الدعاة والمال أربعة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

معلوم أن عصب الحياة هو المال وبه تتحقق كثير من الآمال والطموحات لجميع الناس وللدعاة خصوصاً، وما ذاك إلا لكثرة آمالهم وطموحاتهم، فالدعوة التي تمتلك مالاً دعوة قوية ومؤثرة في محيطها، بل قد تكون في بعض المجالات تملك زمام التأثير والإصلاح عموماً.

 

ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا *** وأقبح الكفر والإفلاس في الرجل

وهي وصية السلف والصحابة ومن بعدهم على اكتساب المال والاتجار فيه، فهذا أبو حنيفة - رحمه الله -على الجميع - يتاجر في شركة مضاربة مع بعض رفاقه، وغيره الكثير الكثير، وليس هذا مجال ذكرهم، فقد انطلق اليوم بعض من دعاة الإسلام في مجال التجارة وحازوا مالاً وخبرة وتربيةً أثناء تجارتهم وهم قد انقسموا في أعمالهم المالية إلى عدة أقسام:

 

فأول هذه الأقسام هم: الذين حصلوا على المال وفتنوا به

فغرتهم الدنيا وسحرهم بريق الذهب والفضة وشُغلوا عن أمور الدعوة والدين بالفانية بل زاد بعضهم سواءً أن قلّ صدقه ورق دينه.

 

وثانيها: هم الذين تحمسوا لمّا سمعوا عن أهمية التجارة للدعاة فدخلوا عن طريق عجلة وسوء تخطيط وقلة خبرة، بل إن بعض الدعاة لما دخل التجارة لم يكن يفكر إلا في تقسيم الأرباح، وكيف يتعامل معها، فكانت حصيلتهم الديون وقلة ذات اليد بعد أن كانوا متوسطي الحال وأيضاً تسلل الهم والحزن إلى نفوسهم وهذا النوع من الدعاة - للأسف - رقم غير قليل.

ولقد أثرت هذه الديون على عملهم الدعوي فأصبح أحدهم مشغولاً بهمّ سداد الدين، والآخر يبحث عن عمل إضافي لكي يحسّن وضعه المعيشي ولو كان على حساب وقت الدعوة، والثالث قد حمّل إخوانه في الله مسؤولية هذه الخسارة فقطعهم بعد صلة، وأغتابهم بعد ذبه عن أعراضهم، وقد يكونوا فعلاً سبباً للخسارة.

لكن هذه الخسارة ليست مسوغاً ومبرراً لما فعل وهذا النوع من الدعاة الذين قد تحملوا الديون قد قلّ إنتاجهم وعملهم الدعوي.. وأعرف داعية قد وهبه الله جرأة وجسارة، وقد تحمّس للتجارة تحمساً مفرطاً، فاشترى أربع سيارات بالتقسيط ولكنه خسر فاهتمّ وأغتمّ، وقلّت ذات يده، حتى أنه في ذات مرة استدان من حارس العمارة لكي يأتي بعشاء لضيوفه، وما تظن هذا العشاء؟ إنه لا يتجاوز بضع ريالات لم يكن يمتلكها، وقد شغل عن دعوته وقتاً طويلاً حتى منّ الله عليه بسداد دينه وقد كانت تجربة ثمنها انشغال داعية عن دعوته بضع سنين.

 

وثالث هذه الأقسام: هم الذين قد فتح الله عليهم بالمال وبقاء الدين وهم إما دعاة من عائلة تجارة وضرب في الأسواق فهم\"من أهل مكة وهم أدرى بشعابها\"، وقد كفوا إخوانهم النصح لهم، وإما هم من دخلوا بعد دراسات ومشورات ودخلوا بما يطيقون تحمله إذا خسروا، ودخلوا بعد سن الرشد والتجربة، فقد تجاوزوا الثلاثين بل قاربوا الخمس والثلاثين، ودخلوا أيضاً جماعة تعاونوا في المال والجهد والعلاقات والأوقات، ولم يتعاونوا في الإدارة، نعم لم يتعاونوا في الإدارة، وصفات هؤلاء هي النصح الذي يقدم للدعاة عند دخولهم إلى التجارة وكل صفة إذا أخذها الداعية بحقهاº فإنه يحصل على خير وفير وبركة عميمة بإذن الله.

 

ورابع هذه الأقسام: هم الذين أعرضوا عن التجارة خشية الفتنة أو الخسارة وقد شابت لحاهم في الإسلام، وليس لهم مصدر دخل غير الأعمال الوظيفية، وهذا الصنف على خير ولكنهم ليسوا هم القدوة في هذا المجال، والأسوة بغيرهم من الناجحين في هذا المجال أنفع. والله أعلم.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply