بسم الله الرحمن الرحيم
أمرٌ يدعو إلى الدهشة، كيف يكون سابقاً خاسراً في آن واحد؟ وذلك أنَّ المعهود فوز السابق، فكيف خسر هنا؟
الجواب: أنَّ المعهود في السابق أن يكون فائزاً إن كان سبقه في خير تنافس فيه مع إخوانه، وَحَرِص على سبقهم فيه، أمَّا أن يكون سبقه إلى معصية، أو هروبٍ, من طاعة، فذلك خسران ظاهر.
ومن صور الخسران: ما نراه يقع في شهر رمضان، من تسابق بعض الأئمة في إنهاء صلاة التراويح في وقت قصير،
ولكلِّ إمامٍ, طريقتُه، فأحدهم يحرص على قراءة سورة من قصار السور في الركعة الأولى من كلِّ تسليمة، وقراءة
سورة الإخلاص في الأخرى، وثان يقرأ بآيتين أو ثلاثٍ, في كلِّ ركعة، وثالث ينقر ركوعه وسجوده حتى لا يتمكن
من يصلي خلفه من التسبيح مرة واحدة في ركوعه وسجوده، ورابع يجمع بين هذا الطرق، جرياً وراء إرضاء بعض المأمومين، وهكذا يكون السباق.
وكلما انتهى من ترويحة نظر في ساعة يده، أو ساعة الحائط إن كان على موعده أم أنَّه تأخر، وما تكاد تمرَّ على الجمع ساعة أو أقل، بعد أذان العشاء، إلا وقد انفض الجمع عن ثلاثٍ, وعشرين ركعة، وأربعٍ, في العشاء، وركعتين راتبة، فيكون المجموع تسعاً وعشرين ركعة في أقل من ساعة!!
فإذا اجتمع النَّاس في نواديهم بعد الصلاة تفاخروا، كلُّ يدعي السبق في التخلص من ركعات صلاته، وَيَعَض المتأخر أصابع الندم، كيف فاته الخير في الخروج مبكراً، ثم يبدأ في نهش عرض إمامه الذي يطيل الصلاة ويُنَفِّر النَّاس!
وهكذا يخسر من سبق في التخلص من قرة عين النبي - صلى الله عليه وسلم -، هكذا يخسر من استراح من صلاته،
ولم يسترح فيها، هكذا يخسر من فاتته متابعة رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - في قيام ليله، هكذا يخسر من فاته
الفضل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)).
اللهم سَلِّم!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد