حوار مع منافق

3.2k
3 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

(القصيدة التي ألقاها الشاعر في حفل الإفطار الذي أقامه الإخوان المسلمون بالقاهرة، مساء الأربعاء: 9من رمضان 1426، الموافق 12من أكتوبر 2005)

تقديم: كان زميل دراسة، وصاحبًا وصديقًا، وكنت آملاً في أن يكون في صف الحق والحقيقة، ولكني ـ وا أسفاه ـ رأيته يلقي بنفسه في أحضان النفاق، ـ عن قناعة واقتناع ـ حرصًا على الدنيا وزخرفها وبهارجها. فكان هذا الحوار:

لستُ أنساه...صاحبي وصديقي *** فـلـقـد كـان في مقامِ شقيقي

ثـم هـانـت عليه نفس تمادت *** فـرأى فـي النفاق خيرَ طريق

ومـشـى زاهـيًـا بوجه ذليلٍ, *** مـثـقلَ السمتِ بالهوان الطليق

قـلتُ \"بُـؤساك\" قال \"عفوًا فإني *** أشـتـهي العيش صافيًا ذا بريق

مـتـعٌ كـلـهـا الحياةُ، فدعني *** لـمـتـاعٍ, مـيـسـرٍ, معشوق

ولـمـاذا أعيش في الفقر عمري *** وأُقـضِِّـي الحياةَ في شر ضيق؟

أم تـريدون أن أكونَ من الإخـ *** وانِ أحـيـا في مصرَ كالمخنوق

لا تـقـل لـي \"كرامة\"º فالكراما *** تُ هُـراء، ما أنقذت من غريق

مـا روت ظامئًا، ولم تمحُ جوعًا *** أو تـخـفف عن بائس مسحوق

وغـدًا تـسـمَـعَـنَّ عني فإني *** سـوف أغدو ذا منصِبٍ, مرموق

قـلـت: يا ضيعةَ الرجالِ إذا عا *** شـوا بـعِـرضٍ, مُقَيَّحٍ, ممزوق

لا تـقل \"مسلمٌ\"º فمن باع طوعًا *** ديـنَه في هَوَى السقوطِ السحيق

لاعـقًـا نـعـلَ حـاكم مستبدٍّ, *** رغـبـةً... رهـبةً.. بلا تفريق

زاحـفًـا آثـمًـا بـغيرِ ضميرٍ, *** لـم يـكـن غـيرَ مارقٍ, زِنديق

عـزَّ من عاش في الحياة كريمًا *** وهـواه الأبِـيٌّ فـي الـتحليق

وحـد اللهَ، لـم تـعـد بصديقي *** فـطـريـقُ النفاقِ ليس طريقي

والـمـنـايـا ولا الدنايا نشيدي *** وصـلاتي في مغربي وشروقي

والـمـعاني الكبارُ والعزة القعـ *** سـاءُ أمـي ومـهجتي وشقيقي

والزلال القَراحُ لو شِيبَ بالضيـ *** ـم لـحـرَّمـتُـه يـبللُ ريقي

وحروقي ـ إن كان بلسمُها الذلَّ *** \"فـزيـدي تـقـرٌّحًا يا حروقي\"

ودمـي لـو يـهادنُ الظلمَ يومًا *** بـرِئـت مـنـه ذمتي وعروقي

وحـد اللهَ، إن طـعـمَ الـرزايا *** فـي مـذاقِ الأُباةِ طعمُ الرحيق

وإذا الـمـوت هلَّ بالعز أضحَى *** في عيونِ الإخوان نورَ الشروق

إنـهَـا عـزةُ الإلـهِ حـبـاها *** لـنـبـي الهدى الأبيِّ الصدُوق

فـعـززنـا بـهـا كـرامًا أباةً *** عـزةَ الـمـسلمِ الأصيلِ العريق

ثـم فـاضت منارةُ الحق بالنـ *** ـور وعـزمِ الـخليفةِ الصدِّيق

وانـطـوت رايـةُ العبودةِ تنعَى *** كـلَّ بـاغٍ, فـي هـواه غـريق

يـوم دُك الإيـوانُ إيوانُ كسرى *** بـجـيـوش الإيـمان والفاروق

واسـألَـن خـالدًا وسعدًا وعَمرًا *** هـازِمِي الفرسِ قاهرِي الإغريق

وعـلـى دربـهم مشينا حشودًا *** بـخـطَـى ثـابتٍ, وعزمٍ, وثيق

تـحـت رايـات أحـمدٍ, وهداهُ *** وسـنـا الـمسجد الحرام العتيق

وشـعـارِ الـسيفين بينهما القر *** آنُ نـورٌ لـلـنـصر والتوفيق

وحـد الله إن ديـنـي مـتـين *** وشـمـوخُ الأبـاةِ مالي وسوقي

بـيـنـما غاية الخسيس الدنايا *** مـن طـعـامٍ, ومنصبٍ, وعقيق

فـاعـذُرَنِّـي فسوف أبقى بريئًا *** مـن فـصيل التزوير والتزويق

واعـذرنـي فـلن أكون شريكًا *** فـي فـريـق الكئوس والإبريق

مغرِقًا في النفاق من أجلِ أن أحـ *** يـا حـيـاةَ الـتطبيلِ والتلفيق

بـيـن كـأسٍ, دوَّارةٍ, في انتشاءٍ, *** وصَـبـوحٍ, مـلـعونةٍ, وغَبوق

فَـاطـلِـقن البخورَ للوثنِ المو *** كـوسِ في قصره المَشِيد الأنيق

واسـجـدنَّ الـغـداةَ نذلا ذليلاً *** فـي زفـيـرٍ, مـسـبِّحٍ, وشهيق

ولـتَـدَعـنـا نعيشُ قرآنَ حقٍّ, *** يـمـلأ الـنفسَ بالضياءِ الدَّفوق

فـبِـهِ الـحـكمُ والعدالةُ أصلٌ *** والـمـساواةُ في اقتضاءِ الحقوق

والـجـهادُ المريرُ أمضَى سبيلٍ, *** لـلـمـعـالي وللسلامِ الحقيقي

فـي كـيـان مـوحَّـدٍ, مُتـنامٍ, *** كـبـنـاءٍ, عـلا بـغيرِ شُقوق

بـيـنـما الموتُ في سبيل إلهي *** هـو أُمـنـيَّـة الـتقيِّ المَشُوق

وحـيـاةُ الـشموخِ فرضٌ أكيدٌ *** وانـحـنـاءُ الـجباهِ شرٌّ فُسوق

إنـهـا شـرعـةُ الإله ارتضاها *** لـصـلاح الـعـبـادِ والتوفيق

إن تـقل: حسبنا قوانينُ صِيغت *** وبـهـا كـلٌّ نـافـعٍ, ودقـيق

قـلـتـ: شتانَ بين شدوٍ, رقيق *** ونـعـيـبٍ, مـذُمَّـمٍ, ونَـهـيق

أو ظـلالٍ, مـعطَّراتِ الحواشي *** وحَـرورٍ, مُـلَـهَّـبٍ, كـالحريق

أنت يا من غدوتَ في العين أقذا *** ءً وعـارًا وغُـصَّةً في الحلوق

وحـد الله واتـركـنَّ طـريقي *** فـمـن الـيـومِ لم تعد بصديقي

هـاكَ عـهـدي وموثقي ويقيني *** هـاتـفًا بالتٌّـقَى وطُهرٍ, صدوق

\" لـستُ من أحمدٍ, إذا هنتُ يومًا *** لا ولـسـتُ بـديـنـه بخليق

فـالـذي يـنـحـني لغير إلهي *** لـيس بالمسلم الأصيل الحقيقي\"

-----------------------------------------------------------------------------

القعساء: الرفيعة القوية. الزلال القراح: الماء الصافي. البلسم: الدواء. مذمم: كريه.

الصبوح والغبوق: خمر الصباح، وخمر المساء. قال - تعالى -: (وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور) [فاطر: 21].


أضف تعليق