسنة، لكن، لم يهنأ لها بال وهي ترقب السالكين والسالكات في طريق الدعوة إلى الله - تعالى -، نعم، كانت ترقبهم بطرف حزين، نعم، لم يكن ليهنأ لها بال وهي لم تدلي بدلوها بين دلاء الداعيات إلى الله - تعالى -، لتأخذ على إثر ذالك نصيبها من الخير، كانت تحاول أن تجد لها موضعا، فما كانت لترضى العيش في الأسافل دون الأعالي يتراوح لها قول الشاعر:

وما للمرء خير في حياة  * * * إذا ما عد من سقط المتاع

 

ولكن هذه الرغبة اصتدمت برفض زوجها لخروجها إلى ميادين الدعوة على اختلافها لكن ما زال الهم في قلبها يكبر ويكبر مع مرور الأيام، فعزمت على المضي على شق الطريق مهما توغل في الوعورة، لكن مع رضى زوجها، وفكرةً بعد فكرة، وخاطرةً بعد خاطرة، ومع الدعاء والتضرع هداها الله - عز وجل - إلى فكرةٍ, وضاءة تجمع فيها بين رضا خالقها ورضا زوجها، إنها الدعوة بالمراسلة، هي وسيلة لا تحتاج إلى كبير جهد، ومع ذالك فهي عظيمة النفع والأثر، ولكن تصدت لفكرتها عقبة كؤود كادت تتهاوى عليها قوارب الأحلام، إنها المادة عصب الحياة، من أين لها تأمين مستلزمات هذه الرسائل، مع قيمة إرسالها؟؟ لكن العبد إذا صدقت نيته صدقه الله - تعالى -،

 أرى نفسي تتوق إلى أمور  * * *  وتقصر دون مبلغها بعض حالي

فنفسي لا تتطاوعني ببخلٍ,  * * * ومالي لا يبلغني المعالي

ثم عادت إلى التفكير والدعاء مرة أخرى، فطريق الأنبياء تريده بأي ثمن، حينها تذكرت قصة أم المساكين،

التي قالت عنها عائشة - رضي الله تعالى عنها - : \" كانت صناع اليدين تعمل بيديها وتتصدق \" فاتخذت من صنع يديها عملاً يدر عليها ربحاً وإن قل، فالشأن كل الشأن في البركة، حينها توصلت إلى ما تحتاجه، فهي تحتاج إلى جهاز للحاسب الآلي، مع طابعته، وآلة تصوير، وجهاز للفاكس، ولكن من أين ذالك؟؟ فتأملت ذهباً عندها، ووجدت أن قيمته يكفي بعض ما تحتاجه، فكلمت زوجها بذالك فأكمل لها المبلغ مع قلة ذات اليد، حينها بدأت بطباعة بعض الرسائل، مقابل مبلغ مادي تتقاضاه، ثم تستثمر ثمن ذالك في الدعوة إلى الله - عز وجل -، وكان من نتاج ذالك مئة وعشرون رسالة دعوية، تحصلت على عناوينها من خلال إذاعة القرآن الكريم، تتراوح هذه الرسائل ما بين مطوية وكتب صغيرة ومتوسطة تتعلق بموضوعات العقيدة الصحيحة، وهي ما كانت تحرص عليه، ثم هي مع ذالك تقوم بشراء بعض الكتيبات من مكاتب توعية الجاليات, وتقوم بنشرها على الطبيبات والممرضات في المستوصفات والمستشفيات، حتى أخذت رسائل المسترشدين تتوافد على غرفتها الصغيرة، فهذا يطلب مصحفاً وآخر كتاباً وآخر مطوية، كان جهد المقل، مع ذالك فكم أحيا الله بهذا العمل اليسير قلوباً غافلة، وأنار بصائر مستغرقة، كانت رسائل خير ونور رائعة، وأروع منها اليدان اللتان قد متهما وصاغتهما أحرفاً من نور تضيء للسالكين الطريق، هذا هو الجهد وإن قل، فالدين ينصر بنا أو بدوننا، فإن بذلنا أصبنا العزة، وإن منعنا أخذنا بالهوان وكل واحد منا على ثغرٍ, من ثغور الإسلام...

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply