بسم الله الرحمن الرحيم
القرآن الكريم أكثر ما يدخل الناس في الإسلام قال - جل وعلا -: (إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين. وأن أتلوا القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين. وقل الحمد لله سيركم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون).
وقال - سبحانه -: (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم).
وقال - تعالى -: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم).
وفي جزء من مقال للشيخ الأستاذ الدكتور / جعفر شيخ إدريس - حفظه الله - العدد 168 من مجلة البيان بعنوان: (لا تحسبوه شرا لكم) - حول انتشار الإسلام بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر -.
قال فيه الشيخ: \".. وهذا يقودني إلى موضوع تحدثت عنه في مناسبات كثيرة خاصة وعامة، وكنت أنوي جعله موضوع مقالي لمجلة البيان هذا الشهر. وها قد شاء الله - تعالى - أن يجعل هذه الحوادث أحسن مناسبة لذلك الحديث. كنت أريد أن أوجه للمحسنين من المسلمين رجاءً ملحاً أن يبذلوا أموالهم بسخاء لتوفير الآلاف المؤلفة، إن لم تكن الملايين من ترجمة كتاب الله الكريم إلى اللغة الإنجليزية. والسبب في ذلك أننا وجدنا بالتجربة، ووجد بعض إخواننا بالدراسة العلمية أن أكثر مـا يُدخِل الناس في دين الله هــو قراءتهـم لترجمة هـذا الكــتاب العزيــز. ولو رحت أحدثكم عمَّا سمعت أنا وحدي عن مشاعر الرضى والطمأنينة واليقين لبعـض مـن هداهـم اللـه - تعالى - بالاطلاع على ترجمة تنزيل رب العالمين لطال الحديث. لكنني سأكتفي ببعض ذلك عسى أن تكون فيه لنا ذكرى، وزيادة إيمان ويقين.
فهذا شاب هو الآن في صحبتنا يحدثنا أنه قرأ كتاباً لمؤلف غير مسلم عن الأديان في العالم، وكان مما كتبه عن الإسلام ترجمة لسورة الفاتحة. يقول الشاب إنني كثيراً ما كنت أتأثر تأثراً فكرياً ببعض ما أقرأ، لكنني حين قرأت ترجمة هذه السورة شعرت بالتأثير في قلبي. ذهب الشاب يبحث عن المسلمين، فأسلم ثم انتقل من بلده إلى واشنطن ليلتحق بمعهد العلوم العربية والإسلامية ليدرس اللغة العربية، وليتعلم دينه.
ومن قبله فتاة قالت: إنها لأبوين لا اهتمام لهما بالدين، لكنها عثرت في بيتها على كتاب ديني قديم أثار اهتمامها فبدأت تبحث عن الأديان، فكان مما قرأته شيئاً عن الإسلام. قالت ـ وهي تسكن في مدينة نائية أشبه بالقرية ـ إنها صحبت بعض زميلاتها في الذهاب إلى سوق خارج القرية، لم تصحبهن إلا لتبحث عن ترجمة للقرآن الكريم. عثرت على طلبتها، ثم بدأت تقرأ. تقول الفتاة إنها لم تتجاوز الآية الثانية من سورة البقرة {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين} [البقرة: 2] حتى وضعت المصحف المترجم، وشهدت بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. ثم ذهبت تسأل عن المسلمين. ثم جاءت لواشنطن لإكمال دراستها بجامعة جورج واشنطن وهي محجبة حجاباً كاملاً.
ومن قبلها شاب لأبوين كاثوليكيين كان يدرس الثانوية بمدرسة كاثوليكية، وكان مع ذلك يشهد دروساً دينية خاصة. لكن عقله لم يقبل أبداً القول بأن لله ولداًº لذلك قرر أن يبحث عن دين آخر. فكَّر في اليهودية لكنه لم يقتنع بها. ثم دخل الجامعة، وكان مما درسه مقرر في التاريخ شمل الشرق الأوسط، وكان من ضمن ما ذكر لهم المحاضر من المراجع القرآن الكريم. يقول إنه لم يكن قبل ذلك يظن أن هنالك ديناً يزعم أنه سماوي إلا اليهودية والنصرانيـــة! ولم يكـــن يعــرف شيئاً عـن الإسلام ألبتةº لكنه حينما بـدأ يقـرأ في الترجمــة اهتـدى.
إن هذا الكتاب هو حقاً كلام الله - تعالى - يميل كل قلب مهتدٍ, إلى ما يناسب حاله منه. فما علينا نحن إلا أن نوفره لهم ليتناولوا منه ما يشتهون فيهتدون. لقد وجدنا بالتجربة مصداق قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «كل مولود يولد على الفطرة» (1)، فما من أمة إلا وفيها من لا يزال قلبه ينبض بهذه الفطرةº ولولا ذلك لما تحركت قلوبهم عند استقبالها للحق. إن نور الفطرة الداخلي هو الذي يستجيب لنور الوحي الخارجي {نور على نور) [النور: 35].
فالذي أقترحه:
* طباعة الترجمة مجردة عن الأصل القرآنيº وذلك لسببين أولهما: أن المدعوين لا يقرؤون العربية. ثم إننا لا ندري ماذا سيفعلون به إذا ما وزعناه على نطاق واسعº فقد يرميه بعضهم في أماكن غير مناسبة، وقد يقرؤه بعضهم في دورة المياه كما هي عادتهم.
* أن تكون الغالبية العظمى منها طبعات شعبية ذات غلاف ورقيº لكي تقل تكلفتها ويسهل حملها وتوزيعها.
* أن توزع بكميات كبيرة على كل المساجد والمراكز بالولايات المتحدة، بل وعلى أكبر عدد من الأفراد المعروفين باهتمامهم بالدعوة.
كل هذا عمل يمكن أن يقوم به أفراد من المحسنين من غير تنسيق بينهم. لكن الوضع الأمثل أن تكون لهذا الغرض مؤسسة ـ حبذا لو كانت بالولايات المتحدة نفسها ـ تتولى هي طبع هذه المصاحف بأحجام وجَودات مختلفة، كما تتولى هي توزيعها على سائر المؤسسات الإسلامية وغير الإسلامية. وحبذا لو استطاعت المؤسسة أن توفر عدداً من المؤهلين للإجابة عن أسئلة من يطلعون على الترجمة ويرغبون في مزيد تفسير وتوضيح.
لكن هذه ليست دعوة لأن تحل هذه المؤسسة محل مجمع الملك فهد لطباعة القرآن، وإنما هي إضافة وتعضيد لها حتى لا يفوت عامة الناس فضل المشاركة في هذا العمل العظيم الذي تقوم به الحكومة السعودية جزاها الله كل خير. إن المجمع مهتم أساساً بطباعة المصحف الشريف نفسه، وهو عمل عظيم قد سدَّ وما يزال يسدٌّ حاجة ماسة في البلاد الإسلامية ولا سيما الفقيرة منها. ثم هو مهتم بترجمة الكتاب العزيز إلى كل اللغات. أما الذي ندعو إليه فمؤسسة مختصة بالترجمة الإنجليزية.
أيها الإخوة المحسنون! إن هذا والله لعمل مبارك، وإن الثواب عليه والله لعظيم. كيف لا وقد تكون كل نسخة من ترجمة تنفق عليها سبباً في هداية إنسان إلى الإسلام. ووالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم، كما أخبرنا الصادق المصدوق. وإذا كان خيراً لك من حمر النعم فهو خير لك من كل ما تملك من مال إلا مالاً تنفقه في سبيل الله. فالبدار البدار ما دامت أبواب الدعوة إلى الإسلام قد فتحت الآن على مصاريعها. والله الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد\".
ـــــــــــــــــــــ
(1) مسند أحمد، 23412.
(1) أخرجه البخاري، رقم 3701، مسلم، رقم 2406.
(1) أخرجه البخاري، رقم 1385، ومسلم، رقم 2658.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد