عين نورس

2.8k
3 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

عين نورس هي عين ماء كانت في قرية من قرى شمال فلسطين تسمى نورس.

قرية نورس: هي قرية تقع في شمال مدينة جنين، و تبعد عنها ثمانية كيلو مترات تقريبا، حيث كانت تلك القرية تابعة لمدينة جنين قبل نكبة ثمان و أربعين.

قرية نورس كانت قبل الإحتلال قرية آمنة وادعة حباها الله بأرض خصبة، لأنها تقع على مجموعة من التلال و الشعاب، في نهاية جبل المزار من الناحية الشمالية، و من فضل الله على تلك القرية و أهلها، أن فجّر فيها عين ماء ثرة عذبة تنبع من أدنى مكان في الجبل، يتدفق ماؤها ليلا و نهارا و صيفا و شتاء، على شكل قناة تغمر القرية و أهلها بالبركات والعميم من الخيرات، التي يحتاج إليها الإنسان في حياته.

ما كان أطيب عيش أهل تلك القرية، و بقيت القرية على هذه الحال مغبوط أهلها من الصديق، ومحسود من العدو إلى أن وقعت النكبة بأهل القرية على أثر احتلالها من قبل العصابات اليهودية مع مجموعة من القرى و المدن القريبة منها، و شُرِّدَ مَن بقي من أهلها على قيد الحياة، في شتى بقاع الهجرة و الشتات. و قد استشهد جد الشاعر لأنه رفض مغادرة بيته في القرية، إذ لم يبقَ أحد في القرية غيره و كان عمره قد بلغ تسعين عاماً و لم يشفع ذلك له عند الأعداء الذين بادروه بالقتل و أعصابهم باردة.

بـعـيني عين نورسَ و الخوالي *** مـن الأيـام أو بـيـض الليالي

حـوالـيـهـا شـعابٌ مشرقاتٌ *** بـنـوَّار الـمـوارد و الـغلال ِ

و ربـعٌ مـؤنـسٌ و حمى حرام *** مـصون الجار في عرض و مال

لـو أن الأرض تـذكر فضل عين *** لـعـدَّت عين نورس في الأوالي

و نـورس جـنـة في أرض يُمنٍ, *** بـمـشـرفـةٍ, على وادي الثعالي

عـرفـتـك عين نورس نبع خيرٍ, *** و تـريـاقٍ, مـن الـنعمى مُسال ِ

وقـفـت على ربوعك و هي ريَّا *** زمـانـا هـل يـعود كما بدا لي

أمـتـع نـاظـريَ بطيب شِعبٍ, *** نـديٍّ, مـمـرع و جـنـا التلال

و أسـمع في المجاني صوت شادٍ, *** يـجـيـب الصوت تال بعد تال ِ

عـلـى أفـنـان جـنات ترامت *** جناها هل طعمت الشهد حال ِ

و مـن يُـسـقى بمائك ليس يظما *** فـأنـت لـزمـزم أدنـى مثال

و مـا يـضحى بنورس غير وانٍ, *** و مـا يـشقى بنورس غير قال ِ

و عـيـنٍ, مـلـتقى الوراد دهراً *** و مـنقلب العطاش و ذي الرحال

تـروح ظـبـاؤها أُصُلا و تغدو *** عـلـيـهـا بـكـرة رِيَّ القلال

و يـغـريـهـا ورود العين فجرا *** و قـد نـأت الـظباء عن المَحال

إذا ابـتـردت بـماء العين أبدت *** حـكـايـا الـغيد في ستر الليالي

وصـلـتُ بأرضها رحما و جارا *** رعـاك الله يـا زمـن الـوصال

أحـبـك دار أمـي حـب أمـي *** ديـارا ضـمـهـا وطن النضال

و مـالـي لا أهـيـم بـحب دار *** غـذتـنـي بـرَّها عذب النوال ِ

كـلانـا مـنـكـر مـا نال منها *** و مـنـي من بلى و هوان حال ِ

نـنـام عـلـى ادِّكار سنين مرت *** بـأحـلام تـراءى كـالـخـيال

فـأيـن الـيـوم نهر كان يحيي *** شـعـابـا بـالـعميم من الغلال ِ

و أيــن هـنـاك ورّاد و مـاء *** و دار أصـبـحـت تُـسقى بآل ِ

تـصـدّعَ ركـنـهـا من فقد آس *** إلامَ تـقـوم دارات خـوالِ

و صـوَّحَ عـودها عطشا وجوعا *** و فـاضـت عـينها عبر الرمال

كـأنـي مـا عـرفـت الدار يوما *** و قـد عـصـفت بها ريح الوبال

ولا أنـفـقـتُ شطرا من شبابي *** حـلا لـي فـيه من عيش حلال

فـهـل لـي غـفوة في ظل أيك *** بـلابـلـه تـغـني في الأعالي

وهـل لـي رشـفة من ماء عين *** شُـغـفـتُ بـها ولم تبرح خيالي

ويـطـربـنـي نداء الديك فجرا *** يـؤذن فـي الـمـلا عبر الليالي

وجـدي لـم يـغـادر دار عـز *** بـنـورس واسـتـخف بكل جال

أقـام عـلـى المدى فيها بحَزن ٍ, *** و قـد خـلـت الديار من الأهالي

ونـورس لـيس فيها من صريخ *** ولـم يـسـمـر بها غير السعالي

أصـر عـلـى الرباط بها وحيدا *** حـوالـيـه الـضواري لا يبالي

أمـنـتَ مـن الـسباع أبا خليل *** ولـم تـأمـن لـذي لـب ومال

ذوات الـنـاب تـفتك عند جوع *** وفـتـك ذوي الـعقول بلا عقال

إذا أطـعـمـتـها شبعت ونامت *** وبـعـض الـخلق لم يشبع بحال

وهـم قـتـلـوك واحترثوا ديارا *** لـشـعـب أفـقـدوه كـل غال

قـضـى جـدي بـبـلدته شهيدا *** و مـا حـمل السلاح بوجه صال ِ

وأثـر أن يـمـوت بـدار عـز *** فـلا عـيـش يطيب مع احتلال


أضف تعليق