فما حسن الحياة بلا كماةِ


 

بسم الله الرحمن الرحيم

وها أنذا أعود إلى دواتي  *** وبي ألمٌ يبعثر لي شتاتي

 

متى ألقى بهذا العمر ذاتي *** وقد مرّت على عجلٍ, حياتي

 

لقد فتشتُ في طرُقي مليّاً *** وليس سوى خُطايَ العاثراتِ

 

ومن لَبِِسَ الحياة فَعَن قريبٍ, *** ستجعله المهالك في العراةِ

 

وكم من سائرٍ, بجموع قومٍ, *** بأعزلَ من وحيدٍ, في فلاةِ

 

وكيف تروم حلاً من زمانٍ, *** طفوح الزير بالغُدُر العتاةِ

 

شربتُ من الهوى كأساً دهاقاً *** تكاد تفور في أيدي السقاةِ

 

وكم من مُبصرٍ, فيها تدنّى *** فراح تقوده أيدي العماةِ

 

هُبلتَ إِليك عنها واطّرحها *** إذا ما قُورنت يوما بِلاتِ

 

وما أعطيتَ عمرك مستحقاً *** يظلّ يقول ملئَ الفيِّ هاتِ

 

فكيف غفوتَ في أمن الأماني *** وموتك لاحَ من كَتِفِ الرماةِ

 

ومن رفضته في الدنيا حياةٌ *** يظلّ بها يدور بلا حياةِ

 

وتلك هي الحياة علت ببعضٍ, *** وتُحوج اَخرين إلى الفُتاتِ

وكم من زائلٍ, فيها واَتِ *** وكم ماضٍ, يظنّ العمر أتِ

 

نجاتك لا تكون بلا صلاحٍ, *** فليسَ سوى الصلاح لِوا النجاةِ

 

إذا دعت الدعاة إلى ضلالٍ, *** فأين أراك يا شرف الدعاةِ

 

فما أمل الحصيف من الحيارى *** إِذا وُطِئت بأقدام القساةِ

 

إذا رفض الرجال قتال طاغ *** فأبشر بالمهانة والطغاةِ

 

إذا رفض الرجال نداء حامٍ, *** أهانوا هم ميادين الحماةِ

 

إذا أدنى الزمان بخير قوم *** فلا أتوقعنّ علوّ ذاتي

 

فيا ذا الغرٌّ لم يكُ منك قتلي *** بأقسى من بكاك مع النعاةِ

 

إذا رفض الزمان هوى كماةِ *** فما حُسن الحياة بلا كماةِ

 

لِمَ الأحياء تُرعبها المنايا *** إِذا صار الجميع إلى رفات ِ

 

إِذا ما مات أهل الخير ظمأى *** فما رِيُّ بدجلة أو فراتِ

 

روى زمني عن الحكماء خيرا *** لأنّ مقالهم ذهب الرواةِ

 

وكم جبنٍ, تقمّص ثوب ضعفٍ, *** وكم فشلٍ, عزوت إلى أناةِ

 

خطايَ على مهبّ الريح شتّى *** ومِلئُ يد العدوّ غدت جهاتي

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply