بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، وبعد:
فإن الله - سبحانه وتعالى- أنعم على هذه الأمة بهذا الدين الخاتم، وتكفل - سبحانه - بحفظه، وشرّف بعض خلقه بأن هيأهم ووفقهم للقيام بهذا الأمر، فما يزال الرب - تبارك وتعالى - يبعث لهذه الأمة من يجدد لها أمر دينها، بل لا يخلو زمان من الأزمنة من طائفة منصورة قائمة بدين الله ظاهرة على أعدائها بالحجة والبيان تارة وبالسيف والسنان تارة أخرى، وهي في كلا الحالين قاهرة لعدوها، ظاهرة عليه كما صرّحت بذلك أحاديث الطائفة المنصورة.
ولا شك أن هذه الطائفة التي تقوم بدين الله هي خيرة الله من أهل زمانها كما قال - تعالى -: \"وَرَبٌّكَ يَخلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَختَارُ... الآية\" (القصص: من الآية68)، وقال: \"وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجتَبَاكُم... الآية\" (الحج: من الآية78)، وأهل هذه الطائفة هم الغرباء الذين ورد النص الصحيح في مدحهم وذكر أوصافهم، فهم أهل طوبى، وهم الذين ينازعون قبائلهم على دين الله، وهم الذين يكثرون من الخير إذا أقل الناس منه، وهم الذين يعاديهم ويناوئهم ويخذلهم الخلق حتى أقرب الناس إليهم، وقد وقع ذلك لكثير من المجددين في تاريخ الإسلام الطويل، ومن أولئك الإمام الأوحد، والعلم المفرد، مجدد القرن الثاني عشر الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - الذي قام بتجديد ما اندرس من دين الله في جزيرة العرب حتى ناوأه القريب قبل البعيد، ورماه خصومه الفكريين والسياسيين عن قوس واحدة إما حسداً وكبراً، وإما زيغاً وإمعاناً في الباطل، وكالوا له التهم التي لم تنسب إلى أكابر الطغاة وصناديد الكفر فضلاً عمن دونهم، وهو في ذلك كله صابر محتسب، متأسٍ, بالأنبياء في الدعوة إلى الله والصبر على الأذى، مستيقناً بما هداه الله إليه من الحق الذي اختلفوا فيه وضلوا عنه.
ولما أراد الله الخير للناس في هذه الجزيرة على وجه الخصوص ولمن انتفع بدعوته في خارجها ثبّت الله الشيخ وقوّى عزمه وهيأ له رجالاً صادقين أولي بأس شديد شاركوه في حمل الدعوة وتبليغها إلى الآفاق، وهم: الإمام المجاهد محمد بن سعود، وأولاده من بعده وأعوانهم من أهل نجد وممن أحبهم وقبِل دعوتهم من أهل الحجاز والجنوب وغيرهم...
وكما أن تاريخ هذه الدعوة ثروة وشرف للآباء، فهو أيضاً مجد للأحفاد والأتباع، ولذا فمن أوجب الواجبات المحافظة على أصول تلك الدعوة، ومبادئها وتحرير العقول من الأوهام، ومقارعة المخالفين لها، ورد سهام الطاعنين والمشككين الذين لا يألون جهداً في كل زمان في صد الناس عنها والكذب عليها وتنفير الناس منها ولمز أتباعها.
كما أنه من الضروري في هذا المضمار السعي الحثيث لنشر تراث أئمتها لا أقول طباعة فحسب فإن ذلك قد حصل منه خير كثير - بحمد الله-، ولكن جدّت أساليب كثيرة للنشر ينبغي الاستفادة منها لنشر دعوة الشيخ في الآفاق منها:
1- إفراد الرسائل المختصرة والنبذ المفيدة على هيئة مطويات ونشرات.
2- تسجيل الرسائل والكتب على أشرطة (كاسيت وسي دي) بطريقة الإصدارات مع المؤثرات الصوتية الجذابة يذكر في أولها ترجمة للمؤلف.
3- عمل المسابقات الشرعية في حفظ المتون من مؤلفات الشيخ المجدد وغيره من أئمة الدعوة وتكثيف ذلك.
4- أن تتبنى وزارة الشؤون الإسلامية أو غيرها من المؤسسات الدعوية إحداث موقع على شبكة الإنترنت باسم الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ينشر فيه جميع تراث الشيخ وتلاميذه وكل من سار على طريقته في البلدان الأخرى ممن جعل همه نشر التوحيد الخالص، وكذا نشر كل ما كتب عن الشيخ وأئمة الدعوة من تراجم وبحوث ورسائل علمية، وكذلك ما كتب في تاريخ الدعوة من مؤلفات، وما كتب من ردود على الشبهات والطعون التي وجهت للشيخ ودعوته، وأن يصنف ذلك كله ويبوب ويرتب ترتيباً يسهّل الوصول إلى المعلومة المطلوبة.
5- أن تتبنى إذاعة القرآن الكريم تخصيص برنامج للقراءة في مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، على غرار قراءة الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - لفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -.
6- أن ينبري الشباب النشيطون المتحمسون لهذه الدعوة للدخول في الحوارات عبر ساحات الحوار في شبكة الإنترنت لرد شبهات الطاعنين على الدعوة، وتجلية الحقائق لدى من التبس عليه الأمر، والإحالة على المصادر الموثقة في هذا الموضوع، كل ذلك مع التزام أدب الحوار الإسلامي الذي يشعر الخصم بالحرص على تعريفه بالحق للحق دون تعصب لشخص أو عنصر...
7- أن ينشط طلاب العلم في تدريس وإقراء مؤلفات الشيخ وتلاميذه في المساجد والمدارس وأنشطة حلقات تحفيظ القرآن الكريم والمراكز الصيفية وغيرها من دور العلم والتربية، بل حتى في دوريات الأحياء السكنية في البيوت والاستراحات ونحوها.
8- أن ينشط أصحاب الأقلام من الصحفيين الإسلاميين وطلاب العلم في عرض موجز لرسائل الشيخ وأئمة الدعوة في الصحف والمجلات المحلية والعالمية.
9- أن تفرد الرسائل المختصرة من مؤلفات الشيخ وتلاميذه بالطباعة الفاخرة ليسهل اقتناؤها وحفظها، وتحقق تحقيقاً جيداً، وتخرج أحاديثها وآثارها، وذلك ييسر ويعين على حفظها واعتمادها في مقررات الدروس والدورات العلمية، وقد لاحظ الجميع عناية الناس بالقواعد الأربع والأصول الثلاثة وكشف الشبهات ونواقض الإسلام وكتاب التوحيد حفظاً وتدريساً لأجل العناية بإفرادها وحسن طباعتها وفوق ذلك مضمونها.
ولا ينبغي التخفي والتورية في اسم المؤلف، فهذا هو الحق الذي نعتقده لا نحابي فيه أحداً، ولا نستحي من الانتساب إليه، ونحن في زمن كل صار يجاهر بمذهبه وينافح عنه، فهلاّ جاهرنا بالمذهب الحق الذي ندين الله به.
10- إبراز الصور المشرفة والجوانب المضيئة في حياة أئمة الدعوة، سواءً ما يتعلق بالجانب الدعوي أو الجهادي أو التعبدي، ويكون ذلك بطرق متعددة منها:
- الجمع والتأليف واستنباط الدروس والعبر.
- النشر في المجلات والصحف.
- عن طريق المحاضرات والدورات العلمية في سير العلماء.
- جمع أخبارهم من أفواه كبار السن والمهتمين بالتاريخ، وتحديث الناس بها في المجالس ليرتبط ناشئة الأمة بهذا التاريخ المجيد فيتصل اللاحق بالسابق.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد