هكذا علمنا السلف ( 48 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الباب الرابع: مصاحبة الأخيار وقبول نصحهم:

قال الحسن البصري: «لم يبق من العيش إلا ثلاث: أخ لك تصيب من عشرته خيراً، فإن زغت عن الطريق قومك، وكفاف من عيش ليس لأحد عليك فيه تبعة، وصلاة في جمع تُكفى سهوها، وتستوجب أجرها»(1).

 

حب الأخيار أوثق وأحب عمل عنده:

عن مسلم بن يسار قال: «مرضت مرضاً، فلم أجد شيئاً أوثق في نفسي من قوم كنت أحبهم لا أحبهم إلا لله - عز وجل -»(2).

 

منـزلة الحب في الله:

عن مسلم بن يسار قال: «ما من شيء من عملي إلا وأنا أخاف أن يكون قد دخله شيء أفسده إلا الحب في الله - عز وجل -»(3).

 

قال الحسن البصري عن المؤمن: «هو مرآة، إن رأى منه ما لا يعجبه: سدده وقومه ووجهه، وحاطه في السر والعلانية»(4).

 

فالعين تنظر منها ما دنا ونأى *** ولا ترى نفسها إلا بمرآة

 

قال عمر بن عبد العزيز: «من وصل أخاه بنصيحة له في دينه، ونظر له في صلاح دنياه، فقد أحسن صلته، وأدى واجب حقه»(5).

 

قال الشافعي - رحمه الله -: «ما نصحت أحداً فقبل مني إلا هبته واعتقدت مودته، ولا رد أحد علي النصح إلا سقط من عيني ورفضته».

 

وقد وصف الله أهل الزيغ بأنهم لا يرغبون في النصح ولا يحبون أهله قال – تعالى -: {وَلَكِن لا تُحِبٌّونَ النَّاصِحِينَ}.

 

أهمية مجالس الصالحين:

عن محمد بن واسع قال: «ما بقي في الدنيا شيء ألذ به إلا الصلاة جماعة ولُقى الإخوان»(6).

 

الإنفاق على الأخيار:

كان مورق العجلي يتجر فيصيب المال، فلا يأتي عليه جمعة وعنده منها شيء، كان يلقى الأخ فيعطيه أربعمائة، خمسمائة، ثلاثمائة، فيقول: ضعها لنا عندك حتى نحتاج إليها، ثم يلقاه بعد فيقول: شأنك بها، ويقول الآخر: لا حاجة فيها، فيقول: أما والله ما نحن بآخذيها أبداً فشأنك بها»(7).

 

دوام الألفة بزوال الكلفة:

كان للحسن بيت إذا فتح بابه فهو إذنه، فمن جاءه من أصحابه فرأى الباب مفتوحاً دخل، فجاء رجل فرأى الباب مفتوحاً فدخل فنظر فلم ير الحسن في البيت، قال: فنظر إلى سل تحت سريره فجره إليه فإذا فيه طعام فأقبل يأكل منه، قال: وأقبل الحسن من مخرج له، فلما رأى ما يصنع الرجل قام ينظر إليه، ثم جعلت عينه تدمع وجعل يبكي، فقال له الرجل: ما يبكيك يا أبا سعيد؟ قال: ذكرتني أخلاق قوم مضوا(8).

 

التأخر في زيارة الأصحاب لا تفسد الوداد:

عن جعفر قال: سمعت مالكاً يقول: «كم من رجل يحب أن يلقى أخاه وأن يزوره، فيمنعه من ذلك الشغل أو الأمر يعرض، عسى الله أن يجمع بينهما في دار لا فراق فيها، ثم يقول مالك: وأنا أسأل الله أن يجمع بيننا وبينكم في ظل طوبى ومستراح العابدين»(9).

 

من لا تستفيد منه خيراً فانبذ صحبته:

عن جعفر قال: سمعت مالكاً يقول للمغيرة بن حبيب: «يا مغيرة انظر كل جليس وصاحب لا تستفيد في دينك منه خيراً فانبذ عنك صحبته»(10).

 

الباب الخامس: اتخاذ مراقب ومحص من الناصحين:

قال عمر بن عبد العزيز لمولاه مزاحم: «إن الولاة جعلوا العيون على العوام، وأنا أجعلك عيني على نفسي، فإن سمعت مني كلمة تربأ بي عنها، أو فعلاً لا تحبه، فعظني عنده، وانهني عنه»(11).

 

قال بلال بن سعد لصاحبه: «بلغني أن المؤمن مرآة أخيه، فهل تستريب من أمري شيئاً؟»(12).

 

قال ميمون بن مهران: «قولوا لي ما أكره في وجهي، لأن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره».

 

------------------------------------------------------------------

(1) تاريخ بغداد 6/99.

(2) كتاب الزهد للإمام أحمد 354.

(3) كتاب الزهد للإمام أحمد 356.

(4) زهد ابن المبارك 232.

(5) تاريخ الطبري 6/572.

(6) كتاب الزهد للإمام أحمد 440.

(7) كتاب الزهد للإمام أحمد 440.

(8) كتاب الزهد للإمام أحمد 339.

(9) كتاب الزهد للإمام أحمد 448.

(10) كتاب الزهد للإمام أحمد 449.

(11) عيون الأخبار لابن قتيبة 2/18.

(12) زهد ابن المبارك 485.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply