في وداع باكثير - رحمه الله -


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الإهداء

إلى روح أديبنا الكبير الراحل / محمد بن علي البدوي (باكثير الصغير) - رحمه الله تعالى -..

حين ضرب أبهى مثل وأجلّ قدوة،، لأديبٍ, حمل همَّ أمّته،، وعاش ضعفها وحيرتها،، فانبرى يحمل راية النور والضياء،، منافحاً بيراعه المجاهد،، وعقليته الفذّة،، وهمّته العالية،، ليرسم حرفاً مشرقاً،، وفكرةً نيّرة..

وليبعث رسالةً واضحة المعالم،، محددة الأهداف،، أن القلم أمانة،، والأمانة عظيمة،، وأنه لا يحمله حقَّ حمله،، إلا من ارتضى الله رباً ومحمداً - صلى الله عليه وسلم - رسولاً والإسلام ديناً خاتماً مهيمناً..

إهداءٌ،،

هو أقلّ من واجبه،، وأقصر من قامته،، لا يراد به بيان قدره الجليل،، وإنما هو لوعة الفراق،، ولذعة المصيبة،، وأسى الفقد،، ودمعة الوداع،، وتشييع لقلمٍ,،، وقضاءُ حقٍّ, واجب..

فالحمد لله،، الذي لا يحمد على مكروه سواه،، وإنا لفراقك يا محمد لفي حَزَن،، ولا نقول إلا ما يرضي ربّنا،، وإنا لله وإنا إليه راجعون..

في وداعِ باكثير!

 

بعيداً عـن حروفـكِ يـا رِوَاءُ  ***  وألسننـا يعطرهـا الـرّجـاءُ

 

فللأقـدار مرتـحـلٌ وحــلُّو  ***  للأحـزانِ والكمَـدِ انـجـلاءُ

 

حملتُ مشاعري وحملتُ قلبـي  ***  وأرسلـتُ المدامـع يـا رِوَاءُ

 

أبا العزماتِ قد أبكيـتَ حرفـي *** فأطلقتَ الجوَى وعـلا النّـداءُ

 

رحلتَ وكنـتَ كالبـدرِ ائتلاقـاً  ***  وهمسُ حروفِك الغـرّا ضِيـاءُ

 

أيا قلمَ العذوبـة هـل حديـثٌ  ***  سيصحبُ نبضَهُ الزّاكي السّناءُ؟

 

وهل ستحـلٌّ أطيـافُ الأماني  ***  مع الذكرى يـظللها الوفـاءُ؟

 

وأيـن المسرجـاتُ بكـل دربٍ,   ***  وأبكارُ الحروف هي البَهـاءُ ؟

 

بكـت جـازانُ درّةَ كاتبيـهـا   ***   وزهرةَ روضها فهوت سمـاءُ

 

وودّعـتِ المحابـرُ نبـع عـزٍّ,   ***   ولـلأرواح بالفجـرِ احتـفـاءُ

 

بكيتُ محمداً وحـروفَ صدق  ***  وأقلقني مـع الشَّفـقِ العـزاءُ

 

وإن كنّا إلى سَنَـنٍ, سنمضـي   ***  فإن الصـدقَ يعقبـهُ النّجـاءُ

 

أعـزيّ صحبـةً قـد جملتها   ***   زهور الـودِّ فانفلـقَ العطـاءُ

 

وأيامـاً مـن الذّكـرى عذابـاً   ***   وأحلامـاً يداعبهـا العـنـاءُ

 

وبركاناً تركـتَ علـى رحيـلٍ,  ***   وأنفاسـاً يرافقـهـا البـكـاءُ

 

توسّدتَ التّراب وليـت شعـري  ***  أحلَّ الوعدُ وارتحل الصّفـاءُ ؟

 

رأيت الشامخين لهـم صـدودٌ  ***   عن الدنيا وإن راحُوا وجـاؤُوا

 

ترافقهـم همـومٌ ساخـنـاتٌ    ***   ويلفحُهُـم هجيـرٌ أو جـفـاءُ

 

وترمُقُهم عيونُ الـزٌّورِ شَـزراً  ***   ويحملُهم على الصَّفح الزَّكـاءُ

 

وقد ركبوا نجائبهـم وسـارُوا   ***  لـدارٍ, لا يدنّسـهـا الشـقـاءُ

 

إلى دار القرار مضـت ركـابٌ   ***   تحثٌّ الخطـو يلهبهـا الحـداءُ

 

وما زادُ الطريق سـوى جَمَـالٍ,   ***  من الأخلاق والتقـوى كسـاءُ

 

وهُم عند الرَّحيم بخيـر وعـدٍ,   ***   فما يجزي الغفورُ هو الجـزاءُ

 

عليك سحائبُ الرَّحماتِ تتـرَى   ***  من المنَّـان يعقبهـا اصطفـاءُ

 

لك الرّحمنُ ما انتفضت قلـوبٌ   ***    لها بالخالـق البـاري رَجـاءُ

 

وما نطقـت مشاعرُنـا وقلنا    ***      وما نـوحٌ يـردٌّده الفَضـاءُ

 

اللهم اغفر لعبدك وابن عبدك وابن أمتك محمد وارحمه رحمة واسعة،، وأسبغ عليه من فضلك وكرمك وجودك ومنّتك،، بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى،، واجعل ما قدّمه شافعاً له متقبلاً..

إنا لله وإنا إليه راجعون،،

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply