هكذا علمنا السلف (36 _ 37 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 السهم الثالث مدح النفس والثناء عليها:

 من مدح نفسه سقط من عيون الناس، هذه قاعدة مطردة لا تكاد تنخرم أبداً، والحقيقة أن مدح النفس والثناء عليها وإطراءها إذا لم يكن دافعه مصلحة راجحة أو نشر خير أو دفاع عن تهمة، فإنه يصب في قالب الغرور وضعف العقل...

 

أما إن كان من باب التحدث بنعم الله الدينية والدنيوية فهذا مما يندب إليه، قال تعالى: {وأما بنعمة ربك فحدث}، ونقل التجارب والخبرات قد تتطلب ذكر النفس، وهذا مدح لها بما يذكر من أعماله، لكن إن كان الإنسان مما يتطلع إلى الثناء ويخشى من العجب فليمسكº فمصلحة النفس أولى من إصلاح الآخرين.

 

قيل لرباح القيسي: «ما الذي يفسد على العمال أعمالهم؟ فقال: حمد النفس، ونسيان النعم»(1)

 

يعنى: أن الإنسان قد ينسى في خضم الحديث عن النفس وتجاربها وخبراتها، وما مر عليه من أحداث ومشاكل تغلب عليها، فنسى أن هذا من فضل الله وعونه وتوفيقه له، وأنه بمفرده لا يملك لنفسه شيئاً.

 

السهم الرابع: ذم الآخرين أو عملية الإسقاط من أجل الصعود:

قال الفضل بن عياض: «من علامة المنافق أن يفرح إذا سمع بعيب أحد من أقرانه»(2)

إذ أن مبعث عيب الناس وغيبته ومحبة ذكرهم بالنقائص ناتج من حب العلو والذكر والظهور والتفرد بالثناء، فإذا علم عن أحد فضيلة حاول كتمها وإن لم يستطع ذكره بعيب تسقط تلك الفضيلة، وكأنه يقول: أما أنا فلست كذلك.

 

لا يحبذون ذكر أخلاق السلف وسيرهم:

قال ذو النون المصري: «جعلوا قليل زلات السلف حجة أنفسهم، ودفنوا كثير مناقبهم»(3).

 

ولو لم يفعلوا ذلك لافتضحوا، كما يقول بعض السلف الصالح عن أنفسهم فكيف بغيرهم: قال عبد العزيز بن أبي رواد - رحمه الله -: «إذا ذكرت أحوال السلف بيننا: افتضحنا كلنا»(4).

 

وقد يقول عن السلف أولئك أناس عاشوا في غير زماننا، ولم يشاهدوا ما شاهدناه ولم يروا ما رأيناه، ومن نحن حتى نستطيع أن نكون مثلهم، أو إذا سمع بعبادتهم قال: هذا غلو أو تصوف، وما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابتهم كذلك.. ويحاول أن يترسم كل ضعف وتقصير وينقر عن ذلك في الكتب والروايات وإن لم يكن لها أصل، أو يغفل أسبابها إن كان لها سبب.

 

 

--------------------------------------------

(1) العوائق لمحمد الراشد/52.

(2) العوائق لمحمد الراشد/53.

(3) الغنية لعبد القادر الكيلاني2/184. (العوائق لمحمد الراشد/224).

(4) العوائق لمحمد الراشد/48.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply