بسم الله الرحمن الرحيم
مما يمتاز به ديننا الإسلامي عن سائر المبادئ والأديان في الدنيا كلها..أنه دين أنزله الله - عز وجل - للناس كافة ولا يمكن أن يستثنى من تبعة هذا الدين مخلوق من المخلوقات البشرية على الإطلاق\"فالكل مكلفون به تكليفاً سماوياً لا محيد عنه بحال من الأحوال.
ولذلك نجد أن الله - عز وجل - عندما كلف رسولنا الأعظم - صلى الله عليه وسلم - بهذا الدين وهذه الرسالة وحملة تبعة هذه الدعوة طلب منه أن يبلغ هذه الدعوة للناس كافة مخاطبا له قائلاً (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً).
ثم حمل الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا الدين العظيم وراح يدعو الناس إليه على مختلف أجناسهم ومشاربهم ولم تكن دعوته محصورةً في قومه فحسب..بل انطلق يبلغها لكل الناس قائلاً لهم (يا أيها الناس إني رسول إليكم جميعاً).
وتعلمون أيها الأخوة أن الله - عز وجل - عندما حمل الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - مسؤولية الدعوة أمرهم أن يبلغوها إلى أقوامهم.. فكان كل نبي من الأنبياء يمارس دعوته في قومه وكثيراً ما نقرأ هذا في القرآن الكريم: (وإلى عاد أخاهم هودا).. (وإلى ثمود أخاهم صالحاً).
وسيدنا نوح أرسل إلى قومه وكذلك سيدنا موسى وسيدنا عيسى كان يقول: إنما بعثت إلى الخراف الضالة من بني إسرائيل.
فما رأينا نبياً يبلغ دعوته خارج نطاق قومه.. كما بلغها رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - ولذالك كان الحبيب الأعظم - صلى الله عليه وسلم - يقول (كل نبي بعث إلى قومه وإنما بعثت إلى الأحمر والأسود).
وهذه ميزة ميز الله - عز وجل - بها سيدنا محمد على سائر الأنبياء وميزة ميز الله بها ديننا على سائر الأديان والدعوات.
وبعد أن عرفنا الميزة التي ميز الله هذه الدعوة وعرفنا أنها دعوة عالمية لا تنحصر في إقليم أو قوم أو شعب بعد أن عرفنا هذا فإنني أحب أن أقول:إن ديناً طالب الله - عز وجل - به الأجيال إلى قيام الساعة وأمرهم بحمل لواءه.
وإن ديناً ارتضاه الله للناس كافة وقال لهم (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا.).
إن ديناً كهذا هل يعقل أن يترك بعد انتقال نبيه إلى الرفيق الأعلى وهل يعقا أن يزهد فيه أـباعه ويتركوه وراء ظهورهم.
بما أن هذا الدين للناس كافة فلا بد أن يصل إلى كل إنسان يوجد على وجه الأرض وإلى قيام الساعة.
ومن هنا يأتي التكليف لنا بتبليغ هذا الدين إلى الناس جميعاً ولذلك خاطبنا الله - عز وجل – بقوله: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله). وقال لنا أيضاً: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.وأولئك هم المفلحون).
فإن أردت يا أخي أن تكون في زمرة المفلحين وأن تلتحق بأهل الفلاح في الدنيا والآخرة ففلاحك مرتبط بالدعوة إلى الله - عز وجل -.
ومن لم يقم بواجب الدعوة إلى هذا الدين ولو كان مسلماً ولو كان مؤمناً ولو كان مصلياً ولو كان يقوم بشعائر الإسلام قاطبة إن لم يقم بمهمة الدعوة إلى الله ففلاحه فيه نظر. ولقد طلب الله - عز وجل - من نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يبلغ هذا المعنى واضحاً صريحاً إلى أمته وإلى من يأتي من الناس حتى تقوم الساعة فقال - سبحانه - للرسول الأعظم: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني).
فكل متبع للنبي - صلى الله عليه وسلم - وكل من أراد أن يدلل على صدقه في الاتباع لهذا النبي الكريم إنما هو مطالب بحمل لواء هذه الدعوة.
وإن لواء هذه الدعوة ينبغي أن يرفع قبل كل شئ بين صفوف المسلمين علينا أولاً أن نمارس واجب الدعوة إلى الله فيما بيننا..أن نسعى من خلال الدعوة إلى إقامة هذا الدين في بيوتنا في شوارعنا في أسواقنا ومحلاتنا في مدارسنا وجامعاتنا في قطعنا العسكرية وفي دوائرنا وفي كل أمكنتنا ثم ننتقل بعد ذلك إلى دعوة الناس جميعاً وإن لم نقم بواجب الدعوة فيما بيننا أولاً فلن نتمكن من دعوة الناس إلى هذا الدينº لأن فاقد الشيء لا يعطيه كيف سندعو الناس لهذا الدين ونحن نبتعد كل البعد عن تعاليم هذا الدين وتوجيهاته نحن مكلفون أيها الأخوة برفع لواء الدعوة في صفوف المسلمين ثم بتبليغ الدعوة إلى الناس نحن مكلفون من قبل الله - عز وجل - وسنسأل عن هذا التكليف يوم القيامة نحن مكلفون ولا أقصد بكلمة نحن خطباء المنابر فحسب ولا علماء الدين والشريعة ولا المشايخ الذين يرتدون العمائم ويطلقون اللحى وإنما أقصد بكلمة نحن كل مسلم يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله.
فلو أنك سمعت حديثاً من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم تفهم كل معانيه ولم تحط به من كل جوانبه فأنت أنت أنت ولو لم تكن عالماً ولو لم تكن ضليعا بعلوم الفقه والدين حتى ولو كنت أميا لا تقرأ ولا تكتب لمجرد سماعك لحديث من أحاديث رسول الله فأنت مسؤول عن تبليغه للناس كما سمعته.
وهذا ما أعلنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أعظم اجتماع حصل في زمنه عندما اجتمع حوله مئة ألف شخص في حجة الوداع وألقى عليهم خطبة الوداع ثم قال في آخر كلامه ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب وكان يقول - عليه الصلاة والسلام - (بلغوا عني ولو آية). ولقد دعا النبي الأعظم - صلى الله عليه وسلم - لكل من قام بواجب الدعوة إلى دين الله ورفع لواء الدعوة عالياً والنبي بلا شك هو صاحب الدعاء المبارك المستجاب فقال - صلى الله عليه وسلم -: \"نضر الله امرأ سمع مقالتي فحفظها فوعاها فبلغها كما سمعها فرب حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه\".
النبي يدعو لمن يقوم بالدعوة بنضارة القلب يدعو أن ينور الله له وجهه وأن ينور الله له قلبه ودربه.
بل إن الذي يرفع لواء الدعوة ويقوم بدعوة إخوانه إلى كل خير.. إن مثل هذا الإنسان جعله الله - عز وجل - أحسن الناس وأعطاه الله شهادة حسن سلوك فقد قال - سبحانه وتعالى -: (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين). فهذه شهادة حسن سلوك من الله - تعالى - لمن يقوم بأعباء الدعوة.
أيها الإخوة بعد أن سمعنا هذا كله علينا جميعاً أن نعاهد ربنا - عز وجل - بالتمسك بهذا الدين والدعوة إليه في كل مجلس نجلس فيه علينا أن نستمر بكل ثبات على دعوتنا هذه، كما ثبت الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - يا إخوتي إن اليهود يدعمون دعوتهم بكل ما يملكون من علم وفكر ومال وسلاح وقوه كلهم الكبار والصغار الأغنياء والفقراء يدعمون الصهيونية ويدعون إليها.
والنصارى على اختلاف مذاهبهم تراهم يدعمون حملات التنصير ويمدونها بكل شئ ويقولون أنها حملات تبشير ولا أدري بأي شئ يبشرون إلا أنهم يعملون على دعم دعوتهم.
فنحن أولى بأن نستيقظ وأن نعمل كل في مجاله على الدعوة إلى هذا الدين الحنيف وألا نتخلى عن دعوتنا التي كلفنا الله - عز وجل - بها مهما بلغ الأمر ومهما حاربنا الناس وحفروا لنا وعلى كل واحد منا أن يعاهد الله - عز وجل - أنه لو وضع المنشار في رأسه فنشر قسمين لن يتخلى عن رفع لواء الدعوة.
فأعداء الله اليوم من يهود ونصارى ومن خائنين ومنافقين وظالمين يحاربون دين الله بشتى الوسائل ويحاربون دعوة الإسلام ويطلقون عليها بأنها دعوة إرهابية ويطلبون منا أن نحذف آيات الجهاد من مناهجنا التعليمية ومن القرآن الكريم هذا ما طلبته أمريكا لعنها الله.
يريدون منا أن ندعو إلى غير الصراط المستقيم..
فعلينا أن نثبت على دعوتنا مهما كلفنا الأمر وإنني أعاهد الله وعليكم جميعاً أن تعاهدوه على الثبات على هذه الدعوةº لأنهم يريدون منا أن نرى المنكر ونسكت عنه.. يريدون منا أن نكتم الحق ولا ننطق به وأن نكلم الناس بكلام لا يفهم وندعوهم إلى أمور غامضة كما يفعل من يدعون الفكر والتقدم اليوم ليعيش الناس في جهل مطبق يريدون منا أن نخاطب الناس بأمور هلامية رجراجة لا مضمون لها كما تقول أمريكا بأنها تحارب الإرهاب ولكن لا توضح للناس ما هو الإرهاب وكلمة أعجبتني لرئيس أحد البلدان قال فيها حددوا لنا مفهوم الإرهاب أولا ثم حاسبوا الناس عليه أما أن يبقى الكلام غير مفهوم كما تفعل الإذاعات والصحف والمجلات فإنك تجلس أما برنامج تلفزيوني ساعة كاملة ولا تفهم ما الذي يريده المتكلمون في هذا البرنامج..
وتقرأ الصحيفة كل يوم فلا تجد فيها إلا الحشو والكلام الفارغ..
هل بئس لا إنما
من إلى في ربما
قد عسى من كلما
هكذا قل الخطبة سلمك الله لتبقى سالما
هكذا لن تشهق الأرض ولن تهوي السما
هكذا لن تصبح الأوراق أكفانا ولا الحبر دما
هكذا وضح معانيك
دواليك دواليك
لكي تعطيك أمريكا الهنا
عصري يا أيها الأرمد ترعاك السما
أصبح الظالم هو الكحال
فأبشر بالعمى
أقول هذا القول وأستغفر الله.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد