بسم الله الرحمن الرحيم
كلمات في الاجتماع: ----
(1)
ما غلا قوم في شيء، إلا وظهر غلو آخرين في ضده..
الغلو في تقديس الأشخاص، يقابله الغلو في رفض الأشخاص..
أيهما سبب غلو الآخر؟..
كلاهما...
والحل في التوسط، والعدل، والإنصاف...
قال - تعالى -: {وإذا قلتم فاعدلوا.. }..
وقال: {ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}..
وفي الأثر:
(أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما، وأبغض بغيضك هونا، عسى أن يكون حبيبك يوما ما)..
----------------------------------------
(2)
لا بد من التريث وعدم الاستعجال في الحكم على الآخرين، خاصة أولئك الذين عرف عنهم اتباع منهج السلف والدعوة إليه..
فمن الذي لا يخطئ، ولو كان من أهل السنة والجماعة؟..
فلو أن كل من أخطأ هجر، وحذر منه، وشهر به، لما سلم أحد، حتى الهاجر والمحذر والمشهر، لن يسلمº لأنه لن يسلم من الخطأ..
والنتيجة: تمزيق الأمة ظلما وعدوانا..
إنما السبيل المناصحة بالتي هي أحسن، بالقول اللين، والصبر في تبليغ النصيحة، وإظهار المحبة والشفقة والحرص وصدق الإخوة..
هذا إن كان خطأ مجمعا عليه عند أهل السنة، أما وجهات النظر، والمسائل القابلة للاجتهاد، فهذه لا تنبغي أن تكون سببا في الخلاف أصلا..
لذا من المهم معرفة ما يسوغ وما لا يسوغ فيه الخلاف...
فبعض الناس جاء إلى مسائل يسوغ فيها الخلاف، فجعلها موطن ولاء وبراء.. وهذا جهل..
ومن المهم معرفة ما الخطأ والصواب..
فبعض الناس جاء إلى ما هو صواب، فجعله خطأ، وما هو خطأ، جعله صوابا.. وهذا جهل..
ومن الجهل أن ينجر المرء وراء الجهل..
----------------------------------------
(3)
الاجتماع يكون مع كل من يتبنى، علما وعملا، الكتاب والسنة ومنهج السلف، فمثل هؤلاء يجب عليهم ألا يختلفوا، والله - تعالى -يقول مخاطبا هؤلاء: {وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين}...
فإذا ظهر من بعضهم خطأ فالواجب النصح والبيان والصبر..
وعلى من أنكر على أحد شيئاً، أن يحمل رأيه إليه، ويبينه له، ويسمع منه الجواب، ولا يأخذ الجواب من وسائط، ولا يأخذ الخبر والحكم من وسائط، لأن الوسائط كثيرا ما تفتقد إلى الدقة في النقل، فتزيد وتنقص أشياء تكون سببا لتكبير الخلاف والفجوة...
وليس الخبر كالمعاينة.. وإنما آفة الأخبار رواتها..
----------------------------------------
(4)
بعض الفئات لا هم لها إلا تضخيم الأخطاء، وتحميل الكلام لا يحتمل من المعنى، إما جهلا بمواقع الكلام والأدلة الشرعية، أو رغبة في سوء..
لذا فعلى الحصيف الحريص على الجماعة أن لا ينجر وراء هذه الفئات، بل يفحص كل تهمة ونقد يصدر منها تجاه غيرها، حتى لا يشاركهم في العدوان على بريء.. لينظر هل الكلام يحتمل ما حمّل أم لا؟..
وهنا من المفيد سؤال أهل العلم، خاصة أولئك الذين عرف عنهم الحياد، أي عدم المشاركة في الخلافات الناشبة بين بعض الفئات، فالخارج عن الخلاف أكثر إصابة للحق من الواقع فيه..
وليعلم أن التعصب لفئة يعمي البصيرة... فلا تدرك الحق، ولو ظهر كالشمس، لأن العقل منصرف عن الفهم والإدراك، وكم من الخلافات كان مصيرها الحل، لو أن النفوس سليمة، خالية من التعصب، لكن لما لم تكن كذلك، حصل الخلاف وتضخيم الأخطاء والنبذ والبراء..
----------------------------------------
(5)
الحق فيما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما أمر به، وليس فيما يراه فلان وفلان..
فليس مقياس الغيرة على الدين وشعائره الكتابة فيما يراه بعضهم مهما، على الوجه الذي يرضيهم..
إنما المقياس: اتباع الحق الذي جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، والعمل به، والدعوة إليه..
----------------------------------------
(6)
أخي...
ليس لك مع من ترى أنك تخالفهم إلا الكلمة الطيبة، فبوسعهم أن يمطروك تهما، وأن يستبيحوا لأنفسهم ما تستبيحه أنت منهم.. لكن هذا لن يجدي شيئا، فلن تقنعهم بشي..
إنما سبيل الذي يغار على دين الله - تعالى -، ويهمه أمر الأمة أن يدعو إلى سبيل الله ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يقول القول اللين، وأن يخاطب إخوانه بالتي هي أحسن..
أتدري لماذا؟..
إن للخطاب الحسن، القائم على التماس العذر وحسن الظن أثرا حسنا:
- فهو دال على أن صاحبه متبع لهدي القرآن، حين أمر موسى - عليه السلام - أن يخاطب فرعون بالقول اللين..
- وهو دال على أنه متبع للنبي - صلى الله عليه وسلم - حين كان يخاطب من يدعوهم بأحسن عبارة..
- وهو دال على اتباع السلف، الذين لن يخالفوا بحال طريقة القرآن، ولا منهج النبوة..
- ثم هو الكفيل بهدم الفجوات بين المتخالفين، فالخطاب الحسن يحمل على حسن الاستماع وفهم كل خصم كلامه خصمه، فينفذ كلامهما إلى القلب، فربما لم يكونا مختلفين أصلا، وربما اهتدى المخطيء منهما..
كل ذلك بالخطاب الحسن..
أما إذا صار الخطاب عنيفا، التهم فيها مقدمة، واستباحة العرض هو الشعار، فلا ترجو إلا القطيعة والهجر وتصلب المواقف، والعناد، وكل تأخذه العزة بالإثم، حتى لو بان الحق لأحدهما، فلن ينجر إليه، ولن يقبل منه، لا لشيء إلا لأنه جاء من غير طريقه القويم.. ولأن الشيطان قد نزغ.. والله يقول: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر}..
{وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا}..
فأهل الحق، ومن يرنو إلى الحق، ويخضع له، أولى بأن يتبعوا منهج القرآن في الخطاب، ولو كان الخصم ضالا مضلا، فكيف إذا كان أخاً، يبتغي الحق، ويحبه.. ؟؟
فاتقوا الله يا أولي الألباب...
-----
وفقني الله وإياكم...
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد