بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى:
أما بعد:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله - تعالى -، وإنها وصية الله للأولين والآخرين ولقد وصينا الذين أتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله..الآية.
عباد الله: إنه ينبغي للمسلم أن يتعلم أحكام المساجد وآدابها ليعرف ما يؤتى فيها وما يترك، وما يوافق قدسيتها، وما يعد مناقضاً لمكانتها إن المسجد في الإسلام له مكانة رفيعة وقدسية وطهارة ونظافة يعتاده المؤمن ويصلي فيه المصلي، ويعتكف فيه المعتكف، ويتعبد فيه المتعبد، ويتعلم فيه المتعلم، وتنشر فيه الصلة والمودة والرحمة، ويتعارف فيه أهل الحي فيتآلفون ويتعاونون ويتزاورون ويتراحمون، فهو المستشفى الروحي يدخل إليه المريض المذنب الجاني يتأوه من آلام لا يعبر عنها، يتنفس الصعداء حسرة وندامة على ما فرط في جنب الله - تعالى -، فيركع ركعات ويقرأ آيات أو يسمع كلمات طيبات، فتهدأ نفسه ويطمئن قلبه، ويجد برداً يتسلل إلى فؤاده فيخرج منشرح الصدر باسم الثغر يعلوه النور والوضاءة والرغبة في الخير والبراءة، فما يزال يعتاد المساجد حتى يصير الخير له عادة.
أما إمام المسجد فهو مدير المستشفى يلاطف هذا ويفتيه، ويعلم هذا، ويتفقد حال ذاك، وينصح المقصر، ويحث المجتهد ليزداد، هذه مسئوليته، أليس مدير المستشفى يتابع الموظفين ويراقب حالة المرضى، هكذا كان المسجد في الإسلام وهكذا ينبغي أن يكون دائماً مصدر نور ومصحة روحية تكون سبباً لصحة الأبدان والأفراد والمجتمع.
عباد الله - تعالى -: من أين يستمد المسجد هذه المكانة وتلك الخصال؟
أليست المساجد بيوت الله؟ أليس عمارها الخلصاء من عباد الله؟ قال الله - تعالى -: إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين، وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً، في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب.
الخطبة الثانية:
الحمد لله القائل: ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم، والصلاة والسلام على نبينا القائل: ((من بنى مسجداً لا يريد به رياءً ولا سمعة بنى الله له بيتاً في الجنة))، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
عباد الله: إن المرء المسلم الذي يؤمن بالله ويعظمه ويعظم شعائر الله - تعالى - ويتعلم ما يجب عليه، وماله وما عليه حتى يكون إيمانه عن علم ويقين وعمله مرضي صحيح.
وإن المرء المسلم الذي يؤمن بمحمد يبرهن على صدق إيمانه بإتباع ما جاء به هذا الرسول العظيم، وإن من أهم ذلك الارتباط بالمساجد تعميراً بالمال والأبدان، وتعلق القلوب بها تعبداً وتعلماً، إن من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: ((رجل قلبه معلق بالمساجد)) وجاء في سنن ابن ماجة: ((من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيراً أو ليعلم كان كالمجاهد في سبيل الله)) أو كما قال رسول الله.
عباد الله: علينا أن نقتدي بهدي محمد وصحابته وسلفنا الصالح في جعل المساجد مراكز لكل خير بعد حسن رعايتها تنظيفاً وتطييباً كما أنه علينا أن نسعى في إرجاع الآبقين على ربهم إليها، الذين جعلوا الملاهي والمقاهي مراكزاً لهم فهجروا المساجد، نرجعهم بالكلمة الطيبة ونحذرهم عاقبة صدودهم عن ذكر الله وعن الصلاة في الدنيا قبل الآخرة.
عباد الله:إن الحديث عن المساجد ومالنا فيها من خير، وما علينا نحوها من واجب يطول، لُنا فيما سمعنا إذا امتثلنا عظة وعبرة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد