لا تلمني ...


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا تلمني يا أخي..

 

لا تلمني إن قسوت.. فآلامي لم تعد تحتمل التواني و التفكير..

 

لا تلمني فكل جرح في جسدي كفيل بقتلي...

 

لا تلمني إن قسوت... فكل طعنة في ظهري موسومة ببصمة خائن...

 

لا تلمني... فقد مللت من الشعارات التي لم أجن من ورائها غير الصدى...

 

تعلقت بحبال الوهم حتى هوت بي إلى جحيم الذل و الصغار...

 

فلا تلمني يا أخي إن قسوت.. فقد طغت مرارة الحرمان على بقية الود أخي.. فلا تلمني.

 

لا تلمني إن جفوت...

 

فلم يعد لدي وقت أضيعه في تذكر ما بيننا من إخاء..

 

لم يعد في ذهني صفاء..

 

لم يعد ينتظرني مستقبل هادئ أو مسحة من رخاء..

 

فقط أشلاء و دماء..

 

قتلى و أحياء غير أحياء..

 

حتى بريق الحياة في عينيَّ خبا..

 

لم يعد فيهما سوى وجد الذكرى..

 

ذكرى الماضي الجميل..

 

الماضي الذي لم يعد من المتاح الرجوع إليه حتى بالذكرى...

 

لذلك لا تلمني إن جفوت..

 

لا تلمني يا أخي... فلم يعد يخطر بقلبي ذلك الشعور الرقيق الذي يسميه الناس حنان..

 

فقد قتلته سحقات أقدام العدا...

 

حتى لم يعد قلبي أشبه بالقلب.. بل هو صخر.. أو أشبه بالصخر أخي.. فلا تلمني.

 

لا تلمني إن بكيت.. و ذرفت عيناي..

 

لا تلمني إن سالت دموعي على وجنتي..

 

فمن القهر يبكي الحر...

 

مقيتٌ هو ذلك الشعور يا أخي..

 

أن تشعر بضغط حذاء عدوك على وجهك.. فتمد يدك لأخيك تطلب العون..

 

فيرمقك أخوك بنظرة إشفاق طويلة ... ثم يمضي...

 

يمضي تاركا إياك وحيدا قيد المجهول...

 

لا تعرف لك مستقبلا...

 

لا تعلم ما ينتظرك...

 

أيكمل ذلك الوغد ضغط حذائه على وجهك ليسحق رأسك...

 

أم يرفعه ليركلك...

 

شعور مقيت يا أخي...

 

فلا تلمني إن بكيت...

 

لا تلمني إن صرخت..... فآلامي فوق الاحتمال...

 

لم تعد تجدي المسكنات أو المهدئات...

 

لم يكن أمامي إلا أن أصرخ...

 

و أصرخ...

 

و أصرخ...

 

حتى أنسى الألم ... أو يستيقظ الضمير النائم...

 

أو أتلقى طعنة تريحني إلى الأبد...

 

فعذرا إن أزعجتك بصراخي أخي ... و لا تلمني...

 

أخي... كم في قلبي حنين إليك...

 

و كم في عيني لهفة ليدك الحانية التي تنتشلني مما أنا فيه ... و لكن...

 

لا أستطيع أن أعيش ذلك الحلم طويلا...

 

فليس ثمة دليل على صدقه أو إمكانية تحققه...

 

لم تعد لديَّ مصداقية لأحد...

 

فكثير هم من يتكلمون و يزمجرون و يتشدقون.... و لكن قليل هم من يعملون...

 

أخشى الغدر يا أخي...

 

أخاف أن أمد إليك يدي فتوثقها بالأغلال..

 

أخاف أن أدير لك ظهري فتطعنني...

 

أخشى أن أتشبث بثيابك توسلا ً فتصفعني...

 

لست أدري إن كنت مخطئا في مخاوفي.. و لكنني لست مستعدا للتنازل أو الخضوع بعد الآن…

 

و حسبي مرارة الحرمان...

 

لم تعد لدي فرصة للتجربة...

 

لم تعد لدي دماء أهدرها رخيصة في معركة خاسرة..

 

فلقد عزمت على ادخار ما بقي منها لمعركة الخلود في ساحة العزة...

 

فهي صفقة رابحة ضمنها لي خالقي... و هو عندي مُصَدَّقٌ بلا شك...

 

أخي..

قد تكون كلماتي قاسية بالنسبة لك ... و لكن لا بأس في أن تعاني بعض القسوة مثلي...

 

و كل ما أرجوه منك.. أن تتذكرني في خلوتك.. أو عندما تكون بين أهلك أو مع أطفالك..

 

و أن تدعو لي... إن كان في قلبك بقية من شفقة على حالي...

 

و إن وجدت مني شيئا لا يعجبك أو يجرح شعورك...

 

فالتمس لي العذر أخي...

 

و لا تلمني...

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply