أكفكفُها من مقلتي أدمعاً حرّى *** أترجمُها في الحبِّ للمصطفى شعرا
وأنظِمُها حتى إذا ما رضيتُها *** بعثتُ بها شوقي وقد ضُوِّعت عطرا
وقد سبقت خيل المديح ركائبي *** قديماً ولكن همتي تطلبُ الفخرا
وأيٌّ فخارٍ, أن جعلتُ قصائدي *** وصيَّرتُها في الذودِ عن قدوتي مُهرا
إذا لم يكن عذبُ القصيدِ منافحاً *** يغيظُ العدا سراً ويردعُهم جهرا
فلا أنطقُ اللهُ الشفاهَ بجملة *** ولا سطَّرت يمنى ولا كتبت يسرا
أسيدَ خلقِِ اللهِ كيفَ أصوغُها *** وكيفَ أُحيلُ الحرفَ في مدحكم تِبرا
إذا قلتُ بحراً في الفضائل والتقى *** تكون بحارُ الأرض في بحركم قطرا
وإن قلتُ ليثاً في الشجاعة إنما *** مدحتُ ليوثَ الغابِ إذ أحرزت ذِكرا
أأذكرُ عقلاً أم سأذكرُ حنكةً *** فضائل جاءت من معينكم تترا
كفى بك فخراً أن مُدحت بآيةٍ, *** وأن نزلت في الغار يا سيدي إقرا
فكيف يدانيك السحابُ برفعةٍ, *** وكيف توازيك المجرةُ والشعرى
أبى اللهُ إلا أن تكونَ مكرَّماً *** فكيف يرومُ الخلقُ في ذمكم أمرا
أحالبةَ الأبقارِِ كيف تجرّأت *** قواكِ فنالت من كرامتنا قدرا
جهلتِ فكان القولُ منك عداوةً *** رفعتِ بها رجلاً وثنَّيتِ بالأخرى
وما ضرّ لو سخرتِها في رعايةٍ, *** لأبقاركمº فالجهدُ في رعيها أحرى
ومن ينطحُ الصخرَ الصلابَ بقرنه *** فلا قرنَه أبقى ولا حطَّمَ الصخرا
ألا قاتل اللهُ الحياةَ إذا غدت *** خنازيرُ غربِ الأرضِ قد نطقت كفرا
تمادت وزادت في الضلالِ غوايةً *** فكانت كمن جدَّت لمديتها حفرا
ومن يتعرض للسهامِ بنحرِه *** تُصبه فلا حمداً أصابَ ولا شكرا
أغرّكِ صمتُ القولِِ فازددتِ جرأةً *** وأجريتِ مما لا يليق بنا نهرا
فكيف أبانَ البكمُ يا زمنَ الردى *** وكيف غدا المليارُ يا أمتي صفرا
يُقالُ فما دون الوجوهِ يصونُها *** سوى الكفّ تحميه وإن بُترت بترا
فداك رسولَ اللهِ نحرٌ جعلته *** لذكرك درعاً أن يراد به شرا
فداك أبي من بعد أمي وإخوتي *** فداك صغارُ القومِ والعليةُ الكبرى
أقومي، إن السيلَ قد بلغ الزٌّبا *** وخبثُ النوايا جاوز الحدَّ واستشرى
ألا فاجعلوها وقفةً عُمريّةً *** تُزلزلُ أقداماً وتستجلبُ النصرا
فما الصمتُ في بعض المواطن حكمة *** ولكنَّ مكرَ القوم يستلزمُ المكرا