الدعوة بالقدوة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الدعوة إلى الله - تعالى - تستوجب اقتداء الدعاة بالأنبياء والرسل، وفي مقدمتهم الرسول القدوة - عليه الصلاة والسلام - قال - تعالى -: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً} [الأحزاب 21].

 

وتتجلى الدعوة إلى الله - تعالى -بالقدوة في إعطاء المثل علماً وعملاً، إيماناً ودعوة، قولاً وسلوكاً، مصداقاً لقول الله - عز وجل -: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين} [فصلت 33].

 

قال ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة: \" أي هو في نفسه مهتد بما يقوله، فنفعه لنفسه ولغيره لازم ومتعد، وليس هو من الذين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه، وينهون عن المنكر ويأتونه، بل إنه يدعو إلى الخير، ويترك الشر، ويدعو الخلق إلى الخالق - تعالى -، وهذه عامة في كل من دعا إلى ذلك وهو في نفسه مهتد \".

 

ويقول سيد قطب في تفسيره لهذه الآية: \" إن كلمة الدعوة حينئذ هي أحسن كلمة تُقال في الأرض، وتصعد في مقدمة الكلم الطيب إلى السماء، ولكن مع العمل الصالح الذي يصدق الكلمة، ومع الاستسلام لله الذي تتوارى معه الذات فتصبح الدعوة خالصة لله ليس للداعية فيها شأن إلا التبليغ \".

 

والدعوة إلى الله بالقدوة الحسنة تصلح النيات، وتوفر الأوقات، وتختزل الطاقات، وتمكّن الداعية من أداء أدوار عدة متكاملة من أهمها: \" تطبيق الإسلام خُلقاً ومعاملة وعفة لجذب الناس إليه بالأمثلة الحية، من هنا يأتي النصر المبين والفتح والتمكين إن شاء الله \".

 

وتتمثل الدعوة إلى الله - تعالى -بالقدوة الحسنة في الكلام، والسلوك، والقول، والعمل والحال والمقال، والتطابق والتكامل في كل ذلك.

 

وفي حال التناقض السلوكي يحل غضب الله ومقته، قال - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتاً عند اللَّه أن تقولوا ما لا تفعلون}[الصف 2-3].

 

وقد وصف القرآن الكريم سلوك علماء بني إسرائيل الشاذ بقوله: {أتأمرون النَّاس بالبر وتنسون أّنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون} [البقرة 44].

 

إن من واجب الدعاة إلى الله في العصر الحاضر القيام بالدعوة الإسلامية عن طريق القدوة الحسنةº لأنها السبيل الوحيد لهداية الناس، وإصلاح أحوالهم الدينية والدنيوية، ولن يتحقق ذلك إلا بالعلم النافع، والعمل الصالح، والصبر على الدعوة، وعلى أذى الناس.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply